يوم 3 أغسطس 2011، تحققت معجزة إلهية كبرى، فبعد معجزة يناير الساحرة، ونجاح ثورتنا المباركة فى التخلص من الديكتاتور، وهب الحق -سبحانه وتعالى- لأبناء هذا العصر العجيب، ولأول مرة فى تاريخ مصر الممتد على مدى سبعة آلاف سنة، وهب لهم القدرة على محاكمة الفرعون وعائلته ومعاونيه! صحيح حدث من قبل، عبر تاريخنا العريق، أن قتل المصريون الفرعون، ولكنها المرة الأولى التى يضعونه فى القفص، هو وابنيه وأعوانه، ويحاكمونهم جميعا، بحكم القانون العادل، ويستجوبون الطاغية كمواطن أخطأ فى حق الوطن، وفى حق المواطنين، ومن خلال هذه المحاكمة التاريخية سيتخلص المصريون من عصر الفراعنة إلى الأبد إن شاء الله. وهذه المعجزة الإلهية الكبرى، ستكتب بحروف من نور فى كتب التاريخ المصرى والعربى بل والعالمى، كما ستحفر فى ذاكرتنا جميعا، ونحن نردد قول المولى عز وجل: «قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شىء قدير». (آل عمران 26). فمن كان يصدق أن حسنى مبارك بكل جبروته، الذى كان يحرك البلد كله، بحركة صغيرة من إصبعه، هذا الرجل نفسه يدخل إلى قفص الاتهام، وهو ممدد على سرير طبى، حتى تتم محاكمته على جرائمه فى حق شعبه! فكم صبر شعبنا الحليم على هذا الرجل! فإذا نظرنا إلى ثلاثين عاما كاملة من حكم مبارك، وتساءلنا: كم فرصة عرضت عليه لكى يخفف عن شعبه الصبور بعضا من معاناته؟! وكم مرة كان يمكن له أن يقف إلى جوار شعبه ويكسبه إلى صفه، فيتخلص من هذا المصير الأسود؟! لكنها إرادة الحق -سبحانه وتعالى- فلم يدرك المتأله حقيقة شعبه، ولم يدرك حدود صبر الناس عليه وعلى أسرته، وفى هذه اللحظة أتذكر كلمات قالها مبارك فى التليفزيون بعد سقوط بغداد، إذ قال: «صدام حسين لو كان عادل شوية كان زمانه قاعد!» هكذا كل الحكام، يتحدثون عن الآخرين باعتبارهم مختلفين تماما عنهم، فكل منهم يتصور أنه يُدرك ما لا يُدركه الآخرون، بينما يتصرفون تجاه شعوبهم، فى ذات الوقت، بمنتهى الحماقة! ولعل آية هذا العصر، تتجلى فى قوله تعالى: «وتلك الأيام نُداولها بين الناس» (آل عمران 140) فمن هذا الذى يأمن للحياة الدنيا، بعد كل هذا الذى شهدناه، ومن هذا الذى يغفل عن حكمة الله وقدرته؟! الحقيقة أن أكثر البشر لا يتعظون، ومن ثم لا بد من القصاص العادل من المجرمين والقتلة، فالحق -سبحانه وتعالى- يقول لنا: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون» (البقرة 179). وكما نحاكم مبارك وابنيه، ووزير داخليته ومساعديه، كذلك لا بد أن نحاكم الضباط الذين قاموا بالقتل بأيديهم، فثمة قناصة كانوا يقتلون الثوار بطلقات الرصاص الحى فى الرأس والقلب، فما يجب أبدا أن نغفل عن هؤلاء القتلة الملطخة أيديهم بدماء شهدائنا الأبرار.