خبراء مياه: الاستثمارات الإسرائيلية متغلغلة فى البلدان الإفريقية دبلوماسيون: إسرائيل تسعى لمحاصرة مصر عبر بلدان حوض النيل برلمانيون: اجتماعات عاجلة لمناقشة تداعيات تحركات تل أبيب بالأرقام: 8 مليارات دولار استثمارات مصرية فى إفريقيا.. مقابل صفقات سلاح وشراكات اقتصادية وبترولية لصالح تل أبيب "ميزان القوى يرجح كفة إسرائيل فى إفريقيا"، هذا ما أجمع عليه عديد من الدبلوماسيين والمتخصصين فى الشأن الإفريقى، تعقيبًا على جولة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى دول حوض النيل، مؤكدين أن لقاء نتنياهو 7 رؤساء دول إفريقية فى اجتماع برئاسته فى أوغندا، يعبر عن مدى التغلغل الإسرائيلى فى إفريقيا، موضحين أن الصمت المصرى اتجاه تحركات تل أبيب فى القاهرة سيؤثر بالسلب على العلاقات بين مصر وبلدان حوض النيل.. وبدا من الواضح أن إسرائيل بدأت مرحلة جنى ثمار استراتيجيتها وخطتها فى إفريقيا، مستغلة مرحلة الجفاء والبعد التى عانت منها مصر خلال سنوات الرئيس الأسبق مبارك وفترات ما بعده من رؤساء.. اللعب على المكشوف قال الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى والموارد المائية الأسبق، إن تحركات إسرائيل فى دول إفريقيا خطيرة، "حضور 8 رؤساء دول إفريقية فى أوغنداء فى اجتماع برئاسة نتنياهو يؤكد مدى متانة وقوة العلاقات الإسرائيلية فى إفريقيا"، مضيفا أن العلاقات بين تل أبيب ودول حوض النيل لا تقتصر على التعاون الاقتصادى والاستثمارى فقط، إنما القضية أبعد إلى فكرة التعاون العسكرى والدخول فى صفقات سلاح مشتركة. قال الدكتور مغاورى شحاتة، خبير المياة الدولى ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، إن ميزان القوى بين مصر وإسرائيل فى إفريقيا يميل فى الوقت الراهن لصالح تل أبيب، لا سيما عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو للبلدان الإفريقية، مشيرا إلى أن دول إفريقيا تبحث عن مصلحتها فى المقام الأول، والبلدان الإفريقية تميل إلى الدول التى تمدها بالدعم العسكرى أكثر من المادى، وهو ما تقوم به إسرائيل مع أغلب بلدان القارة، تل أبيب"تلعب على المكشوف فى إفريقيا" وبدعم واضح من الدول الغربية. وأضاف شحاتة، أن زيارة نتنياهو الأخيرة لن تؤثر بالسلب أو الايجاب على سد النهضة، منوها أن سد النهضة يعمل بصورته الطبيعية وسيبدأ حجز المياه فعليا فى 2017، فالاستثمارات الإسرائيلية متغلغلة فى البلدان الافريقية، حيث تعتبر كيينا هى مزرعة الزهور الأولى فى إسرائيل، منوها أن البلدان العربية يجب أن تتدخل لضخ المزيد من الاستثمارات فى إفريقيا. محاصرة مصر قال السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن كل الدلائل تجعل كفة إسرائيل الأرجح فى إفريقيا، مشيرًا إلى أن إسرائيل وضعت استراتيجية فى التعامل مع بلدان إفريقيا منذ سنوات، وقامت بتنفيذها، وبدأت فى جنى ثمارها فى الوقت الراهن، وهو ما نراه فى مدى الحفاوة الإفريقية فى استقبال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، منوها إلى أن سنوات الجفاء والبعد والقطيعة من مصر لدى بلدان إفريقيا أثرت بدورها على منحى العلاقات، وهو ما استغلته تل أبيب بشكل واضح، ونجحت من خلال تلك الثغره فى التغلغل فى إسرائيل بشكل واضح ومضاعفة استثماراتها بها. وقال السفير أحمد أبو الخير، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن التغلغل الإسرائيلى فى إفريقيا بات واضحًا وظاهرًا للجميع، فإسرائيل بدأت تحاصر مصر عبر البوابة الإفريقية، وهو ما ظهر جليًا خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى الأخيرة لإفريقيا، منوها أن هناك لوبى إسرائيلى يضم بعض البلدان الإفريقية التى تربطها مصالح واسعة ومشتركة فى إفريقيا مثل كينيا، التى نجحت بمعاونة تل أبيب فى تعطيل قرار يتعلق بفلسطين، وفشلت البلدان العربية فى تمريره مؤخرًا. واستطرد أبو الخير، "موقفنا منيل بستين نيلة فى قضية سد النهضة، وفقدنا الاتصال بإفريقيا منذ أيام الرئيس مبارك ومن بعده مرسى، كما أن الحكومات السابقة عهدت إلى وزارة الرى وحدها بالقضية وتركتها لدى وزارة الخارجية رغم أنها ليست لها علاقة بالسياسة". تصعيد برلماني قال اللواء حاتم باشات، رئيس لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إنه سيعقد اجتماعًا عاجلًا مع أعضاء اللجنة، بمجرد عودته من السفر من اليونان فجر الأحد القادم، لمناقشة آثار وتداعيات زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى دول إفريقيا، منوها أن الاجتماع سيتطرق إلى الزيارة ونتائجها وانعكاساتها وتأثيرها المباشر وغير المباشر على مصر، قائلا "لا شك أن زيارة نتنياهو سيكون لها تأثير على مصر"، مضيفًا أنه تابع تفاصيل الزيارة وأجواء استقبال الدول الإفريقية لرئيس الوزراء الإسرائيلى والنتائج والقرارات المترتبة عليها رغم تواجده خارج البلاد. وأضاف باشات، أنه فى ضوء الاجتماع، المقرر انعقاده فى لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، سيتم إصدار قرارات تتعلق بتلك الزيارة، وسيكون لدينا موقف واضح فى هذا الأمر. وردًا على تساؤل "التحرير" حول ما إذا كانت تلك القرارات قد تؤثر على علاقة مصر ببعض البلدان الإفريقية، قائلا "على الإطلاق، سياستنا ثابتة وواضحة مع إفريقيا، لا نستعدى ذبابة أو نملة فى إفريقيا لأننا جميعا أشقاء" بالأرقام.. حجم الاستثمارات المصرية والإسرائيلية فى إفريقيا أظهرت المؤشرات والأرقام الصادرة من مراكز الأبحاث والدراسات وتصريحات المسئولين سواء فى مصر أو تل أبيب، حجم التفوق الإسرائيلى فى بلدان إفريقيا سواء على الجانب الاقتصادى أو الثقافى أو حتى على صعيد الجانب الاستراتيجى والعسكرى، وهو ما يظهر مدى حفاوة استقبال بلدان حوض النيل لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو. وتشير الدراسات، إلى أن هناك نحو 800 مليون نسمة يعيشون فى قارة إفريقيا وحدها، ويمثلون نحو 15% من سكان العالم، ورغم الموارد الهائلة للقارة السمراء، إلا أن غالبية شعوبها تعانى من المرض والفقر والجهل، فحسب تصريحات الرئيس السيسى، خلال منتدى التجارة والاستثمار فى القارة الإفريقية "إفريقيا 2016"، الذى انعقد بمدينة شرم الشيخ فى فبراير الماضى، أكد أن حجم استثمارات الشركات المصرية فى الأسواق الإفريقية بلغ أكثر من 8 مليارات دولار، وأسهمت فى خلق عشرات الآلاف من فرص العمل خاصة فى قطاعات التشييد والبنية التحتية، والطاقة، والتعدين، والزراعة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما وصل حجم التجارة مع الأفارقة إلى 5 مليارات دولار. وأعرب الرئيس السيسى آنذاك، فى أن تصب تلك الجهود بفعالية لصالح مضاعفة التجارة الإفريقية البينية التى لا تمثل حتى الآن سوى 12% فقط من حجم تجارة القارة مع العالم، فى الوقت الذى قال فيه علاء عمر، رئيس هيئة الاستثمار، فى تصريحاته فى نفس المنتدى أيضًا، أن حجم الاستثمارات الإفريقية فى مصر لم تصل إلى 2.8 مليار دولار، بينما حجم الاستثمارات المصرية فى إفريقيا تقارب ال7.8 مليار دولار، ومعظمها فى صناعة مواد البناء والأدوية والطاقة والزراعة. وكانت وزارة الاستثمارات قد أعلنت فى تصريحات سابقة لها، أنه طبقًا لتقرير (FDI Market Report) فإن حجم الاستثمارات المصرية فى إفريقيا يزيد على 7.9 مليار دولار خلال الفترة من يناير 2003 إلى ديسمبر 2015 موزعة على أكثر من 62 مشروعًا بحجم عمالة يزيد على 21 ألف عامل، وأكدت الوزارة أن قطاع التشييد ومواد البناء من أكثر القطاعات التى يستثمر بها رجال الأعمال المصريون فى إفريقيا بنحو 2.5 مليار دولار، ويليه قطاع الصناعات الكيماوية باستثمارات تقدر بنحو 2.2 مليار دولار. وعلى صعيد الاستثمارات الإسرائيلية فى إفريقيا، يمثل احتياطى البترول الذى اكتشفته شركة إسرائيلية فى الكونغو، يملكها دان جارتلر نحو 3 مليارات برميل نفط، وتستخرج الشركة 50 ألف برميل يوميًا، فيما يبلغ إنتاج الدولة النفطى 250 ألف برميل لليوم الواحد، كما أن 80% من أرباح عملية تدريب وتسليح الجيش الكونغولى، كانت حصة «كميسا» المقاتل السابق فى قوات مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإسرائيلية، وهى الصفقة التى شارك فيها أفيجدور ليبرلمان، وزير الخارجية الإسرائيلى المتشدد إلى جانب أن 790 مليون دولار، كانت قيمة صفقة سلاح بين إسرائيل وأنجولا، تمت فى الفترة من 1993 وحتى عام 2000، وهى الصفقة التى عرفت باسم «أنجولا جيت»، وكان عراب الصفقة رجل الأعمال الإسرائيلى أركادى جايدماك، كما أن 12% من احتياطى العالم من البترول الخام فى إفريقيا، كما تحتوى القارة على 10% من الاحتياطى العالمى فى الغاز الطبيعى، ورغم ذلك لا تزال غالبية الدول الإفريقية تعانى من أزمات طاقة، إلى جانب أن هناك 180 مليون دولار قيمة 36 سندًا اشترتها شركة «إفريقيا إسرائيل» الإسرائيلية من حكومة ناميبيا مقابل منحها ترخيصًا بالاستثمار فى مجال مناجم الماس عام 2004. وبلغت قيمة المساعدات التى قدمتها إسرائيل إلى إثيوبيا عام 1991، 35 مليون دولار عند تنفيذ «عملية شلومو»،التى تم خلالها نقل يهود إثيوبيا إلى إسرائيل، وكانت أديس أبابا طلبت تزويدها بالسلاح مقابل الصفقة، لكن انتهى الأمر بهذا المبلغ فقط. وكان نتنياهو قد شارك مساء الإثنين الماضى، خلال زيارته لأوغندا على هامش رحلته الإفريقية، فى قمة إقليمية مصغرة حول الأمن والتصدى للإرهاب، مع رؤساء دول وحكومات كينيا، ورواندا، وإثيوبيا، وجنوب السودان، وزامبيا، وملاوى، وقد تعهدت تلك الدول ب"قبول إسرائيل دولة مراقبة لدى الاتحاد الإفريقى". يذكر أن إسرائيل كانت عضوًا مراقبًا فى منظمة الوحدة الإفريقية، حتى ٢٠٠٢ عندما حلت واستبدل بها الاتحاد الإفريقى.