أحداث بورسعيد كانت نقلة في مسيرته في مصر.. وأصبحت قضية شخصية بالنسبة له مزيج من التعاطف والشجاعة والعزيمة الحديدية هو ما يحرك برادلي.. واقترب بمصر من تحقيق حلم المونديال المدير الفني الأمريكي: كأس العالم هو الشيء الوحيد الناقص في مسيرة أبو تريكة وشعرت بأهمية وجود لاعب مخضرم مثله لن نسمح لأي شيء أن يعرقل طريقنا أو يشتت تركيزنا بعيدا عن الحلم لم يكن بوب برادي يبحث عن مغامرة بقدر ما كان يبثح عن عمل بعدما تمت إقالته من تدريب الفريق الوطني الأمريكي الأول لكرة القدم قبل عامين، لكنه في مصر وجد الاثنين معا، تقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، التي كتبت تقول في تقرير مطول لها أن المدير الفني للمنتخب المصري عندما وصل مصر في خريف العام 2011، كان البلد يترنح بين الثورة والتمرد، على حد قولها. فقد كان ما يسمى بالربيع العربي قد أطاح بالفعل بالرئيس حسني مبارك، وبعد أن بدأ برادلي عمله بخمس شهور وقعت أعمال شغب مميتة في أحد مباريات الدوري المصري، قتل فيها 74 شخصا. ربما لم يكن ذلك أفضل توقيت لأي عمل يتعلق بكرة القدم في مصر، فقد توقف الدوري مرتين بسبب العنف، مما ترك اللاعبين من دون الحصول على رواتب أو فرصة اللعب في مكان آخر. وعندما رفضت الحكومة أن توفر قدرا مناسبا من الأمن، اضطر المنتخب الذي يقوده برادلي إلى لعب أول مباراة له بالتفصيات المؤهلة لمونديال كأس العالم في ستاد عسكري خال من الجمهور. ومع هذا، أو ربما بسبب كل هذا، نجح برادلي في أن يصل بمصر إلى الجولة النهائية للتأهل للمونديال، الذي لم تشارك به مصر سوى مرتين، منذ أول مشاركة لها عام 1930. يقول برادلي للتايمز: «في هذه الظروف الصعبة كنا قادرين على بناء شيء، وهو الثقة وتفهم للفرصة التي كانت أمامنا وكان علينا أن نحاول أن نحقق شيئا خاصا خلال تلك الفترة في البلد، عندما كان كل شيئ، بأمانة، صعبا للغاية». ويضيف: «عندما يدخل فريق وطني إلى أرض الملعب فإنك تكون بحاجة إلى أن تتأكد من أن الناس ينظرون إلى الملعب ويشعرون بالفخر. هم يشعرون بأنهم جزء منه، وأعتقد أن هذا بالتأكيد يناسب الوضع والتحديات التي نراها هنا». وعلى قدر ما يبدو استمرار نشاط كرة القدم في مصر مدهشا، فإن المفاجأة الكبرى مع هذا، بحسب التايمز، أن برادلي أصبح منقذ الكرة المصرية، لقد تعرض لانتقادات بوصفه مدربا يشبه الروبوت ويفتقر إلى الإبداع بل فاتر الإحساس عندما كان يقود المنتخب الأمريكي خلال الدور الثاني من منافسات كأس العام 2010، لكن الآن، يصر الكثيرون في مصر على أن برادلي أنقذ فريقهم بإبداعه وإحساسه وقوة إرادته. وتشير الصحيفة إلى الشعبية التي حصل عليها برادلي بعد أحداث مباراة الأهلي والمصري في بورسعيد في فبراير 2012، التي وصفها المدير الفني الأمريكي ب«المذبحة» حيث انضم هو وزوجته، ليندسي، للآلاف الذين احتشدوا في ميدان سفنكس تكريما للشهداء وتحدث مع أقاربهم، وتبرعا في صمت لصالح الناجين. كما أنهما ساهما في حشد الدعم لصالح مستشفى سرطان الأطفال التي تبرعا لها بالمال كذلك وزاراء أيضا أسر ضحايا قطار أسيوط في نوفمبر الماضي. وتلفت التايمز إلى أن كل ذلك أكسب برادلي تعاطفا شعبيا، لدرجة أن الناقد الرياضي المعروف حسن المستكاوي منح برادلي إشادة كبيرة عندما قال عنه «إنه مصري». كانت أحداث بورسعيد بمثابة النقلة في مسيرة برادلي في مصر، بحسب التايمز، وأصبحت بمثابة قضية شخصية بالنسبة له، لأن الكثير من لاعبي المنتخب المصري كانوا يلعبون هذه المباراة ويقول برادلي إن «اللاعبين مروا بأشياء ستعيش معهم لبقية حياتهم..كان هناك مشجعون استخدموا غرفة خلع الملابس كمنطقة إسعافات أولية. وكان هناك مشعجون صغار ماتوا في غرفة خلع الملابس». وتقول «التايمز» إن أحدا لم يتأثر بالمذبحة مثلما تأثر لاعب الوسط محمد أبو تريكة، الذي مات مشجع في ال 14 من العمر على يديه في غرفة خلع الملابس، وهو واحد من أبرز نجوم الكرة المصريين الذي اضطر برادلي أن يبقيه في حساباته وهو في ال34 من العمر. يقول: «عندما التقيت أبو تريكة أول الأمر وسط كل الصعوبات، كان واضحا جدا ما يعنيه له أن يحصل على فرصة أخرى للمشاركة في كأس العالم.. رغم كل ما حققه في مسيرته الكروية كان هناك شيء واحد لم يتحقق. ومن هذه اللحظة فصاعدا، شعرت بقوة أن وجود لاعب مخضرم بمثل هذا الالتزام سيكون شيئا مهما لهذه المجموعة». وتلفت التايمز، إلى إنه قبل أسبوعين، كافأ أبو تريكة مدربه بتسجيله ضربة جزاء أمام زيمبابوي لتخطف مصر الفوز في آخر دقيقتين من عمر اللقاء. وتشير الصحيفة إلى التحديات التي واجهت برادلي وفريقه، الذين يلعب معظم أفراده في الدوري المصري وغير معروفين كثيرا خارج مصر، لافتا إلى جهوده للحفاظ على لياقة الفريق رغم توقف مسابقة الدوري. ويقول المدير الفني للمنتخب الوطني إنه «في أي فريق وطني تحاول أن تؤسس لما يعنيه أن تكون جزءا من هذا الفريق وما يعنيه من تكريم.. الجميع في مصر لديه حلم الوصول إلى كأس العالم، والآن لدينا مسؤولية حقيقية ولدينا فرصة لعمل شيء سوف يعتبره الجميع أمرا يتمتع بخصوصية شديدة، ولن ندع الأحداث الخارجية تشتتنا بعيدا عن هذه الفكرة». ويضيف برادلي أن لعب أول مبارة في التصفيات داخل مصر وأمام 86 ألف مقعد شاغر كان أمرا صعبا و«هو إحساس غريب جدا. مباراة من دون جمهور هي مباراة بلا روح. واللعب أمام جمهور مهتم ولديه حماسة لا تصدق لفريقها هو ما يحرك لعبتنا». إن مزيجا من التعاطف والشجاعة والعزيمة الحديدية هو ما يحرك برادلي، الذي يحيط به الناس متى ظهر لهم وقد تعلم بعض الكلمات العربية مثل «كأس العالم». التحديات مستمرة بصفة يومية في مصر، وأزمات الوقود وتدهور الاقتصاد وتراجع احتياطيات المواد الغذائية الأساسية، لكن هناك تحديات تطال برادلي هو الآخر، فقد استقال جميع أعضاء اتحاد الكرة الذين اختاروه، لكن المصريين يجدون الأمل في نجاح المنتخب الوطني، بحسب التايمز. يقول برادلي: «أكثر من أي شيء آخر، أواجه السؤال لماذا أنا مستمر هنا؟»..هي أشياء كثيرة لا يمكنك التحكم بها. لكننا نستطيع أن نتحكم بما نحن بصدد تحقيقه وسط كل شيء، لن نترك أي شيء من هذا يعترض طريقنا. ومن ثم فالإجابة على هذا السؤال هي لأنني أحاول كل يوم أن أتأكد من أن اللاعبين يضعون أعينهم على الجائزة ويظلون على التزامهم تجاه هذا الهدف، ولن يكون عالمي ذا قيمة كبيرة لو أنني كنت أبحث عن طريق للرحيل».