قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية "الدائرة الأولى بالبحيرة"، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة،وعضوية المستشارين صالح كشك، ووائل المغاوري، نائبي رئيس مجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة السلبي المطعون فيه بالامتناع عن صرف دواء "MIGLUSTAT" لأحد الأطفال مصاب بمرض نادر مدى الحياة أو حتى تمام الشفاء على نفقة الدولة، وما يترتب على ذلك من آثار تشمل إلزام وزارة الصحة بتقديم ذلك الدواء إلى الطفل بجرعة 200 مللي جرام ثلاث مرات يوميًّا، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان وألزمت الحكومة المصروفات. وناشدت المحكمة، في حكمها الصادر اليوم الأربعاء، المشرِّع بشمول الأطفال المتسربين من التعليم بسبب المرض أو غيره أو أطفال الشوارع تحت مظلة التامين الصحي مثل أقرانهم الطلاب؛ إعمالاً لمبدأ المساواة وتيسيرًا عليهم في تلقي الرعاية العلاجية وحتى يحين تدخل المشرع فالدولة ملزمة بعلاجهم على نفقتها. وقال والد الطفل، في الدعوي، إنَّه فقير وباع كل ما يملك لعلاج ابنه الذي تسبَّب المرض في عدم تعليمه حيث يعاني من مرض وراثي نادر من أمراض التمثيل الغذائي، وهذا المرض تمَّ اكتشاف علاج له بأنزيم "MIGLUSTAT" بجرعة 200 مللي جرام ثلاث مرات يوميًّا مدى الحياة، وقد تمَّ عرضه على المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة التي أوصت بعلاجه، وذهب والد الطفل إلى التأمين الصحي لكنَّه رفض علاجه بحجة أنَّه غير مختص لعدم قيده بأي مدرسة، وتوجه لوزارة الصحة فامتنعت عن تقديم العلاج له بحجة أنَّه ليس من بين حالات العلاج على نفقة الدولة. وأوضحت المحكمة أنَّ الطفل لا يسري عليه القانون رقم 99 لسنة 1992 في شأن التأمين الصحي على الطلاب، لأنَّه غير مقيد بمدرسة بسبب المرض وعدم قدرته على الحركة أو الكلام، كما أنَّه لا يسري عليه المرسوم بقانون رقم "86" لسنة 2012 بشأن التأمين على الأطفال دون السن الدراسي لكونه بلغ 14 عامًا. وأكدت المحكمة أنَّ المشرع منح طلاب المدارس التمتع بمظلة العلاج في التأمين الصحي دون غيرهم، ومن ثمَّ يكون المشرع قد ميَّز دون أسس موضوعية بين أطفال المدارس وبين الأطفال غير المنتمين للتعليم بسبب المرض أو غيره أو أطفال الشوارع على الرغم من أنَّ المشرع الدستوري لم يقيد حق الأطفال في الرعاية الصحية بالانتماء للنظام المدرسي مما يفقد شريحة من أطفال المجتمع من حقهم الدستوري في الرعاية الصحية وهو ما يخالف مبدأ المساواة، فطبقًا للمادة 53 من الدستور المعدل يكون المواطنون أمام القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون أو الإعاقة أو المستوى الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الجغرافي أو لأي سبب آخر. وتابعت المحكمة: "التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض، فكان الحق في المساواة أمام القانون هو أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي، والدستور حظر التمييز بين المواطنين في أي صور التمييز التي تنفصل عن أسسها الموضوعية ولا يتصور بالتالي ألا يكون الدستور قد قصد إلى حمايتها، ولا أن تقرها السلطة التشريعية في مجال تنظيمها للحقوق والحريات على اختلافها". وذكرت المحكمة أنَّ حالة الطفل تستلزم تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 691 لسنة 1975 في شأن علاج العاملين والمواطنين على نفقة الدولة على هذا الطفل. واختتمت المحكمة بالقول إنَّ الطفل يبلغ من العمر 14 عامًا، ووالده غير قادر على تحمل علاجه، وأكد التقرير الطبي المرفق الصادر من المركز القومي للبحوث "مركز التميز للبحوث الطبية" مرضه وإصابته ووجوب علاجه بأنزيم "MIGLUSTAT" بجرعة 200 مللي جرام ثلاث مرات يوميًّا مد الحياة كي لا تسوء حالته، وإذ امتنع وزير الصحة عن توفير الدواء المشار إليه بالرغم من خطورة حالته الصحية على النحو السالف بيانه مع وجوب التزامه القانوني بتوفير كل ما يحتاج إليه الطفل من أدوية ورعاية طبية ومن ثمَّ فإنَّ مسلكه في هذا الشأن يعد قرارًا سلبيًّا مخالفًا للقانون وأنَّ التأخير في صرف الدواء المشار إليه أو بديله يعرِّض حياته للخطر على الوجه الوارد بالتقرير الطبي المشار إليه، وهو ما يستنهض همة المحكمة في إسباغ الحماية العاجلة للعلاج اللازم للطفل والواجب على الإدارة تقديمه.