ماذا يحدث فى لجنة الخمسين؟ .. وماذا جرى للجنة التى تفاءل الناس كثيرا بها من أنها ستكتب دستورا جديدا يليق بالشعب المصرى الذى خرج فى ثورتين من أجل الحرية والكرامة والعدالة.. والحكم الديمقراطى. .. هذا الشعب الذى وقف ضد استبداد مبارك ودستوره الذى كان يلعب به من أجل توريث ابنه السلطة. .. وهذا الشعب الذى وقف ضد فاشية الإخوان وحلفائهم من تجار الدين والذين وضعوا دستورا طائفيا من أجل السيطرة والتمكين. .. وقد حافظ كل من السلطتين.. سلطة مبارك وسلطة الإخوان على مجلس الشورى من أجل منح الحصانة والمكافآت لرجالهم. .. ولم يقدم مجلس الشورى فى عهد مبارك أى شىء لصالح البلد، اللهم إلا نزف ميزانية الدولة.. من أجل الحفاظ على فساد رموز النظام ومنحهم الحصانة وراجعوا أسماء أعضاء الشورى فى عهد مبارك. .. ولم يقدم مجل الشورى فى عهد الإخوان شيئا إلا تقديم رئاسته لأحمد فهمى صهر محمد مرسى وترضية عدد كبير من حلفائهم. .. فهو مجلس «عالة» على ميزانية الدولة. .. فهل يمكن لمثل هذا المجلس أن يستمر؟ .. وقد ألغته لجنة العشرة عندما أجرت تعديلاتها على دستور الإخوان. .. وفجأة تعلن لجنة الخمسين عن استنساخ مجلس الشورى تحت اسم مجلس الشيوخ. .. فهل هذا التغيير الذى طلبه الشعب؟ وهل وجود الشورى تحت اسم الشيوخ هو ذلك التغيير؟ .. أم أنهم يريدون أيضا أن يمنحوا المكافآت والحصانات لبعض الشخصيات على غرار الحزب الوطنى والإخوان. .. إن من المطالب الأساسية للشعب فى ثورتيه فى 25 يناير و30 يونيو إلغاء هذا المجلس بعد أن تبين فساده. .. وليس هناك حجة بأن هناك بعض الدول التى تعتمد على مجلسين فى تشكيل البرلمان.. فالتجربة أثبتت الفشل عندنا.. ويكفينا مجلس واحد. .. وكفى مجاملات على حساب الشعب وميزانية الدولة من أجل حماية حفنة من المقربين والفاسدين والمفسدين. .. إنه شىء غريب يحدث فعلا داخل لجنة الخمسين.. خصوصا فى ظل غياب الشفافية!! .. لقد استبشر الكثير بوجود شخصيات وطنية ضمن تشكيل اللجنة للخروج بدستور مدنى يؤسس لحياة ديمقراطية سليمة. لكن ما يحدث الآن لا يبشر بخير. .. فهناك صراع بين فئات مختلفة للوجود على صفحات الدستور.. وكأن مصالحهم لن تتحقق إلا بذكرهم فى الدستور. .. وكأن هناك داخل لجنة الخمسين مما لا يرغب فى عدم إغضاب أى فئة.. فيسعون إلى المجاملة على حساب حق الشعب فى دستور جديد يحقق الديمقراطية. .. كما تخضع اللجنة كما هو واضح، وفى غياب شفافيتها لابتزاز بعض الفئات والقوى السياسية للتغاضى عن أمور يجب أن ينص عليها الدستور من أجل الديمقراطية وحق الشعب فى حياة كريمة وعادلة.. وفى دستوره الذى ناضل من أجل سنوات طويلة ضد قوى الاستبداد والقهر. .. فالشعب يريد دستوره. .. والشعب هو مصدر السلطات. .. والشعب هو المعلم. .. والشعب هو صاحب ثورتى 25 يناير و30 يونيو. .. والشعب من حقه دستور يحقق الديمقراطية التى سعى من أجلها كثيرا وضحى بالدم من أجل تحقيقها. .. فلن يكون هناك دستور بالخضوع لابتزاز قوى. .. ولن يكون هناك دستور بمجاملة قوى أخرى.