اتهموها بالضلوع في النكسة.. فقررت الاعتزال ولكن عبد الناصر أعادها للغناء بشروطها سقوطها على مسرح «أوليمبك» بباريس لم يثنيها عن استكمال مشروعها الوطني 3 فبراير 1975، ذلك التاريخ الذ مر عليه نحو 41 عامًا، هو ذكرى رحيل أهم موهبة فنية أنجبتها الأم المصرية، لقبوها بكوكب الشرق بأكمله، حولت كلمات على الأوراق إلى مشاعر وأنغام وحب، مازال العشاق يتغنون به حتى يومنا هذا، إنها الراحلة أم كلثوم، الخالدة في قلوب وعقول عشاقها. نكسة 1967، وقصيدة «خدرِيهم باللحن يا كوكب الشرق.. وصوغي من لحنك استسلاما»، وتسببها في ارتفاع أسعار الحشيش والمخدرات يوم حفلتها الشهرية، وحرص الإذاعة الإسرائيلية خلال الستينيات على إذاعة أغنية لأم كلثوم يوميا، كل هذة الأمور أصابت «كوكب الشرق» بحالة اكتئاب شديدة انزوت بسببها في «بدروم» فيلتها بمنطقة الزمالك، متشحة بالسواد، مقررة الاعتزال. لولا اتصالا هاتفيا من ديوان الرئاسة يدعوها للقاء الرئيس جمال عبد الناصر، استطاع من خلاله اقناع أم كلثوم بالعدول عن الاعتزال، والاستمرار في الغناء، ولكنها اشترطت أن تذهب كل أموال حفلاتها لمساعدة الجيش المصري على إعادة ترتيب صفوفه. فجابت الأرض شرقا وغربا، لتنظيم العديد من الحفلات الفنية في أبرز العواصم العربية والغربية، لشراء السلاح للجيش المصري، ولعل اتجاه أم كلثوم لهذا الخيار، قد نبع من الاتهامات المتكررة، بتسببها في خسارة حرب يونيو 1967، فأرادت أن تثبت لنفسها قبل أحدا غيرها، بالدور الإيجابي التي تلعبه. لم يثني سقوط "ابنة السبعون عاما" على أكبر مسارح فرنسا "أوليمبك" بباريس، حينما تشبث أحد الحاضرين بقدمها ليقبلها، خلال إحياءها حفلتين هناك، جمعت منهما نحو 212 ألف جنيه استرليني لصالح المجهود الحربي، عن استكمال الحفل، أو مشروعها الفني الوطني. وشهد هذا الحفل أيضا، موقف وطني لها وللإذاعي الكبير جلال معوض، حينما تحدث أثناء تقديمه للحفل عن تحرير فلسطين، واذ بصاحب المسرح "اليهودي" يعترض في حديثه لأم كلثوم على هذا الحديث، ولكنها هددته بإلغاء الحفل، وطالبت فرقتها بالاستعداد لمغادرة المسرح، فأسرع بالاعتذار لها، وأعاد جلال معوض نفس المقدمة في الحفل الثاني. وبذلت كوكب الشرق (اللقب الذي أطلقته سيدة من حيفا تدعى أم فؤاد، خلال حفلتها هناك في عام 1928، صعدت على المسرح لتحيي أم كلثوم، وقالت لها أنت كوكب الشرق بأكمله)، جهودا جبارة في توفير السلاح، وبث روح الحماس في المصريين بأغانيها الوطنية، ووصل الأمر إلى أنها أحيت حفلات على جبهات القتال للمرة الأولى، وقبلها تبرعت بمجوهراتها للمجهود الحربى، وغنت "إنا فدائيون، راجعين بقوة السلاح". الاتهامات التي كان يسوقها عدد من التيارات المعارضة للنظام الحاكم آنذاك، ضد أم كلثوم، كانت تتلخص في وجود دور لها بنكسة 1967، من خلال تخدير وإلهاء الشعب وصرفه في أمور الحب والعشق والغرام، في وقت لا يجب أن يعلو صوت على صوت المعركة وشحذ الهمم، وما عزّز من صحة هذا الاتهام، هو ارتفاع أسعار الحشيش والمخدرات يوم حفلتها الشهرية. وخلق هذا الاتهام حالة جدلية كبيرة، وصلت في بعض الأحيان إلى التراشق بالألفاظ وبالأيدي أيضا، حتى سجل الكاتب المصري محمود السعدني في كتابه "مسافر على الرصيف"، اشتباكه في جدال مع مجموعة يسارية "متطرفة"، كانت تحمّل أم كلثوم مسؤولية الغيبوبة التي يعيشها المصريون، بما ترسمه بأغانيها من واقع مخملي لا صلة له بالواقع البائس الذي يعيشونه، فاستحقت وصف الأفيون المخدر للشعب. وقال الشاعر أحمد شفيق كامل، معلقا على موقف أم كلثوم عقب النكسة: "رفعت بعد النكسة شعار الفن من أجل المجهود الحربى"، وقالت "لن يغفل لى جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة". وجابت أم كلثوم 4 محافظات في مصر إحياء حفلات لصالح إرادة تسليح الجيش، كان حفل دمنهور بمحافظة البحيرة أول هذه الحفلات، الذي أقيم في سرادق ضخم وحضره حوالي 3500 مستمع، دفعوا 39 ألف جنيه هي حصيلة هذا الحفل من بيع التذاكر، في حين كان أعلى إيراد لحفلات أم كلثوم في ذلك الوقت لا يتعدى 18 ألف جنيه، وسبائك من الذهب تبرع بها أهل البحيرة دعما للمجهود الحربي، بالإضافة إلى الشيكات التي وصلت في اليوم الثاني، من أهل البحيرة في اليوم التالي للحفل لتبلغ الحصيلة النهائية حوالي 80 ألف جنيه. وكان حفلها الثاني في محافظة الإسكندرية، يوم 31 أغسطس 1967، وبلغ إيراد هذا الحفل من تبرعات وخلافه 100 ألف جنيه، وأربعين كيلو جراما من الحلي قيمتها أكثر من 82 ألف دولار، قدمت لدعم المجهود الحربي. وحققت في حفلها بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية 125 ألف جنيه، وفي حفلها بمدينة طنطا بمحافظة الغربية حققت 283 ألف جنيه.