ما شهدته تركيا في مطلع هذا الأسبوع من احتجاجات تهدف إلى الحفاظ على البيئة تحول إلى حالة من الغضب الوطني ضد ما يعتبره البعض استبداد من قبل حكومة أردوجان، هذا ما استهلت به صحيفة الجارديان البريطانية تقريرها. وقالت الصحيفة إن كان هذا هو المشهد المسيطر على الساحة السياسية التركية بعد أن اجتاحت الاحتجاجات عدة مدن بالتزامن مع الاشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين، في وسط مدينة اسطنبول، الذين نزلوا في بداية الأمر للاعتراض على مشروع تحويل أكبر حديقة في المدينة إلى مركز تجاري. وصفت الجارديان ما حدث بأنه من أكبر التحديات التي تواجها حكومة رئيس الوزراء، رجب طيب أردوجان، حيث نزل المتظاهرون إلى شوارع أنقرة، وأزمير، وبودروم والعديد من المدن الأخرى، بجانب اسطنبول للتعبير عن إحباطهم إزاء ما يعتبرونه تزايد استبداد الإدارة. الصحيفة البريطانية رأت أن حالة الغضب ضد الحكومة تزايدت بسبب النقص النسبي في التغطية الإعلامية لما يحدث في وسط اسطنبول، مما أثار تكهنات بأن حكومة أردوجان تعتمد على محطات التلفزيون الرئيسية لفرض التعتيم على المشاهد المؤسفة. ومن جانبها علقت وزارة الخارجية الأمريكية على الأحداث قائلة: «نحن نؤيد بالتأكيد الاحتجاجات السلمية على مستوى العالم، كما نفعل في هذه الحالة». كما طالب أعضاء البرلمان الأوروبي في بروكسل، الاتحاد الأوروبي لتخاذ موقف بشأن ما يحدث. كوراي جاليسكان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة البوسفور الذي شارك في التظاهرات قال «اليوم هو نقطة تحول بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، أردوجان سياسي مستبد للغاية، ولا يستمع إلى أي شخص بعد الآن، لكنه يحتاج إلى فهم أن تركيا ليست مملكة، ولا يمكن له أن يحكم من اسطنبول إلى أنقرة بنفسه فقط». بدأت الاحتجاجات في وقت متأخر من يوم الاثنين بعد قطع الأشجار لإفساح الطريق لبناء المشروع المثير للجدل الذي يضم مركز تسوق، وهو ما وصف بالحنين إلى الطراز العثماني وبناء نسخة طبق الأصل من ثكنة عسكرية قديمة. ومن جانبها أدانت منظمة العفو الدولية استخدام القوة المفرطة من قبل قوات الشرطة. الحركة الاحتجاجية المتنامية ترى أن الحديقة هي فقط البداية، حيث أنه تم إطلاق مشروع مبنى آخر، وبناء جسر يمتد على مضيق البوسفور، هذا الأسبوع، في ظل تجاهل أوردوجان لرفض الرأي العام. حيث صرح في وقت سابق «يمكن أن يفعلوا ما يريدون، لقد اتخذنا قرارنا، وسننفذه». كما دافع عن إعادة بناء الثكنات العثمانية باعتبارها احترام للتاريخ. فيما أعتبر المعارضون أن المشروع يدمر واحدة من آخر المساحات الخضراء في وسط اسطنبول من أجل الربح الخاص. الجارديان وصف احتجاجات الحفاظ على البيئة بأنها تظهر تصاعد وتيرة المظاهرات ضد رئيس الوزراء الذي لا يزال يتمتع بشعبية ويهيمن على السياسة الوطنية، ولكن ينظر إليه أنه استبدادي على نحو متزايد. وأوضحت أن الاحتجاجات الأخيرة غير معتادة حيث جمعت بين الصغار والكبار، اليمين واليسار، والقوميين الأتراك والأكراد. كما عبروا عن غضبهم من القضايا الأخرى من سياسة الحكومة. حركة احتلوا وول ستريت الأمريكية المعارضة أصدرت صباح أمس السبت، بيانا للتضامن مع الاحتجاجات التركية جاء فيه أن الأمر لا يتعلق فقط بالحديقة لكن المسألة أصبحت عن الديمقراطية. وما حدث كان من الممكن أن لا يحدث إذا لم تدمر الحكومة المباني الرئيسية والمنتزهات العامة لصالح المراكز التجارية والجوامع، وإذا لم تستخدم الشرطة القوة المفرطة، وإذا قامت وسائل الإعلام بتغطية الأحداث بصورة جيدة، وإذا كان هناك حماية حقيقية للأقليات الفكرية من قبل الحكومة. وفي أول ظهور والاشتباكات مازالت مشتعلة دعا أردوجان في مؤتمر صحفي صباح أمس السبت إلى وقف فوري للمظاهرات، وتعهد بالمضي قدما في خطط إعادة تنمية ميدان تقسيم بوسط اسطنبول معتبرا أن هذه القضية تستغل كمبرر لزيادة التوتر. وقال في كلمة أذاعها التلفزيون «كل أربعة أعوام نجري انتخابات وهذه الأمة تختار». الأحداث التي شهدتها تركيا على مدار اليومين الماضيين تتنافى مع ما صرح به أردوجان في حوار له مع إذاعة روسيا اليوم في سبتمبر من عام 2011 بعد اندلاع الثورة السورية أن "أي زعيم يقتل شعبه يفقد شرعيته". وأضاف أردوجان أمس موجها حديثه للمعارضين له «أولئك من لا يقبلون سياسات الحكومة بامكانهم التعبير عن رأيهم في إطار القانون والديمقراطية.. أطلب من المحتجين أن ينهوا على الفور مثل هذه التصرفات».