وزير الداخلية يهنئ الفريق أول عبد المجيد صقر بالذكرى 51 لانتصارات أكتوبر| صور    أبو سنه: ضرورة توحيد الجهود العربية من أجل حماية البيئة    تعاون بين الري و«مصر الخير» لتوعية طلاب المدارس بأهمية حماية نهر النيل    انتخابات أمريكا 2024| آخر أخبار المرشحين مع تبقي 20 يومًا على الاقتراع    اغتيال السنوار.. نتنياهو: تمت تصفية من نفذ المذبحة الأكبر في تاريخنا.. ولكن الحرب لم تنته    الزمالك يعلن سداد مستحقات الغاني أتشيمبونج    «الوزير» يصدر قرارًا هامًا لتحفيز قائدي القطارات الملتزمين ومعاقبة المُقصرين    إحالة واقعة ضرب وتعذيب طفلة مكفولة لإحدى الأسر للنيابة العامة    إنجي علاء تشعل الجدل برسالة غامضة: ولاد الأصول عملة نادرة في زمن الدراما    غموض حول موقف فريتز من المشلركة أمام فرانكفورت بالدوري الألماني    البرلمان الألماني يوافق على تمديد مهمة الجيش في العراق    شهاب الأزهرى لقناة الناس: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    عاجل - مكتب نتنياهو: كلمة لرئيس وزراء الاحتلال الساعة 17:30 بتوقيت جرينتش    رئيس الوزراء: العلاقات المصرية الأفريقية تُمثل أولوية في السياسة الخارجية المصرية    جامعة دمنهور تواصل تدشين ندوات تثقيفية ضمن مبادرة "بداية" (صور)    العرض الأول بالعالم العربي لفيلم أثر الأشباح بمهرجان الجونة السينمائي    الأهلي يواصل سلسلة انتصاراته بالفوز علي مودرن سبورت في دوري الكرة النسائية    ما هو حكم تركيب الرموش والشعر "الاكستنشن" للزوج فقط ؟ أمين الفتوى يجيب لقناة الناس:. فيديو    أمين الفتوى لقناة الناس: بلاش تعمل نذر بأمور لا تستطيع فعلها (فيديو)    حملة 100 يوم صحة: تقديم أكثر من 122 مليون خدمة مجانية    إصابة 3 أشخاص في انقلاب عربتين من قطار بضائع بالبدرشين    تعيين مساعداً لوزير الشباب والرياضة لشئون الشركات والشراكات الاستثمارية    مرتدين زي الأزهر.. طلاب معهد أزهري في ضيافة قصر ثقافة العريش    «الضرائب»: بدء الإعداد لحزمة تسهيلات ثانية وإعلانها قريباً    زيلينسكي يحذر من مجيء جنود من كوريا الشمالية ويضغط لانضمام أوكرانيا للناتو    أبو شامة: القاهرة عاصمة الاستقرار بالمنطقة.. وإيران تحاول "تبييض صفحتها" أمام جيرانها    «زواج وعلاقات».. أفضل 3 أبراج تتوافق مع برج الدلو    محور بديل خزان أسوان.. نقلة نوعية في البنية التحتية المصرية -فيديو وصور    في أكتوبر.. أرخص 5 سيارات "أتوماتيك" زيرو بمصر    كازاخستان: لا ننوي الانضمام إلى مجموعة "بريكس" في المستقبل القريب    مهند مجدي يُوجه الشكر لرئيس جماعة العيون المغربية ويهديه درع الأهلي    هل تقبل الصلاة بالأظافر الصناعية أو الهارد جيل؟.. أمين الفتوى يجيب    أضف إلى معلوماتك الدينية.. هل إطالة الركوع في الصلاة أفضل أم السجود؟    رئيس الوزراء يفوض وزير الزراعة في مباشرة اختصاصاته بشأن الاتحاد العام للتعاونيات    «تعليم القاهرة» تعلن جداول امتحانات شهر أكتوبر لطلاب صفوف النقل    جدول حفلات أوبرا الإسكندرية لشهر نوفمبر 2024.. طرق الحجز وضوابط الحضور    البحيرة: ضبط 8 آلاف طن مواد بترولية بكفر الدوار    جامعة حلوان تطلق اليوم الرياضي للياقة البدنية بكلياتها لتعزيز قدرات الطلاب    "تعليم القاهرة" تعلن جداول اختبارات شهر أكتوبر    رئيس مصلحة الضرائب: تفعيل المقاصة المركزية للتسهيل علي الممولين وتشجيعهم    «بداية جديدة».. «البحوث الإسلامية»: بدء فعاليات دورة «تنمية المهارات الدعوية»    الإدارة العامة للمرور: ضبط 36186 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط 22 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    من هو الدكتور الطيب عباس الرئيس التنفيذي الجديد لمتحف الحضارة؟    آية سماحة تهاجم استخدام الكلاب في التجارب العلمية في الجامعات    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان ينعى وفاة الطالبة "أريج خالد" متطوعة أسوان    نقل الكهرباء توقع عقدًا مع «سيمنز» لتوسيع محطة محولات العميد بالإسكندرية    صلاح ثامنا في قائمة الأعلى أجرا خلال 2024    "سيب ابنك في حاله".. تعليق ناري من شوبير بشأن ما فعله ياسر ريان وتوقيع ابنه للزمالك    مستشار الرئيس للصحة: لم يكن هناك بديل أو مثيل لبعض الأدوية خلال الأيام الماضية    المشدد 6 سنوات وغرامة 100 ألف لتاجر الهيروين بالشرقية    عضو ب«الشيوخ»: مؤتمر الصحة والسكان منصة مهمة لتبادل الخبرات والأفكار    محافظ المنوفية يتفقد انتظام سير العمل بمستشفى الجراحات المتخصصة.. صور    «بداية جديدة».. توقع الكشف الطبي على 1301 حالة بكفر الشيخ    اتحاد الكرة: مكافأة خاصة للاعبي منتخب مصر.. وسنتأهل إلى كأس العالم    50 جنيهًا للواحدة.. قرارات هامة من التعليم بشأن صرف مستحقات معلمي الحصة    «الحوثي» تتوعد الولايات المتحدة وبريطانيا بعد الضربات الأخيرة على صنعاء وصعدة    رئيس جامعة القاهرة يوجه بسرعة إنجاز الأعمال بالمجمع الطبي للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لفّ وارجع تانى» محمود عبد الشكور
نشر في التحرير يوم 11 - 06 - 2013

قالها المخلوع ذات يوم لسائق سيارته التى هوجمت فى أديس أبابا، فأصبحت عبارة «لفّ وارجع تانى» شعارًا لما تبقى من عهد مبارك، عنها وحياتك، ثم أخذنا نلفّ ونرجع ونلف ونرجع فأصابنا الدوار، وحتى بعد ذهاب المخلوع، استمر اللف والرجوع مع مرسى، اللّى نْباتْ فيه نصبح فيه، المشكلات تدور حولنا مثل الدائرين حول الكراسى الموسيقية، إنها لا تفنى، ولا تُستحدث من العدم، ولكنها مثل الشمس، تختفى آخر النهار، لتعود من جديد فى اليوم التالى.
هل ذهب مبارك حقًّا أم نبتت له لحية وجماعة؟ زمان كان الكثيرون يقولون لك إنهم ليسوا أعضاء فى الحزب الوطنى بس بيحترموهم، ضع الإخوان مكان «الوطنى» ستجد نفس المعنى الانتهازى، مرسى وجماعته يفتعلون الأزمات ثم يعلنون نهايتها، وفى الأسبوع التالى نلفّ ونرجع تانى للأزمة، وربما بصورة أكبر وأخطر، حدث ذلك فى أزمة قانون السلطة القضائية، وفى مأساة سيناء المختطفة من الإرهابيين، وفى حكاية سد النهضة الإثيوبى، وفى أزمة السولار، وفى سقوط شرعية النظام كاملة بحكم «الدستورية» التاريخى بحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور.
كل الأزمات تتجدد بإصرار غريب، معركة عشوائية مع المثقفين، وتهديدات صريحة من محمد مرسى للإعلام والإعلاميين، وفضائح على الهواء مباشرة (راجع حوار الاتحادية بشأن سدّ النهضة)، فوضى قانونية ودستورية وتشريعية مثل الدائرة المحكمة، النشطاء الذين كانوا ضد نظام مبارك يطاردهم نظام مرسى، ويتهمهم تقريبًا بنفس الاتهامات، لم يعد باقيًا سوى أن يصفهم بالفلول وبقيادات الثورة المضادة، بعد أن كانوا بالأمس القريب يمثلون الثورة المصرية، مشكلة بعض النشطاء أنهم صدّقوا مرسى مع أنه النسخة المتأسلمة من حسنى مبارك.. لفّ يا سيدى وارجع تانى.
هذا أيضًا انطباع الناس العادية، هناك إحساس عام بأن فوضى أيام مبارك تطلّ برأسها مرة أخرى، ماحدش عارف حاجة، فى الصباح تدهشنى طوابير السيارات فى انتظار دورها أمام محطة البنزين، اختفت الطوابير لمدة 25 يومًا كما حسبها بالورقة والقلم أحد السائقين، ثم عادت كأنها قامت برحلة قصيرة إلى مكان قريب، فى المؤسسة الصحفية الكبيرة، داخل الأسانسير الخشبى الصغير، عامل المصعد يداعب عضو اللجنة النقابية: «فين يا عم معرض الموبايلات اللى قولتو عليه فى الانتخابات، ولّا هيّه وعود وخلاص؟!» العضو يرد: «هيّه يعنى جت علينا؟ مرسى قال ح يعمل نهضة وماشفناش إلا المشاكل.. لما ينفّذ مرسى النهضة، ح نعمل معرض الموبايلات».
فى المساء، عشرات المسرحيين يرفعون صور أشهر الممثلين، وأهم الأعمال الفنية القديمة والجديدة أمام الأوبرا، يهتفون بسقوط المرشد، يغنّون ويطبّلون، يحاربون القبح بالفن والجمال، يحتجّون على دعوات إلغاء فن الباليه، نائب سلفى طالب بذلك فى مجلس الشورى الموروث من زمن المخلوع، شاب اسكندرانى جاء من بلده للمشاركة والهتاف، يحكى لى عن فرقة المدينة المستقلة، عروضها المسرحية فى الشوارع، دوراتها التدريبية لهواة الفن، يحكى لى عن موقعة القائد إبراهيم ضد أنصار حازم أبو إسماعيل… الإسكندرية تقاوم الخفافيش.
فى الليل، ودون مقدمات، بائع الخضراوات فى السوق الكبير يهتف وهو ينادى على بضاعته: «إحنا بتوع التمرد»، أضحك، فيقول لى بصوت عالٍ ودون سابق معرفة: «والله العظيم مضيت إمبارح استمارة تمرد». فى الليل نفس الدائرة: طابور السولار، على يسار الطريق هذه المرة، تلفّ السيارات وترجع تانى. الناس تستيقظ كل صباح على مصيبة جديدة.
أما مصداقية مرسى فهى ماتتخيّرش عن مصداقية مبارك، أذكر أن المخلوع التقطت له صورة فى ألمانيا خلال العلاج، فقال الناس إنها فوتوشوب، مرسى قال إنه لم يفاوض مختطفى الجنود، فضحك المصريون غير مصدقين على «فيسبوك» و«تويتر»، تُرى ماذا يبقى إذا فقد الحاكم ونظامه مصداقيتهما؟
ذهب مبارك الذى تلاعب بالدستور والقانون على نطاق محدود، ليُولَد مبارك آخر يعصف بكل ما فى طريقه، محكمة القضاء الإدارى قالت إنه لم يكن من حق مرسى أن يصدر إعلانات دستورية، ولكنه فعلها متجاوزًا ترزية مبارك، بل إنه وصف إعلانه الباطل بأنه الحق الأبلج، حتى مؤتمرات مبارك التى يحضرها المصفِّقون والهتيفة لفّت ورجعت تانى، ذُهلت وأنا أشاهد ذلك المتحدث العجيب فى مؤتمر الجمعيات الأهلية، الرجل يقول أى كلام، يقرأ موضوعًا ركيكًا من موضوعات التعبير، مرسى يضحك والناس تصفق، ومطلوب من الإعلام أن يشاهد هذه المهازل، ولا ينطق بحرف، من أين يأتى هذا العبث؟ من الجهل واختيار مَن لا يصلحون حتى لإدارة أصغر قرية.
التليفزيون الرسمى يهلل ويطبل مثلما كان يفعل فى زمن مبارك، إنجازات وهمية، وشعارات كاذبة، لا ينقصنا إلا أغنية «وعشان كده إحنا اخترناه»، انقطاع المياه والكهرباء متواصل، فاصل ثم نعود. القروض على عينك يا تاجر، والتسديد ديون على أحفاد الأحفاد، الدولة تريد أموالًا، ورجال الأعمال طيبون، ولا ضرر من صعود أسماء جديدة قادمة من عالم البزنس الإسلامى، وطبعا لا بد من المشروعات العملاقة، هذه المرة فى إقليم قناة السويس، انسَ توشكى وركّز معى فى خط القناة، شىء يشغل الناس، ثم يستيقظون على مصيبة جديدة، لأننا نبدأ المشروعات أولًا، وندرسها بعد ذلك.
شالوا حسنى جابوا مرسى، الدوامة شغّالة، والغالب مستمر، وعلى المتضرر أن يتمرّد، وعلى الموالِس أن يحجز مقعده،إما بأن يعلن صراحة عن إخوانيته النائمة، وإما بأن ينضمّ إلى حزب «أنا مش إخوان بس باحترمهم»... لعنة أديس أبابا تطاردنا مثل اللزقة، هل كُتب علينا أن نلفّ ونرجع تانى بلا توقف مثل سيزيف أم أن هذا الليل له آخر؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.