لم يخيِّب «الإخوان» الظن بهم. عوّدونا على أنهم إذا تحدثوا عن «توافق» فإن هذا لا يعنى إلا أنهم يعدون للمزيد من الإرهاب، وإذا تحدثوا عن «مصالحة» فإنهم يستعدون للقتل والدمار، وإذا استخدموا لغة هادئة فلكى يعدوا المسرح لطلقات الرصاص وانفجارات القنابل! قبل يومين كنا نرى فاصلا من «الاستهبال» من جانب الإخوان وشركائهم فى «تحالف دعم الإرهاب»! وقفوا يتحدثون عما سموه «مبادرة» لحوار عميق ورغم أنهم تجاهلوا ذكر المعزول مرسى أو دستورهم الملغى، فإنهم تجاهلوا خريطة الطريق واستمروا فى وقاحة الحديث عن ثورة شعب مصر التى أطاحت بحكمهم الفاشى باعتبارها انقلابا عسكريا! فى اليوم التالى كنا أمام الترجمة الحقيقية لمبادرة الإخوان وشركائهم فى تحالف الإرهاب، تم اغتيال المقدم محمد مبروك الضابط المسؤول عن متابعة نشاط الإخوان، والذى أسهم مع زملائه فى الكشف عن خلاياهم المسؤولة عن الجرائم الأخيرة والقبض عليها. انضم الشهيد إلى أكثر من مئتى ضابط وجندى من رجال الشرطة سقطوا بعد ثورة 30 يونيو على يد المجرمين من تحالف دعم الإرهاب الذى ما زال يملك الوقاحة ليتحدث عن الديمققراطية، فيتصور أنه يمكن أن يخدع أحدًا بالحديث عن مصالحة مستحيلة مع القتلة والمجرمين. ظروف اغتيال الشهيد تعنى تصدع تحالف الإرهاب وتقلص قدرته على الحشد، واصطدامه بالجماهير فى كل مكان.. كل ذلك لم يُعِد العقل الغائب عن جماعات تلوثت أيديها بدماء المصريين، بل على العكس يدفعها إلى الطريق الذى تربت فيه منذ نشأتها على العنف والاغتيالات. ولا نعود هنا إلى تاريخ طويل من القتل وإراقة الدماء باسم الدين البرىء من هذا الإرهاب، ولا نعود إلى ما سمعناه من قيادات مهووسة بالعنف تهدد الشعب بأنهم يرون رؤوسًا قد أينعت وحان قِطافُها، وأن قتلاهم فى الجنة وشهداء المصريين الأبرار فى النار! يكفى أن نرى قتلة الأطفال يتباهون بجرائمهم، وأن نسمع زوجة الشاطر وهى تهدد علنًا رجال القضاء والشرطة بأن أطفالهم ليسوا فى أمان!! فى نفس الوقت، ومع عرض الاستهبال الذى يتحدث فيه القتلة عن المصالحة المزعومة، كنا نشهد فصلًا جديدًا من البجاحة التى لا تمثل لها. حين يظن الإخوان وشركاؤهم فى «تحالف دعم الإرهاب» أنهم سيحْيون ذكرى شهداء محمد محمود (!!) كأننا نسينا أنهم وصفوا هؤلاء الشهداء بأنهم مجرمون وبلطجية (!!) وأنهم هم- وليس حازم أبو إسماعيل- يتعاطون الترامادول (!!). وكأننا أيضا نسينا كيف وقف زعماء الإخوان فى مجلس الشعب الباطل يكيلون الاتهامات لشباب الثورة، ويقولون إن شرعية الميدان انتهت، وانتقلت إليهم وحدهم بعد أن سيطروا على البرلمان!! وكأننا لم نعد نذكر كيف جاؤوا بالميليشيات لتقف فى وجه شباب الثوار بحجة حماية نوابهم فى البرلمان الخائفين من مواجهة الشعب. وهى نفس الميليشيات التى ذهبت بعد ذلك لتمارس القتل والتعذيب على أسوار قصر «الاتحادية» وهى تهتف بأن رجالة مرسى فى الميدان، بينما الحسينى أبو ضيف وباقى الشهداء يسقطون برصاص الغدر الإخوانى!! بجاحة بلا حدود.. أن يتصور الإخوان وحلفاؤهم أنهم قادرون على خداع الناس مرة أخرى، أو أن الناس ستنسى الموقف المنحط الذى اتخذوه من شباب الثورة، وهم يشاركون فى قتله، ويتهمونه بالبلطجة والإجرام، ويقولون إنه «يستاهل» ما يحدث له، لأنه كان ما زال يحلم بالثورة ويرفض أن يستبدل استبدادا باستبداد آخر! ينس «الإخوان» أن 30 يونيو كانت فى أحد تجلياتها ثأرًا من كل هذه الجرائم التى كانوا شركاء أساسيين فيها حين انقلبوا على الثورة واستولوا على الحكم. يتصورون أنهم قادرون على خداع الناس مرة أخرى. يتوهمون أن جرائمهم يمكن أن تمر بدون حساب. لا يبصرون الحقيقة الأساسية بعد 30 يونيو، وهى أن من خان الثورة لا مكان له فى ميادين التحرير، وأن من تلوثت يداه بدماء المصريين لن يفلت أبدًا من العقاب. التحية لأرواح الشهداء، والعار لمن يتصورون أن الشعب سينسى خيانتهم، أو يتسامح مع إرهابهم، أو ينخدع بتجارتهم بالدين الحنيف!!