لم تتغير سياسات الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، منذ توليه حقيبة الوزارة، بعد رحيل طلعت عفيفي، وعمل على إصدار العديد من القوانين؛ لحماية الوزارة من اختراق جماعة الإخوان والإسلام السياسي، سواء في المجال الدعوي أو على المنابر، وذهبت جميعها أدراج الرياح. إخضاع المساجد لسيطرة الوزارة أصدر مختار جمعة قرارًا بإخضاع جميع المنابر لسيطرة الوزارة، بعدما باتت مرتعًا خصبًا لنمو الأفكار الهدامة، وسط هيمنة من قبل بعض الجماعات وحركات الإسلام السياسي، إلا أن هناك فرق اشاسع بين عدد الأئمة والمساجد، حيث يبلغ عدد الأئمة والدعاة وفقًا للبيانات الرسمية للوزارة 60 ألف إمام وخطيب مقابل 120 ألف مسجد، فضلاً عن افتتاح عددًا من المساجد سنويًا، وهو ما يحول دون سيطرة الوزارة على المساجد. والأزمة الحقيقية تتعلق بملف التعيينات، واختار وزير الأوقاف الاستعانة بعدد من خطباء المكافأة، لا يتجاوز عددهم 10 آلاف خطيب؛ ليظهر أمام الجميع بأنه قام بتغطية العجز على خلاف الحقيقة، خاصة أن ال10 آلاف خطيب لا يتقاضون أجورهم بشكل منتظم؛ الأمر الذي جعل وجودهم بالمساجد "شكلي". وعندما تكشف وسائل الإعلام وقائع تؤكد عدم سيطرة الوزارة على المنابر، يرسل وزير الأوقاف لجنة لضم المسجد لعصمة الوزارة، تاركًا البعيدة عن الأضواء لقمة سهلة في قبضة الدعوة السلفية، التى تسيطر على 10 آلاف مسجد. قانون تنظيم الخطابة أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي مرارًا وتكرارًا على ضرورة تجديد الخطاب الديني؛ لمواجهة الأفكار الهدامة للجماعات التكفيرية، ولجأ الدكتور مختار جمعة إلى إصدار قانون تنظيم الخطابة. وفور صدور القانون، خرج معلقًا: "لا مكان للسلفيين على المنابر بعد اليوم"، مؤكدًا أن اعتلاء المنبر يقتصر على الأزهريين المعينين بالوزارة والمؤسسات الدينية، إلا أن القرار كان بمثابة "شو إعلامي". وانفردت "التحرير" بكشف تفاصيل الصفقة التي أبرمت بين الوزارة والسلفيين، وعلى إثرها لم يأت القرار بأي ثمار، فمازال شيوخ السلفية على المنابر دون محاسبة، ولم يحصل على تصاريح خطابة من مشايخ السلفية سوى الدكتور ياسر برهامي. تفعيل الضبطية القضائية يتمتع عدد من مفتشي وزارة الأوقاف بالضبطية القضائية منذ عدة سنوات، إلا أن مختار جمعة، وزير الأوقاف، بحث جاهدًا مع وزارة العدل خلال الشهور الماضية؛ للحصول على 100 ضبطية قضائية جديدة، ونجح في الحصول على الموافقة، غير أن الضبطية القضائية كغيرها من القرارات، مازالت حبيسة أدراج الوزارة، ولم تفعل على أرض الواقع. والواقعة الوحيدة التي قامت بها الوزارة تفعيلاً للضبطية القضائية، هي تحرير جابر طايع، وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة، محضرًا ضد الدكتور ياسر برهامي بمسجد التوحيد بالمقطم، بينما لا توجد دعوى قضائية واحدة عن طريق الضبطية القضائية لمفتشي الأوقاف. ضم معاهد إعداد الدعاة لرقابة الوزارة تعد المعاهد الإسلامية المحور الرئيسي لجماعات الإسلام السياسي، خاصة السلفية، التي تملك 12 معهدًا دون رقابة من الأزهر أو الأوقاف. ونتيجة لنمو الأفكار المتطرفة، قرر وزير الأوقاف إخضاع جميع المعاهد الخاصة بإعداد الدعاة لرقابتها، وكلفت المديريات بإرسال تقارير حول عددها الذى وصل إلى 67 معهدًا، في حين أن الوزارة نفسها لا تملك سوى 19 معهدًا، ولم يكن الأمر سوى قرار صدر دون أي إجراء حقيقي على أرض الواقع. غلق الزوايا نتيجة لعدم قدرة الوزارة على تغطية جميع منابر الجمهورية في صلاة الجمعة، قررت الوزارة منع إقامة شعائر صلاة الجمعة في الزوايا التي تقل مساحتها عن 85 مترًا، وحصلت على حكم من محكمة القضاء الإداري يؤيد قرارها. وأكد الشيخ محمد عبد الرازق، رئيس القطاع الديني، أن عدد الزوايا المسجلة رسميًا يبلغ 21 ألف زواية، بينما تزيد الغير رسمية عن المسجلة، بأكثر من 40 ألف زاوية، مقابل عدد قليل من المفتشين ليتساوى القرار والعدم على حد سواء. الخطبة الموحدة شهدت الشهور الماضية حالة من الإفراط في استخدام المنابر للترويج للأفكار الهدامة والتحريض على الدولة ومؤسساتها، فقرر وزير الأوقاف توحيد خطبة الجمعة على جميع مساجد الجمهورية، إلا أن عدم سيطرة الوزارة على المنابر حكم على القرار بالفشل. في الوقت نفسه، يرى عدد من الأئمة بالقرى، أنه من الأصلح تناول قضية شائكة تهم جموع المصلين بهذه القرى؛ باعتبار المشاكل المجتمعية تختلف من منطقة لأخرى. ترجمة خطبة الجمعة بالإنجليزية رغم فشل نظام الخطبة الموحدة، قررت وزارة الأوقاف مؤخرًا ترجمة الخطبة بالإنجليزية، إلا أن الواقع من خلال متابعة ثلاث خطب على صدور القرار، لم تترجم واحدة منها حتى بالمناطق التي يقطنها أجانب. إنشاء أكاديمية لتدريب الأئمة والدعاة أصدر الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، قرارًا بإنشاء أكاديمية لتدريب الأئمة والدعاة؛ باعتبارهم العمود الفقري بملف تجديد الخطاب الديني. في المقابل، أكد الشيخ محمد البسطويسي، نقيب الأئمة والدعاة المستقلين، في تصريحات خاصة ل"التحرير"، أن الأئمة والدعاة غير مؤهلين لممارسة عملهم بالشكل المطلوب. كادر الأئمة والدعاة الأوضاع السيئة التى يعيشها ما يزيد عن 60 ألف إمام وخطيب، خاصة تدني مستواهم المالي، دفعتهم إلى توجيه العديد من سهام الغضب في صدر جمعة. ووصل الأمر إلى التهديد بالإضراب عن العمل، فأمر الوزير بصرف الكادر، إلا أن الموافقة التي حصلت عليها الوزارة رسميًا من مجلس الوزارة، نصت على رفع بدل الأئمة إلى نظام مكافأة ب100 جنيه مع معيار الكفاءة والتميز، فأصبح نظام الكادر في مهب الريح، فضلاً عن فتح باب المحسوبية. تجديد الخطاب الديني قضية تجديد الخطاب الدينى تعد الوهم الكبير الذي تاجرت به جميع مؤسسات الدولة الدينية، وفي مقدمتها الأزهر الشريف، وتعامل الجميع مع القضية وكأنها حرب تصريحات، فعندما يخرج تصريح للمشيخة سواء برفض أعمال العنف والإرهاب، تصدر الأوقاف بيانًا مماثلاً، ,وعندما تعلن المشيخة عن مؤتمر لتجديد الخطاب الديني فخلال ساعات محدودة، تقرر وزارة الأوقاف عقد مؤتمر في هذا الصدد، دون رؤية حقيقية من الطرفين.