"فوجئت الصحافة بهجمة بربرية تمثلت فى اقتحام مبنى النقابة في سابقة لم تحدث في تاريخ النقابة التى احتفلت منذ أيام باليوبيل الماسي لها، وأن هذا العدوان الذي استباح حقوق وحريات الصحفيين وقدسية النقابة، لا يمكن غسل عاره إلا بإقالة فورية لوزبر الداخلية الذي أمر قواته بمحاصرة النقابة بالمخالفة للمادة 70 من الدستور"، كان هذا جزء من بيان نقابة الصحفيين، ردًا على اقتحام قوات الأمن لمبنى النقابة، والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا من داخل النقابة. وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها صدامات بين النقابة والسلطات الحاكمة، فقد خاضت نقابة الصحفيين منذ تأسيسها عام 1941، عددًا من المعارك مع السلطة والحكومات، تعلق أغلبها بالحريات والحق في النشر وسن التشريعات المنظمة للعمل الصحفي والاحتجاج على التضييق على الحريات، انتهت جميعها بالانتصار للنقابة. المعركة الأولى: فترة التدريب دارت أول معارك النقابة حول نص قانون يجعل المعاشات تطبق على الصحفي بعد السنوات العشر الأولى، وتعتبر الصحفي تحت التمرين خلال هذه المدة الطويلة، وثار المحررون وأعدوا مشروع لائحة تخفض مدة التمرين من عشر سنوات إلى سنتين ورفع قيمة المكافأة من نصف شهر الى شهر كامل عن كل سنة ابتداءًا من أولى سنين الخدمة، وانتهت الأزمة بانتخاب محمود أبو الفتح بالتزكية أول نقيب للصحفيين، وتم انتخاب حافظ محمود كأول وكيل عام للنقابة والمحررين وتم الانتصار لحقوق المحررين. المعركة الثانية: تقييد حرية الصحافة وفي فبراير سنة 1942، أصدر أول مجلس منتخب في نقابة الصحفيين، قرارًا بالاحتجاج على تقييد حرية الصحافة، فلما تعذر نشر هذا الاحتجاج بفعل الرقابة على الصحف أعطيت نسخة منه إلى الدكتور محمد حسنين هيكل عضو مجلس الشيوخ فتلاها وسجلها في مضابط المجلس ونشرت في الصحف نقلًا عن المضابط. المعركة الثالثة: قيود النشر تصدت النقابة فى سنة 1951 لتعديلات قانونية تم طرحها على البرلمان بهدف وضع قيود على الصحافة والصحفيين على إثر هجمات وحملات صحفية على حكومة الوفد فتقدم استيفان باسيلي عضو الهيئة الوفدية وعضو مجلس النواب، بمشروع قانون لتغليظ عقوبات النشر في «قانون العقوبات».. ويحظر نشر أخبار السراي أو أحد أفراد الأسرة الملكية إلا بعد (ختم) من الديوان الملكي، نفاقًا للملك وحاشيته. واستطاعت الصحافة أن تنتصر لحريتها، ومن داخل مجلس النواب نفسه وقف النائب عزيز فهمي صارخا كيف تكون حكومة الوفد التي تنادى بالحريات معولا لهدم الحريات، وعقدت نقابة الصحفيين جمعية عمومية حضرها كل أصحاب الصحف ومحرروها للاحتجاج على هذه التعديلات التي تقدم بها باسيلي، وأصدرت الجمعية قرارا باحتجاب الصحف المصرية يومًا لتسجيل احتجاجها على التعديلات، واضطر باسيلي أمام ضغط الرأي العام وغضبة نقابة الصحفيين لسحب المشروع. المعركة الرابعة: معاهدة السلام في هذا التوقيت تحول رفض التطبيع إلى واحدة من أهم المعارك الوطنية لنقابة الصحفيين وشهدت النقابة أنشطة في هذا الاتجاه أثارت غضب الرئيس السادات، الذي سخر من لقاءات ومناقشات الصحفيين التي كانت تعج بها حديقة النقابة في المبنى القديم بمكانها الحالي، ووصفهم بأنهم أعضاء "حزب الحديقة". وبلغ غضب السادات، على نقابة الصحفيين ذروته عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى "نادي للصحفيين"، وقاد كامل زهيري الذي كان نقيبا للصحفيين في هذا الوقت حملة معارضة لقرار الرئيس السادات. وتحت ضغط الرفض لهذا القرار وتصاعد مظاهر احتجاجات الصحفيين، ومساندة قطاعات واسعة من الرأي العام ومؤسسات وقوى سياسية لموقف النقابة تراجع مخطط تحويل النقابة إلى ناد. وتم النص في قانون النقابة على "حظر كافة أشكال التطبيع المهني والشخصي والنقابي ومنع إقامة أية علاقات مع المؤسسات الإعلامية والجهات والأشخاص الإسرائيليين حتى يتم تحرير جميع الأراضي المحتلة واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتطلب الجمعية العمومية من أعضائها جميعا الالتزام الدقيق بقرارات عدم التطبيع وتكليف المجلس بوضع أسس المحاسبة والتأديب لمن يخالف القرار". المعركة الخامسة: القانون 1995 سئ السمعة معركة القانون 93 لسنة 1995 "القانون سئ السمعة"، امتدت لأكثر من عام وظلت خلاله الجمعية العمومية غير العادية التى انعقدت فى العاشر من يونيو سنة 1995 فى حالة انعقاد مستمر لمواجهة القانون 1993 لوضعه قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية ويؤدى إلى ترويع الصحفيين والذى اشتهر بقانون حماية الفساد، ووصفه الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل فى كلمته التى وجهها للجمعية العمومية بالجريمة وقال: « وأشهد آسفا أن وقائع إعداد هذا القانون كانت أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب، وأنه يعكس أزمة سلطة شاخت فى مواقعها "، وانتهت المعركة بصدور قانون 1996 الذي ضمن حقوق الجماعة الصحفية ومنها الحق في إصدار صحف الأفراد والشركات المساهمة. المعركة السادسة: إلغاء الحبس في قضايا النشر امتدت معركة الصحفيين للمطالبة بإلغاء الحبس فى قضايا النشر وإزالة القيود على الحريات الصحفية ونجح مجلس النقابة برئاسة النقيب جلال عارف، لأول مرة فى تاريخ النقابة، أن يعقد جلسة عادية للجمعية العمومية 2006 ويقود مظاهرة أمام مجلس الشعب يحضرها رموز وطنية وصحفية ونقابية، واحتجبت 26 صحيفة استجابة لقرار مجلس النقابة بالاحتجاب. وفى هذه الدورة أيضا رفض المجلس أى تدخل فى شئون الصحافة.