أصبح المشهد الإعلامي يخلو يومًا بعد يوم من الاختلاف، ليكون ساحة للرأي الواحد، وهو ما ظهر جليًا في انسحاب أصوات إعلامية مؤثرة، الواحد تلو الآخر، بداية من يسري فودة وريم ماجد وباسم يوسف، وصولًا إلى محمود سعد، الذي أعلن رحيله عن تقديم برنامج «آخر النهار»، على فضائية «النهار». لم يعد هناك مكان للأري الآخر، هكذا يرى هؤلاء الإعلاميون "المغضوب عليهم"، فاكتفى الكاتب والروائي علاء الأسواني بكتابة آرائه الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، والظهور فى الفضائيات الأجنبية، بعدما تردد على لسانه بأنه ممنوع من الظهور في الفضائيات المصرية. بعد تنقلات بين عدة قنوات، أعلن الإعلامي الساخر، باسم يوسف، توقفه عن تقديم «البرنامج»، قائلًا: «أنا اتبهدلت من وراء هذا البرنامج، من تشويش وتحقيق مع النائب العام، ورغم ذلك كنت أطلع كل أسبوع، وده مش مناخ يطلع منه برنامج كوميديا، إحنا جبنا آخرنا، وقف البرنامج هو انتصار للبرنامج، وأعتقد أن الرسالة وضحت». وبالمثل كان حال الإعلامي يسري فودة، الذي كان مذيعًا نجمًا في قناة «On TV»، ببرنامجه «آخر كلام»، انسحب تمامًا من المشهد الإعلامي بعد ثورة 30 يونيو، بعدما لعب دورًا بارزًا في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي، واستمر في تقديم برنامجه هذا لمدة خمس سنوات. كان آخر مقدمات يسري فودة النارية، في حلقة برنامجه بتاريخ 25 سبتمبر 2014، وكانت: «رمى حجرًا وأمعن ثم ولّى، ولم يترك دليلا أو محلا، وعاذ بما تبقى من حياءِ، وشكّل يومه ثم استقلا، وقال: أموت، لكن لست أحني على كتف الزمان الرأس ذلا، لأن الموت لوّن كل شئ، و ألقى بين أعظمنا عروقهْ، لأن اللون في دمنا ضبابٌ، لأننا نحن أخطأنا طريقهْ، لأن العمر يأتي عند يومِ و يعلن بين أيدينا مروقهْ، أرد إلى العيون شعاع أمسي، وألقي في حُميّاها بريقهْ، ومن جسدي النحيل أشد جسرًا لكل العابرين إلى الحقيقة، فيا وطني رأيتك في التقاء الرأس هلكٓى بالحوائط، رأيتك في عيون القطة الجوعى تغالط، رأيتك في اصفرار الماء في سلخ المشيمةْ، رأيتك في احمرار الأفق في وجه الحدود، رأيتك في انتشاري في السدود، رأيتك حين ينكشف الغطاء عن الصباح، ووجهك مستباح». الملاحظ أن أغلب الأصوات المنسحبة من المشهد الإعلامي، ممن شاركت بدور بارز في ثورة 25 يناير، وعارضت حكم الإخوان بشكل واضح وشديد، إلا أن آرائها في الأوضاع الحالية، جعلتهم في دائرة «المغضوب عليهم». محمود سعد يرحل عن «النهار» سعد خرج في برنامجه معلنًا تركه «النهار»، مشيرًا إلى أن الخبر الذي تم تداوله بالأمس ببعض المواقع الإخبارية بأنه لن يكمل مشواره مع القناة صحيح، وأوضح أن السبت المقبل سيكون آخر حلقاته في برنامجه "آخر النهار"، مضيفًا أنه تمتع بحرية كبيرة في القناة خلال الفترة السابقة، كما أن الإعلامى عمرو الكحكي العضو المنتدب لشبكة قنوات النهار، وأعضاء مجلس إدارة المجموعة وليد عبدالمنعم، ومالك القناة رجل الأعمال علاء الكحكي، تناقشوا معه لساعات حول أسباب ترك القناة ولم يذكر سبب. وتابع سعد: «علاء الكحكي تحمل ضغوطًا كثيرة في الفترة الأخيرة بسببي». مصادر ب«النهار»: انتقاداته اللاذعة السبب مصادر مطلعة داخل «النهار» أكدت أن رحيل سعد، يرجع إلى آرائه المعارضة لسياسات النظام الحالي، ورفض تغيير سياسته في البرنامج، ونشره تغريدات على حساب منسوب له على تويتر يستنكر فيها حال شباب الثورة المعتقلين. سعد كان قد نشر صورة لشباب ثورة يناير مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعلق عليها قائلًا: «أين هؤلاء الآن، شباب الثورة في الصورة منهم أحمد ماهر المعتقل، وأسماء محفوظ التي منعت من السفر، ومنهم من هاجر أو اعتزل السياسية». «بائع الفريسكا» و«الحجار».. آخر ضيوف «آخر النهار» استضاف سعد، أمس، الشاب يوسف السيد الراضي، الذي اشتهر إعلاميًا باسم «بائع الفريسكا»، ليحكي عن عمله في بيع «الفريسكا»، وأدائه عمله بمظهر غير معتاد عن البائعين، بعد أن تخطى الفيديو الخاص ببائع الفريسكا، الذي تم عرضه خلال برنامج «آخر النهار» الأسبوع الماضي، حاجز المليون و600 ألف مشاهدة. ومن المقرر أن يستضيف سعد في سهرة فنية خاصة، وليلة طرب جديدة، الفنان علي الحجار، اليوم الجمعة، ويغنى «الحجار» مجموعة من الأغانى الوطنية والدينية بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، إضافة إلى مقطوعات من أغانى الزمن الجميل، كما يتحدث عن آخر حفلاته الفنية. شائعات الرحيل.. شبح طارد سعد حتى أصبح حقيقة وكانت الشائعات قد لاحقت برنامج «آخر النهار» منذ فترات طويلة، كان آخرها فى 26 اكتوبر 2014، بعدما أصدرت فضائية "النهار" بياناً تؤكد فيه منعها ظهور من وصفتهم بمروجي الشائعات، اختفى الإعلامي محمود سعد من برنامجه "آخر النهار" وقدمه بدلاً منه الإعلامي خالد صلاح. أصدرت القناة بياناً أكدت فيه إجراء تعديلات جوهرية على خرائطها البرامجية، واتخاذ إجراءات فيما يخص إعداد وتقديم برامج الهواء، ومنع ظهور عدد من الضيوف الذين يروجون للشائعات ضد مصر ومستقبلها، وتسويق الاتهامات ضد البلاد أو الجيش بعد حادث سيناء. وأوضح البيان أن القناة لن تسمح بترويج المفاهيم السفيهة عبر ضيوفها لإضعاف معنويات الجيش المصري، أو هؤلاء الذين عمت ضمائرهم عن الإحساس بمشهد الحزن المصري على دماء شهداء الجيش في شمال سيناء، وبدلاً من أن تبكي عيونهم وضمائرهم راحوا يسخرون من الجيش أو يستدعون مشهد النكسة. وبعد صدور البيان فوجئ المشاهدون، باختفاء محمود سعد عن حلقة أمس السبت من برنامجه وظهور الإعلامي خالد صلاح بدلا منه. لكن بعض نشطاء ثورة 25 يناير أكدوا آئنذاك، أن سبب منع محمود سعد من الظهور يرجع لنشره فيديو وتغريدة يستنكر فيهما حال شباب الثورة المعتقلين، فيما زعم آخرون أن سبب المنع يعود لما سبق أن قاله سعد في برنامجه من أن مكافحة الإرهاب أهم من الصلاة، موضحاً أن مكافحة الإرهاب جهاد، والجهاد أهم من الصلاة. انتقادات سعد اللافت للنظر، أن سعد كان قد عارض وانتقد الكثير من المواقف للنظام الحالي والحكومة، وتناول الانتهاكات التي يرتكبها بعض أفراد الشرطة في حق المواطنين، قائلًا: «لو نستحمل بعض شوية، حضرات الضباط يا ريت تأجلوا موضوع الضرب شوية، لو تقعدوا 6 شهور بس من غير ضرب، من غير إهانة، الإهانة دي هتعمل غضب إحنا مش حمله في الوقت ده». أضاف سعد: «وفقًا للتقارير هناك 4 حالات تعذيب من الشرطة في أسبوع والنتيجة وفاة 3 أشخاص، وفي الشوارع كمان انتهاكات، لو إنت شايف الناس زبالة ومش طايقهم، متنزلش تشتغل في الشارع، لازم الظابط اللي يشتغل مع الناس في القسم يقدر يتعامل مع الناس، زيه زي موظف البنك اللي بيتعامل مع الناس بيختاروه بمواصفات خاصة». وتابع: «إذا كان قد جاز في يوم لك أن تظلم، فتذكر أن دوام الحال من المحال، وأقول للداخلية افتكروا إن الثورة قامت يوم 25 يناير، يوم عيد الشرطة.. إنتوا شايفين أخلاق الشعب مش كويسة، الحمد لله في هيئة بتتشكل للحفاظ على الأخلاق، مش عارفين هتعمل إيه بس أهي موجودة، لغاية ما نشوف الهيئة دي هتعمل إيه، نزلوا ظباط تعرف تشتغل مع الناس». استكمل: «وبعدين إيه حكاية الأدب اللي ظهرت عليكوا فجأة دي، وتقعدوا تقولوا لسانكوا طويل، الشعب المصري طول عمره ابن نكتة ودمه خفيف مش لسانه طويل، الموضوع ده لائق عليكم، عايزين تقرفوه ليه، وبعدين لو ظابط أخدنا قفا هكون محترم معاه إزاي، لحد إمتى هتفضلوا تدوا الناس على قفاهم؟». كما استنكر فى احدى الحلقات مؤخرا، واقعة عرض الإعلامي أحمد موسى، صورًا فاضحة نسبها للمخرج السينمائي والنائب البرلماني خالد يوسف، ببرنامجه «على مسئوليتي»، عبر فضائية «صدى البلد»؛ مؤكدًا إن ما حدث «مهزلة وكلام قذر». استطرد،«لو الناس مش عايزة حد من الإعلاميين يبقى متشفوش، ووقتها هيقعد في البيت، لأن ده خطر، والسكوت عن ما يحدث هيخلي المجتمع زي المهلبية، والسكوت معناه إنك كمواطن موافق، وكل واحد يخلي باله من لغلوغه، زي ما قال عمنا عادل إمام، مع إن عارف إن مبقاش حد يقدر يخلي باله من نفسه، في ظل ما نراه على الشاشات». تابع: «أنا مبقتش قادر أتفرج على التليفزيون خالص، الله يكون في عون الشعب، أنا رأيي إن الناس تقفل التليفزيون وتقعد الإعلاميين كلهم في البيت، مش عارف إنتوا بتتفرجوا ليه، نعلم إن بعد الثورات يحدث انفلات، بس دي فوضى وانفلات مبالغ فيه، عايزين نودي الناس فين تاني، إيه المطلوب تاني، كفايكم بقى، أي حد بقى بيقول أي حاجة عن أي حد على الهواء بدون أي قيود، بل أن بعض الناس كمان تتناقلها على أنها حقيقة». وأكد: «أنا أُقدر وأُثمن خالد يوسف، وكان رأيي أن لا يدافع عن نفسه في الإعلام أصلًا ويذهب إلى القضاء مباشرة، أعلم أنا كلٌ منا يؤخذ منه ويُرد عليه، ولكن ما يحدث في الشاشات الفضائية ما هو إلا فوضى، وما يحدث أيضًا ليس بصراع أشخاص، بل أكبر من ذلك، سيبك من الهرتلة اللي بنشوفها، وهناك قضاء سيُعطي كل حق حقه»، مؤكدًا أن «الإعلام مش حر، مفيش إعلام حر في أي حتة في العالم». فى حلقة أخرى قال سعد، «الإعلاميين بقوا ملطشة، وأنا منهم، والناس عندها حق، في هيصة جامدة جدًا، لأن المجتمعات المستقيمة ترفض اللغو، مع أنهم من الممكن أن يتابعوه، ولكن من باب التسالي وليس من باب الانبساط، وأي مواطن يستطيع ألا يشاهد أي إعلامي مزعج بالنسبة له، التليفزيون في قنوات كتير، أوعى تشوف حاجة مش عاجبك». وأضاف، «على أي موطن ألا يقبل أي شيء لا يُعجبه، ربنا خلق الناس أحرار، الحرية ليها مقاييس، والمواطن عليه أن يختار، الناس لازم تتعلم، والحياة لازم يكون فيها عدالة وحرية، عشان نعمل مجتمع كويس، والعدالة هي الحقوق، حقوق الإنسان اللي البعض بيهاجمها، حقك لازم تاخده، وحقوقنا لازم ناخدها منك».