«أساطير رجل الثلاثاء» رواية تاريخية بامتياز، فهى تحكى لنا أحداثا تاريخية يعرف أغلبنا وقوعها، لكنها أحداث تقع فى التاريخ الحديث، بل فى التاريخ المعاصر، فنحن ما زلنا نعايش نتائج هذه الأحداث ونتفاعل معها، يكفى أن نعرف أن هذه الرواية تقودنا إلى الأصول العائلية لأسامة بن لادن، وإلى طريقة وصوله إلى قمة السلطة فى تنظيم القاعدة، لتصبح هذه الرواية على درجة كبيرة من التشويق. وتفصيل المسألة أن هناك ثلاث قصص يحكيها لنا الراوى، بالتناوب فيما بينها، على مدار فترة طويلة قد تصل إلى نحو قرن من الزمان. بالتحديد من بداية القرن العشرين إلى نهايته. القصة الأولى هى قصة معاوية (محمد) الحضرموتى، الذى كان زعيما شابا لطائفة من المتمرّدين فى جنوب اليمن، وقد استمرت حركة التمرّد حتى تمكّن أحد أئمّة اليمن من القضاء عليها، فما كان من معاوية إلا أن هرب من شمال اليمن إلى المملكة العربية السعودية، حيث استقر فى مدينة جدة، ليعمل حمّالا فى مينائها، حتى تمكّن من جمع المال الكافى لشراء قطعة أرض، وبناء منزل عليها. كان تصدّيه للأعراب الذين حاولوا الاستيلاء على أرضه ومنزله، بحجة أنها أرضهم، هو بداية نفوذه الحقيقى بين عمّال الميناء، ثم بين رجال الأعمال فى جدة. إلا أن ثروته قد تضاعفت عشرات المرّات فى الطفرة التى حدثت فى منتصف السبعينيات، بفضل ارتفاع سعر برميل البترول. تمكّن الحضرموتى بفضل الثراء الفاحش من إرسال ابنه أسامة ذى العشرين ربيعا للدراسة فى لندن. استرجع فى هذا الصدد كتاب د.عبد الله الغذامى عن حكاية الحداثة فى المملكة السعودية. القصة الثانية هى قصة (أبو سعيد) المولود من أب فلسطينى وأم مصرية، أبو سعيد إلى أفغانستان فى ثمانينيات القرن العشرين، ويشارك رغم تقدّم العمر، فى تأسيس حركة طالبان، التى تحولت إلى جماعة المجاهدين، ثم اندمجت مع فرع مجاهدى بيشاور لتأسيس القاعدة. القصة الثالثة هى قصة الطالب أسامة ابن معاوية الحضرموتى الذى يدرس فى كلية الاقتصاد بلندن، وقد أرادت والدته أن تحميه من لندن ومن فتيات لندن، فأصرّت على إتمام زواجه من ابنة خاله قبل سفره. إلا أنه رغم وجود زوجته معه فى إنجلترا، يقع فى هوى الفتيات الإنجليزيات اللائى يجدن إغراء أمثاله من الشباب العربى الثرى. وحيث إنه يبدأ فى الانشغال بإدارة المكاتب التجارية التى أنشأها والده فى إنجلترا، فهو بين النساء والأعمال لن يتمكن من إنهاء دراسته الجامعية.