المحكمة: الاتهامات الموجهة له مبنية على الظن والإحتمال ولم تطمئن إلى التحريات أودعت محكمة جنايات القاهرة، اليوم السبت، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمى، حيثيات حكمها ببراءة المتهم محمد ربيع الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة الإرهابى أيمن الظواهرى في قضية خلية الظواهري الإرهابية، والمتهم فيها مع اخرين بإنشاء وإدارة تنظيم إرهابي يرتبط بتنظيم القاعدة، يستهدف منشآت الدولة وقواتها المسلحة وجهاز الشرطة والمواطنين الأقباط، بأعمال إرهابية بهدف نشر الفوضى وتعريض أمن المجتمع للخطر والتخطيط لاستهداف عدد من المنشآت الحيوية فى البلاد، وتفجير السد العالى الذى وضعوه على أولويات الأهداف التى قرروا تنفيذهها. وقالت حيثيات الحكم إنه بشأن نسب للمتهم محمد محمد ربيع الظواهرى (الأول) من قيامه بإنشاء وإدارة وتولى زعامة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون تهدف إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والإعتداء على الحريه الشخصية للمواطنين والحقوق والحريات العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى بإستخدام الوسائل الإرهابية فى تنفيذ أغراضها ، فإنه لما كان من المقرر أن الإنشاء والتأسيس مترادفان من حيث المعنى ، إذ يقصد بهما التكوين ولا عبرة بالصفة أو الإسم الذى يتخذه التنظيم ولا بالشكل أو المظهر الخارجى الذى ينتحله أو يتصف به ولو إتخذ شكلاً قانونياً ، فإنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة التنظيم يتجلى فى الأغراض غير المشروعة المستهدفة منه أياً كان الإسم المطلق عليه ( جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة) ، فإذا كان تكوين التنظيم بإنشائه أو تأسيسه مطابقاً للقانون ( كقانون الجمعيات مثلاً ) لكن تنظيمه أو إدارته يهدف إلى تحقيق أحد الأغراض المنصوص عليها فى الماده 86 مكررا عقوبات ، فإن ذلك بلا شك يعد مخالفاً لأحكام القانون ، ويفترض التكوين تلاقى إرادات أعضاء التنظيم نحو الأغراض غير المشروعة التى يتوخى إرتكابها بغض النظر عن كيفية تحقيقها. وأضافت الحيثات يقصد بالإدارة تسيير العمل التنفيذى فى التنظيم لتحقيق أغراضه، بما فى ذلك تحديد أدوات تنفيذه أو تمويله أو الإشراف عليه ، وقد يتولى الإدارة شخص واحد يؤدى أكثر من عمل من الأعمال التى يدار بها التنظيم أو سائر الأعمال التى تقع بها جرائم التنظيمات مثل الإنشاء والتأسيس والتنظيم ، وتعد أفعال التكوين (الإنشاء أو التأسيس أو التنظيم أو الإدارة) قسائم متساويه من حيث التجريم فيكفى أن يقع أحدها لوقوع الجريمه ، وقد عاقب القانون على هذا الفعل بالسجن.
وتولى الزعامة فى التنظيم يكون بتولى وضع قيادى فى المنظمه يتخذ شكل الزعامة أو القيادة ، سواء فى أعمال التنظيم كله أو فى جزء من أعماله ، وتشترك الزعامة مع القيادة فى معنى القدرة على التأثير والتوجيه لكنهما يختلفان فى أن الزعامة تتميز بمستواها الأعلى وتأثيرها المعنوى فى إدارة التنظيم ، كما أن القيادة هى أحد مستويات الهيكل التنظيمى ، ولها تأثير تنفيذى فى إتباع أوامر القائد وتوجيهاته بحكم القواعد التى تحكم التنظيم ، وقد تتعدد الزعامات والقيادات فى التنظيم الإرهابى الواحد ، وقد عاقب القانون على هذا الفعل بالسجن المشدد . وأضافت الحيثيات أنه لما كانت الأحكام الصادره بالإدانة يجب أن تبنى على حجج قطعية الثبوت تفيد الجزم واليقين لا مجرد الظن والإحتمال وكل شك فى أدلة الإدانه يجعل الحكم بالإدانه على غير أساس ، فالشك يجب أن يستفيد منه المتهم لأن الأصل فيه هو البراءه ، ومن المقرر أن مبدأ حرية القاضى فى الإقتناع لا يعنى فقط أنه حر فى أن يعتقد أو لا يعتقد فى صحة الأدله المقدمه وإنما يعنى أيضًا أنه لا يملك الخروج على حدود الإقتناع وهى البعد عن التحكم ، ولا يستطيع القضاء بغير اليقين ، واليقين المطلوب ليس هو اليقين الشخصى للقاضى وإنما هو اليقين القضائى الذى يصل إليه كما يصل إليه الكافه لأنه مبنى على العقل والمنطق . لما كان ذلك وكانت المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وأدلة الإثبات التى قام الإتهام عليها عن بصر وبصيره فإنها ترى من مجمل ما حوته الأوراق أن إسناد هذه الإتهامات للمتهمين لا يبلغ من وجدان المحكمه أدنى مراتبه ولا يرقى إلى دائرة قناعتها أدنى درجاته آية ذلك أن ما أثاره ضابط التحريات الرائد / محمد عبد الدايم فى محضره المؤرخ 20/10/2013 من أن محمد محمد ربيع الظواهرى قام بتأسيس تنظيم جهادى وعمل على ربطه ببعض التنظيمات الإرهابية بالداخل والخارج بسلسلة من العمليات الإرهابية بالبلاد والمتمثلة فى إستهداف أفراد الشرطة والقوات المسلحة وأبناء الطائفة المسيحية والمنشآت الحيوية الهامة وأنه قام بالعمل على هيكلة التنظيم داخل البلاد وإستقطاب عناصر جديدة عقب تثقيفهم وصقلهم عقائديًا بأفكار ومنهاج التنظيم فهذه الرواية، التى جاءت بها التحريات لم يقم عليها دليلٌ مادى إذ لم يضبط المتهم متلبساً بأىٍ من الأعمال الإرهابية أو حاملاً لثمة أسلحة أو ذخائر يمكن أن يقال بحيازتها وإحرازها لصالح التنظيم ، ولم يقرر أى من المتهمين الذين تناولتهم التحقيقات بلقائهم أو تقابلهم معه الأمر الذى يجعل المحكمه لا تطمئن إلى ما عرضته التحريات ويساور وجدانها الشك فيما جاءت به، ولا يقدح فى ذلك ما قرره المتهم عمر عبد الخالق من أنه تقابل مع محمد الظواهرى عدة مرات فى بعض الإعتصامات والمظاهرات إذ أن ذلك لا ينهض وحده دليلاً على إنشاء وتأسيس الجماعه المشار إليها لاسيما وأن ما أشار إليه المتهم عمر عبد الخالق من أنه عندما إلتقى بمحمد الظواهرى فى نادى نقابة المهندسين وسألة عن شراء سلاح تحسبًا لأى ظروفٍ تحدث فى 30/6/2013 أجابه ( إحنا منشتريش حاجه نشبه بيها نفسنا ونتعرض للمساءلات القانونيه وساعة لما تحصل حاجه السلاح هيكون بكثره فى البلد) مما يدل على أنه إستبعد السلاح كوسيله يستخدمها فيما. ولا ينال من هذا أيضًا ما تقدمت به النيابه من مقاطع فيديو مسجلة لمحمد الظواهرى (المتهم الأول) يعلن فيها عن إنشاء جمعية الطائفة المنصورة وتسجيلات لمؤتمرات وندوات إعلامية يهاجم فيها الدستور والقوانين ، فذلك مردود بما هو مقرر قانونًا من أن الدعوى الجنائيه عينيه وشخصيه فلا يجوز للمحكمه أن تفصل إلا فى الوقائع المعروضة عليها بالنسبة إلى المتهمين بإرتكابها (ماده 307 من قانون الإجراءات الجنائيه ) ، فلا يجوز للمحكمه أن تسند إلى المتهم واقعه إجراميه تختلف عن تلك التى وردت فى أمر الإحاله أو فى ورقة التكليف بالحضور ، ولو كان لهذه الواقعه صدى فى أوراق الدعوى ، ولا يحول دون تقيد المحكمه بالواقعه المرفوع بها الدعوى أن تنبه المتهم إلى التعديل الذى تحدثه بإسناد واقعه جديده إلى المتهم ، كما لا يشفع لها أن يكون المتهم قد ترافع على أساس هذا التعديل لأن المسأله تتعلق بإجراءات رفع الدعوى أمام المحكمه ، وبدون هذه الإجراءات فإن المحكمه لا تتصل بالدعوى لأن ما تجريه المحكمه فى هذه الحاله لا يعدو مجرد تعديل فى التهمه ، بل هو فى حقيقته قضاءٌ بالإدانه فى واقعة مختلفه عن واقعة الدعوى المطروحه وتستقل عنها فى عناصرها ، والإستثناء الوحيد الذى يرد على ذلك هو أن تُعمل محكمة الجنايات حق التصدى المنصوص عليه فى الماده 11 من قانون الإجراءات الجنائيه دون أن يتجاوز ذلك إلى الفصل فى موضوع الواقعة الجديدة . واستفاضت حيثييات القرار بأنه لما كان ذلك وكانت ما تقدمت به النيابة العامة أثناء المحاكمه من مقاطع فيديو مسجله للمتهم محمد ربيع الظواهرى حال إعلانه عن إنشاء جمعية الطائفة المنصوره ، وما تحدث به فى مؤتمرات وندوات إعلاميه يعلن فيها عن أغراض الجمعيه ، وأن الدستور والقوانين مخالفه للشريعة الإسلاميه ، إذ أن إنشاء هذه الجمعيه وإن كانت قد تسفر عن مخالفتها للقانون إلا أن إنشائها لم يرد بأمر الإحاله وليس مطروحًا على المحكمه ولا يعد عنصرًا فى الجريمه المقدم بها المتهم ، ذلك أن المتهم محمد الظواهرى مقدم للمحكمه بتهمة إنشاء وإدارة وتولى زعامة جماعه تستخدم الإرهاب كوسيله فى تنفيذ أغراضها ، وهى جماعة أخرى تختلف عن جماعة الطائفة المنصورة ، ومن ثم فلا يجوز للمحكمه أن تقوم بمعاقبة المتهم عن هذه الجريمه وإن تشابهت فى تكييفها القانونى مع الواقعه المقدم بها المتهم ، وكل ما تملكه هو أن تتصدى لها عملاً بأحكام الماده 11 إجراءات جنائيه دون أن يتجاوز ذلك للفصل فيها ، ومن ثم فإن المحكمه تحيل هذه الواقعه إلى النيابه لإعمال شئونها بصددها . وحيث أنه بشأن من نسب للمتهمين محمد السيد السيد حجازى (الثالث) ، وداوود خيرت سليمان سليمان أبو شنب (الرابع) من توليهما قياده بجماعه أسست على خلاف أحكام القانون وذلك بقيامهما بتأهيل المنضمين لها فكريًا وصقلهم عقائديًا ، فإنه من المقرر قانونًا أن تولى وضع قيادى فى المنظمه يتخذ شكل الزعامة أو القيادة ، سواء فى أعمال التنظيم كله أو فى جزء من أعماله ، كما أن القيادة هى أحد مستويات الهيكل التنظيمى، ولها تأثير تنفيذى فى إتباع أوامر القائد وتوجيهاته بحكم القواعد التى تحكم التنظيم . واستكملت الحيثيات إنه لما كان ذلك وكانت المحكمة قد أحاطت بظروف الدعوى وأدلة الثبوت التى قام عليها إتهام هذين المتهمين عن بصر وبصيره ووازنت بينها وبين أدلة النفى فقد داخلتها الريبه فى صحة أدلة الإثبات ذلك أن الأوراق قد جاءت خلوًا مما يشير إلى أن أىٍ منهما قد تولى أحد مستويات الهيكل التنظيمى أو أنه مارس شكل الزعامه أو القياده أو أتى أى عمل مادى فى إدارة التنظيم ، ولا يقدح فى ذلك قيامهما بإلقاء الخطب الدينيه فى المساجد أياً ما كان الفكر الدينى الذى يروجان له ، إذ أنه لم يثبت أن إلقائهما لهذه الخطب الدينيه كان بغرض الدعوه إلى أهداف الجماعه ، كما أن ما جاءت به التحريات من إضطلاعهما بإعداد برنامج فكرى وحركى لأعضاء التنظيم لم يؤيدها دليل آخر فى الأوراق ، وإنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول فى تكوين عقيدتها على التحريات بإعتبارها معززه لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً أساسياً أو قرينة على ثبوت التهمه ، فلا يجوز للمحكمة أن تجعل أساس إقتناعها رأى مجرى التحريات بدون أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة المتهم للجريمة ، الأمر الذى يتعين معه براءتهما مما نسب إليهما . وحيث أنه بشأن الجريمه المنسوبه للمتهمين محمد محمد ربيع الظواهرى (الأول) ، وإبراهيم محمد عصام الدين إبراهيم خضرى (الخامس عشر) ، وباسم سعد مصطفى الأكثر (السادس والستون) من قيامهم بإمداد جماعه أسست على خلاف أحكام القانون بأسلحه وذخائر وأموال ومعلومات ، فإنه لما كان من المقرر قانونًا أن جريمة إمداد الجماعه تتحقق بالتمويل بالأسلحه أو الذخائر أو المفرقعات أو المهمات أو الآلات أو المعلومات فضلًا عن الأموال ، وهذه الجريمه عمديه تتطلب توافر القصد الجنائى العام بعنصريه العلم والإراده وذلك بإتجاه إرادة الجانى إلى السلوك الإجرامى والنتيجه المترتبة عليه ، والعلم بما يرد عليه هذا السلوك ، أى العلم بما تدعوا إليه الجمعيه ، أو الهيئه ، أو المنظمه ، أو الجماعه ، أو العصابه من أغراض إرهابيه ، وأن ما يتم مد هذه المنظمه به من أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو أموال أو معلومات تستخدم فى تحقيق أو تنفيذ الأغراض التى تدعوا إليها المنظمه والوسائل التى تستخدمها فى تحقيق وتنفيذ أغراضها ، ويجب أن يكون هذا العلم يقينياً فلا يجوز إفتراضه . واستكملت المحكمة حيثياتها بأنه من المقرر قانونًا أن الدليل الجنائى ينقسم إلى أدله مباشرة وغير مباشرهة وذلك بالنظر إلى علاقتها بالواقعه المراد إثباتها ، فتعتبر الأدله مباشره إذا كانت تنصب مباشرة على الواقعه بخلاف الأدلة غير المباشره فإنها لا تدل بذاتها على تلك الواقعه وإنما تحتاج إلى إعمال الإستدلال العقلى والفحص العميق ، وتنقسم الأدلة غير المباشرة إلى نوعين القرائن والدلائل ، أما القرائن فتتحقق بإستنباط الواقعه المجهوله المراد إثباتها من واقعه أخرى ثابته ، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستنبط من الواقع والقرائن ما تراه مؤدياً عقلاً إلى النتيجه التى إنتهت إليها ، إلا أنه يجب أن تكون القرينه أكيده فى دلالتها لا إفتراضيه محضه مما يجدر معه أن يكون إستخلاص الأمر المجهول بطريق الإستنتاج من الأمر المعلوم وليد عمليه منطقيه رائدها الدقه المتناهيه ، أما الدلائل فهى إستنتاج للواقعه المجهوله المراد إثباتها من واقعه أخرى ثابته مع وجود الصله بين الواقعتين ، بيد أن الصله بين الواقعتين ليست قويه ولا حتميه لأن الواقعه الثانيه تحتمل صوراً شتى من التأويل والإحتمال ، ولهذا فإنها تصلح أساساً للإتهام دون أن تصلح وحدها أساساً للحكم بالإدانة لأنها لا يمكن أن تؤدى إلى اليقين القضائى بل يجب أن يتأكد بأدلة أخرى مباشره أو غير مباشره ، فهى من بين الأدله المعتبره فى القانون والتى يصح إتخاذها ضمائن إلى الأدلة الاخرى ، وعلة عدم جواز الإستناد إلى الدلائل فى إثبات التهمه هو أن الأحكام يجب أن تبنى على الجزم واليقين وكل حكم يبنى على الدلائل وحدها هو حكم باطل لأن إقتناع القاضى يكون فى هذه الحاله مبنياً على الإحتمال لا على اليقين . وأختتمت حيثيات براءة شقيؤق الظواهري، لما كان ذلك وكانت الأوراق قد جاءت خلوًا مما يفيد قيام المتهم الأول بإمداد الجماعة بأسلحة أو ذخائر أو معلومات اللهم إلا ما قرره المتهم عمر زكريا من أنه توجه مع المتهم عمر عبد الخالق (السابع) وتقابلا مع المتهم محمد الظواهرى ، وبعد أدائهم للصلاه صعد محمد الظواهرى وعمر عبد الخالق إلى مكتب بشارع الهرم وعاد عمر عبد الخالق ومعه كميه من النقود الوطنيه والأجنبيه ولكنه لم يرى من الذى أعطى عمر عبد الخالق هذه النقود ولا يعلم سبب حصول عمر عبد الخالق عليها ، ومن ثم فإن هذه القرينة دلالتها الإفتراضية المحضة لأنها تحتمل صور شتى من التأويل والإحتمال ، وإذ خلت الأوراق من دليل أخر يعزز تلك القرينه فإن المحكمه تطرحها ولا تعول عليها كدليل لإدانة المتهم .