«لن نرضخ لمجموعة من الرعاع واللصوص»، بتلك الكلمات واصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان تحديه للاحتجاجات التي امتدت لأكثر من مدينة تركية، واعتصام في ساحة تقسيم في مدينة اسطنبول، في الوقت الذي قررت فيه قوات الأمن أن تؤجل مواجهاتها مع المحتجين إلى الليل كي تكون بعيدة عن أعين الإعلام. وقال أردوجان في ثالث خطاب له منذ اندلاع الاحتجاجات، صباح أمس الاثنين: «المواطنون لهم حق أن يقوموا بالمظاهرات، ونحن كحكومة لدينا مسؤولية لحماية المظاهرات بشكل سلمي، ونحن مشغولون بحماية المظاهرات والمتظاهرين». مضيفا: «أليس من مهمة الشرطة أن تحمي مكتب رئيس الوزراء، سنقف صامدين للدفاع عن الأماكن التابعة للدولة». واستمر في إلقاء اللوم على حزب الشعب الجمهوري المعارض بأنه استغل حادثة اقتلاع الأشجار لإشعال الموقف، قائلا: «من لا يريدون هزيمة العدالة والتنمية عبر الصناديق يلجئون لتلك الوسائل الهمجية، ولن نرضخ لحفنة من اللصوص والرعاع والإرهابيين ومجموعات هامشية مدفوعة من الخارج». وكان رئيس الوزراء التركي قد استغرق في تلك التصريحات أيضا مساء أول من أمس، وقواته تقمع المتظاهرين ليلا، والتي قال فيها إنه «لن يستكمل مشروع بناء المركز التجاري، ولكنه سيبني مكانه مسجدا، وعلى الرعاع أن يعترضوا على إقامته إذا». وفي الوقت الذي دخلت فيه التظاهرات التركية يومها الرابع، كانت قوات الأمن قد اشتبكت ليلا مع المتظاهرين بالقرب من مكاتب الحرية والعدالة ومكتب رئيس الوزراء في مدينة إزمير وأنقرة واسطنبول. وظهرت على وسائل الإعلام مقر الحزب الإسلامي وهو مشتعل في إزمير، فيما غطى الجرافيتي المناهض لأردوجان جدران مكتبه بالقرب من مضيق البسفور، في الوقت الذي تحول فيه مسجد بالقرب من المكتب إلى مستشفى ميداني لمعالجة المصابين. أما وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو علق على التظاهرات التي استمرت أربعة أيام بالقول أن استمرار هذه التظاهرات لن يؤدي إلى أي مكسب، بل على العكس سيضر بسمعة بلادنا التي تحظى بالإعجاب في المنطقة والعالم. في الوقت الذي أثارت تصريحات أردوجان الأخيرة غضب المتظاهرين، أدت إلى رد فعل غير متوقع حتى على مستوى الصحف التركية المعروفة بموالاتها للحكومة حيث اتفقت على أن الحكومة أساءت التعامل مع الاحتجاجات. صحيفة يني شفق اليومية نشرت مقالا بعنوان «أي نوع من السلام هذا؟ أي قسوة هذه؟». وحذرت العديد من الصحف ذات التوجه الاسلامي حزب العدالة والتنمية من التصرف في الحديقة أو إقامة جسر آخر فوق مضيق البوسفور قد يؤدي إلى فقدان الإسلاميين السيطرة على المدينة التي يديرونها منذ عشرين عاما. وتساءلت الصحيفة كيف تسمح سلطة سياسية بأن تصل الأمور إلى هذا الحد؟ كيف تستخدم السياسية آلة للتحدي وتفعل ما يحلو لها؟ وإن كان هناك رد فعل شعبي فلماذا لا توقف الحكومة المشروع حتى وإن كان ذلك مؤقتا وتتحدث مع المحتجين؟ لماذا العند؟ ولماذا تتصف بهذه الوحشية والعنف البين؟. ومن جانبها وصفت صحيفة توداي زمان اليومية ذات الميول الإسلامية أن الحكومة ظهرت بأنها ليس لديها استعداد للإنصات. أما الصحف الليبرالية العلمانية ومنها صحيفة راديكال فوصف المتظاهرين بأنهم لم يلجؤوا إلى أي نوع من أعمال العنف ولم يفعلوا أكثر من الجلوس وترديد الشعارات، واختنقوا من الغازات المسيلة للدموع. وأضافت مستنكرة «إنهم ليسوا حشرات، بل هم مواطنون. ليسوا أعداء الشرطة، بل هم مواطنون يلزم تقديم الخدمات والأمن لهم. وللأسف لم تنظر الشرطة إلى المواطنين كأعداء فحسب، بل تعاملت معهم كحشرات ورشتهم بالغاز». وقالت صحيفة فاتان اليومية العلمانية قالت أن استخدام أي دولة للقوة ضد مواطنيها، فهذا في حد ذاته دليل على ضعفها وإجرامها.