لا يمكن فهم ما كتبه رئيس تحرير الأهرام، محمد عبد الهادى علام، بعيدًا عن التوجه الذى يبدو أن الدولة ستتجه إليه قريبًا، فى قضية مقتل الطالب الإيطالى جوليو ريجينى. المقال الذى حمل عنوان "الدولة ولحظة الحقيقة فى قضية قتل ريجينى!" اعتبره البعض نقطة تحول فارقة فى تعامل الدولة مع القضية، تختلف بالتأكيد عن الأسلوب الذى تعاملت به الدولة مع القضية منذ بدايتها، فالأهرام التى تعامل باعتبارها لسان الدولة المصرية، كتب رئيس تحريرها بكل وضوح إن "الروايات الساذجة عن مقتل ريجينى أساءت إلى مصر داخليًا وخارجيًا، وقدمت للبعض مبررات للحكم على ما يجرى فى البلاد بأن شيئًا لم يتغير، وكأننا فى مرحلة ما قبل ثورة 25 يناير"، وحذر علام من تلك الطريقة فى التعامل مع هذه القضايا، واستشهد بطريقة التعامل مع قضية مقتل الشاب خالد سعيد، والتى كانت سببًا فى اندلاع ثورة يناير". أهمية المقال، غير أن كاتبه هو رئيس تحرير الأهرام، تأتى من أنه جاء قبل أيام من زيارة معلنة لوفد أمنى رفيع المستوى إلى إيطاليا، لعرض تفاصيل التحقيقات التى أجرتها مصر فى قضية ريجينى، وبدا واضحًا فى المقال قلق علام من التقارير التى ستخرج عن الجانب الإيطالى بعد هذا اللقاء، خاصة أن الجانب الإيطالى يتمسك بضرورة أن تقدم مصر أدلة وحقائق متماسكة تتعلق بالقضية. وفى المقال هاجم علام طريقة التعامل مع القضية منذ بدايتها، فكتب "عدم فهم بعض المسئولين قيمة الحقيقة، ناهيك عن أولوية حقوق الإنسان فى المجتمعات الأوروبية، يضع الدولة المصرية فى حرج وفى مأزق بالغ الخطورة، كما أن الترويج لروايات جديدة مثل اتهام ريجينى بالضلوع فى أنشطة تجسس دون تقديم أدلة قاطعة سيزيد الطين بلة، وهناك من يريد التغطية على أخطاء فردية بالتعامل (البارد) مع قضايا لا تحتمل الخفة أو التجاهل، وربما يكون مردود ما يجرى هو أننا بالفعل نعانى قلة الكفاءات وضعف المهنية". وطالب علام فى مقاله بمحاسبة المقصرين وبشكل مباشر كتب "نناشد الدولة التعامل بجدية تامة مع القضية وتقديم مرتكبى الجريمة إلى العدالة، والإعلان بشفافية عما تم التوصل إليه من حقائق لا لبس فيها أو استقالة المقصرين من المسئولين مسئولية مباشرة فى تلك الواقعة إنقاذًا لسمعة مصر ومكانتها ومصداقيتها دوليًا. فمن لا يقدرون خطورة الواقعة على العلاقات الثنائية مع إيطاليا، وحالة التحفز فى روما يدفعون بالوضع إلى أبواب قطع العلاقات الدبلوماسية بين إيطاليا ومصر فى وقت تهدد القضية مستقبل الحكومة الإيطالية نفسها التى أصبحت فى مهب الريح بسبب قضية ريجينى التى يتهم الرأى العام والبرلمان الحكومة بالتخاذل بشأنها". فى المقال أيضا انتقد علام، التعامل بخفة مع القضية، محذرًا بشكل واضح أن "الموقف (جد) لا يحتمل الخفة.. والدولة مطالبة بوقفة حقيقية حتى نستعيد سمعة مهددة!"