شهدت شاشات السينما المصرية في زمنها الجميل تألق أحد نجومها الكبار والذي أعطته لقب فتى الشاشة الأول لعدة سنوات، أنه الفنان الراحل "شكري سرحان" الذي نجح بموهبته الفنية في ترك بصمة خالدة بأفلامه المميزة. يوافق يومنا هذا 19 مارس ذكرى رحيل الفلاح المغلوب على أمره شكري سرحان في عام 1997 عن عمر يناهز 72 عام، وطوال تلك السنوات ترك للسينما تاريخًا حافلًا بالأفلام تعدى عددهم ال150 فيلم وحصد خلالهم الكثير من الجوائز المحلية والعربية ومع اختلاف أدواره اتفق جميعهم على تفرد موهبته المميزة، وفيما يلي استعراض لأهم معلومات عن الفتى الأول شكري سرحان وصولًا لخاتمته الدينية.. من عائلة مُحافظة ولد سرحان في 13 مارس عام 1925 في محافظة الشرقية، وأسرته متمسكة بالطابع الديني حيث عمل والده أستاذًا للغة العربية، ووالدته ربة منزل، وله 6 أشقاء اثنان منهم عملا في مجال الفن، وهما صلاح سرحان والثاني سامي سرحان، وعاشت الأسرة لفترة في قريتهم حتى حصل سرحان على شهادة الابتدائية، لتنتقل الأسرة بعدها إلى القاهرة، وأقاموا في حي السيدة زينب، والتحق الابن بمدرسة الإبراهيمية الثانوية، لكنه خلال تلك الفترة عشق ممارسة الكثير من الرياضات فكان بطلاً رياضيًا في المصارعة والملاكمة وكرة السلة، ولكنه اتجه بعدها إلى مجال التمثيل. رفض والده رفض والد سرحان، اتجاه ابنه للتمثيل، فعلى الرغم من نجاحه وتميزه في الفرق التمثيلية التي شارك بها في مدرسته الثانوية وحصوله على الكثير من الجوائز، إلا أنه أصر على موقفه وعنفه كثيرا حتى ترك البيت إلى أن اقتنع والده وسمح له بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية وكان أحد خريجي الدفعة الأولى من المعهد مع صلاح منصور، وفريد شوقي، وعبدالرحيم الزرقاني وحمدي غيث وتتلمذ على يد عميد المسرح زكي طليمات الذي ألحقه بمسرح الدولة، الذي كان يضم أكبر تجمع من ممثلي المسرح بعد انضمام فرقة يوسف وهبي لهم، وهو مامكنه من الاستعداد لتصوير أول أدوار البطولة له مع نعيمة عاكف من خلال فيلم لهاليبو عام 1949. طلب مرفوض لم يتخيل سرحان، ذلك الفتى الوسيم ومعشوق المراهقات، أن يتقدم لأحد فتيات عصره وترفضه، وهو ما صدمه عند التقدم للزواج من الفنانة القديرة سيدة المسرح العربي "سميحة أيوب" وهي الشابة الجميلة التى رفضته، لأنه لم يستعد للزواج بجدية، فقد أكدت فى أحد حوارتها: "في يوم جاءني الفنان الراحل شكري سرحان قائلا: أنا عايز أخطبك، فقلت له: اذهب إلى عائلتي، وبالفعل ذهب للقائهم، وكان معروفًا بأنه شاب جرىء، وقابلته والدتي وخالي اللذان أبلغاه بأن الرد هو الرفض، وبررا ذلك بأنه في مرحلة تكوين الذات"، واستمرت في رفضها غير مبالية لتوسط الكثيرين منهم أهم اصحابها الفنانة ماجدة الصباحي لإقناعها بقبول الزواج، لكنها فشلت وقررت الزواج من الفنان محسن سرحان التى انتهت علاقاتهما بالطلاق. سي السيد اتقن سرحان الكثير من الأدوار المختلفة مابين الشاب الطائش والفلاح المغلوب على أمره وهو ما يظهر للجمهور ضعف شخصيته، لكنه في الحقيقة كان رجل مصري شرقي أصيل بشخصية صارمة لا تعرف ليونة التصرف، فقد وصفته ملكة إغراء السينما المصرية والعربية الراحلة هند رستم قائلة: "هو طبعه كده، مصري بس مصري قوي، تقدر تقول مصري صعيدي، مصري بلدي، مصري"، وأضافت "كان أليط وتنك، ومعتز بنفسه لدرجه تنرفز"، وهو ما أكده ابنه السفير يحيى شكري سرحان،حيث أطلق على والده لقب "سي سيد"، فقد كان حازمًا في منزله، واحتفظ بطابع الجدية والالتزام مع أسرته بغير عنف ولم ينس حنان الأب فقد كان ليناً بغير ضعف، كما قال ابنه في أحد حوارته :"قوته كانت يحكمها العقل". وبالرغم من تلك الصرامة؛ إلا أنه وقع في الحب عدة مرات انتهى بعضهم بالزواج كزواجه للمرة الأولى من الراقصة "هيرمين" التى أحبها كثيرا ولكنهما انفصالا بعد عامين لاختلاف الطباع، ولكنه لم يقف عند تلك المرحلة حيث تزوج بعدها للمرة الثانية من خارج الوسط الفني من السيدة نيرمين عوف التي أنجبت له ابنين هما صلاح ويحيي. عاشق القرآن على الرغم أنه قضى أغلب سنوات حياته بين عدسات الكاميرات؛ إلا أن نهايته اختلفت كثيرا فقد ابتعد عن الأضواء منذ عام 1993 بعد تقديم آخر أفلامه "جدعان باب الشعرية" وحتى رحيله عام 1997، واتجه للاعتكاف في آخر أيامه وقراءة القرآن الكريم، حيث عرف بعشقه للقرآن وتعبده ولقب ب"عاشق القرآن"، ولم يكن هذا غريبًا عنه لأنه من أكثر الفنانين الحريصين على الالتزام بالمناسبات الدينية كتقديم الأضاحي وأداء فريضة الحج والعمرة.