قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة للمحتجين إنه سيرجئ خططا لإعادة تطوير متنزه في اسطنبول حتى تصدر محكمة قرارا بشان المشروع متبنيا لهجة أكثر ميلا للمصالحة بعد أسبوعين من المظاهرات العارمة المناهضة للحكومة. وكرر أردوغان دعوته لمئات المحتجين المعتصمين في متنزه غازي بوسط اسطنبول الانسحاب منه لكن الأجواء في مخيم الاعتصام اتسمت بالتحدي حيث لا يزال المتظاهرون المتشددون يرددون هتافات تطالبه بالاستقالة. وارتفعت المؤشرات في أسواق المال استنادا إلى الآمال في أن ذلك الموقف سيكون مرضيا لأنصار البيئة الذين يعارضون البناء في المتنزه. لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان المحتجون الذين لديهم مجموعة كبيرة من الشكاوى من أردوغان سيعودون إلى ديارهم ويغادرون الميدان في ضوء المظاهرات الحاشدة التي يعتزم حزب العدالة والتنمية الحاكم تنظيمها في مطلع الأسبوع المقبل. وقال اردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الذي ينتمي له «مكثتم هنا كما شئتم وأوصلتم رسالتكم. اذا كانت رسالتكم بشأن متنزه غازي بتقسيم فإنها وصلت ويجري تقييمها». وأضاف «ارجوكم ارحلوا عن متنزه غازي الآن واذهبوا الى دياركم». والتعهد الذي قدمه أردوغان في اجتماع الليلة الماضية مع وفد من معارضيه يحمل دلالة رمزية إلى حد بعيد حيث أن الحكومة عليها التزام قانوني باحترام حكم المحكمة الذي سيصدر في دعوى قضائية اقامها ائتلاف للمدافعين عن البيئة في مسعى لوقف مشروع اعادة التطوير. لكن هذا التعهد يتعارض مع موقفه السابق الذي اتسم بالتحدي عندما هاجم المحتجين ووصفهم بأنهم «رعاع» وأصر على المضي قدما في خطط البناء في المتنزه المتاخم لميدان تقسيم. وقال حسين جليك نائب رئيس حزب التنمية والعدالة الحاكم «بالطبع الحكومة تحترم أحكام القضاء وملزمة بتنفيذها». «وإلى حين صدور حكم القضاء لن يكون هناك أي إجراء من أي نوع في متنزه غازي». وأدت حملة للشرطة ضد المحتجين في المتنزه قبل أسبوعين إلى موجة لم يسبق لها مثيل من الاحتجاجات ضد أردوغان وحزب العدالة والتنمية - وهو تجمع يضم قوى تنتمي لتيار الوسط وقوى دينية محافظة. وشارك في موجة الاحتجاج علمانيون وقوميون ومهنيون ونقابيون وطلاب. ولقي تركي عمره 26 عاما حتفه اليوم الجمعة متأثرا بجراح أصيب بها أثناء الاحتجاجات التي استمرت أياما في العاصمة أنقرة ليرتفع بذلك الى اربعة عدد القتلى الذين سقطوا في أعمال العنف في مدن مختلفة والتي أسفرت عن خمسة آلاف مصاب طبقا لبيانات اتحاد المهن الطبية التركي. واجتمع أردوغان الليلة الماضية بوفد يتألف في معظمه من ممثلين وفنانين لكنه ضم أيضا عضوين من ائتلاف «تضامن تقسيم» - الذي يضم الجماعات المشاركة في الاحتجاجات. ورحب أعضاء الوفد بما قالوا إنه وعد من أردوغان باحترام حكم المحكمة في الدعوى القضائية التي أقيمت ضد خطط لبناء بناء عسكرية على النمط العثماني في المتنزه. وجاء التعهد بالالتزام بحكم القضاء بعد عرض قدمه يوم الأربعاء بإجراء استفتاء على الخطط إذا أصدرت المحكمة حكما لصالح الحكومة. لكن طيفون كهرمان من تضامن تقسيم الذي شارك في الاجتماع قال للمحتجين في المتنزه من على منصة إنه لم تتم الاستجابة لمطالب أخرى من بينها الإفراج عن المحتجين المعتقلين. وقال كهرمان «وقفنا معا ووقفنا مرفوعي الهامة، قلنا لرئيس الوزراء إن كرامة الإنسان تم دهسها بالإفراط في استخدام العنف من جانب الشرطة، لكن الجمهور كان متشككا. وهتف رجل من وسط الحشود «جلستم أربع ساعات ولم تحصلوا على شيء»، وبدأ الحشد يردد هتافات تطالب الحكومة بالاستقالة. وقال اتئلاف تضامن تقسيم إنه سيتشاور مع الجماعات المختلفة المشاركة في الاحتجاج قبل أن يتخذ قرارا بشأن الرد. وقال أردوغان مرارا إنه يتعين على المحتجين الذين استعدوا على مدى أيام للتصدي لتدخل محتمل من قبل الشرطة مغادرة المتنزه. وقال جليك نائب رئيس حزب العدالة والتنمية «حكومتنا متسامحة جدا بالقدر الذي يصل اليه التسامح في النظام الديمقراطي لكنني لا اعتقد ان الحكومة ستترك المكان تحت الاحتلال طويلا». وأصاب قمع الشرطة في البداية للاحتجاجات حتى بعض أنصار أردوغان بصدمة وأثار انتقادا دوليا. وعبرت الولاياتالمتحدة عن قلقها من تقارير افادت بإفراط الشرطة في استخدام القوة بينما حذر الاتحاد الأوروبي من اتخاذ إجراءات قاسية ضد محتجين سلميين وحث أردوغان على تبني موقف «يسعى للوحدة والمصالحة».ولم تلق هذه التعليقات ترحيبا من أنقرة. وقال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو "تركيا ليست من الدول التي هي في حاجة إلى من يلقنها دروسا بأي شكل وفي أي موضوع ومن أي دولة أو أي مجموعة من الدول." وكان أردوغان الذي اتهم قوى أجنبية ووسائل إعلام عالمية ومضاربين في الأسواق بإذكاء الصراع ومحاولة تقويض اقتصاد البلاد قال في اجتماع آخر لحزب العدالة والتنمية يوم الجمعة إنه «سيطلع الأمة» على تفاصيل ما وصفه بأنه "لعبة تمارس مع تركيا. وقال في اشارة الى بعض التقارير الإعلامية عن الأحداث في تركيا إنها تصور الأمر «كما لو أن حريقا اشتعل في تركيا كلها.. كما لو أن تركيا كلها تنهار».