قوى النواب تنتهي من مناقشة مواد الإصدار و"التعريفات" بمشروع قانون العمل    نائب محافظ قنا يشهد احتفالية مبادرة "شباب يُدير شباب" بمركز إبداع مصر الرقمية    كتلة الحوار: «السيسي» يهتم بتوازن السياسات الاقتصادية مع الاستقرار الاجتماعي    أول رد من حزب الله على تهديد الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مؤسسة القرض الحسن    تدريبات استشفائية غداً للاعبي الزمالك    إنتر ميلان يقهر روما في عقر داره ويرتقي لوصافة الكالتشيو    عامل يدفع حياته ثمنًا لتهور طفل.. ما القصة؟    بالفيديو.. بروفات المطربة جنات استعدادًا لحفلها بمهرجان الموسيقى العربية    حظك لمواليد برج الحوت اليوم الاثنين 21 أكتوبر 2024    بحضور نجوم الفن.. 40 صورة من حفل جوائز رمضان للإبداع    عمرو أديب: هل يتحمل صندوق النقد فشل تجربته في دولة بحجم مصر؟    استشاري الاستثمار: لا بديل لدينا سوى توطين الصناعة المصرية    منتخب الشاطئية يختتم تدريباته استعداداً لمواجهة تنزانيا غداً    جاهزون للدفاع عن البلد.. قائد الوحدات الخاصة البحرية يكشف عن أسبوع الجحيم|شاهد    ضبط 4 أشخاص تعدوا على سائق تروسيكل في حلوان    مناشدات أممية لإنقاذ شمال غزة من خطط التجويع والتهجير الإسرائيلية    خبير بالشأن الإيراني: واشنطن وطهران لا تريدان التورط في حرب إقليمية    بيان عاجل من حماس بشأن الصمت الدولي المريب عن تنفيذ الاحتلال ل "خطة الجنرالات"    ترحيب برلماني بمنح حوافز غير مسبوقة للصناعات.. نواب: تستهدف تقليل الضغط على العملة الصعبة    لن نشارك بأي عمل| جمال العدل: يحيى الفخراني خارج السباق الرمضاني 2024    «شوفلك واحدة غيرها».. أمين الفتوى ينصح شابا يشكو من معاملة خطيبته لوالدته    أهم علامات قبول الطاعة .. الإفتاء توضح    هبة قطب تطالب بنشر الثقافة الجنسية من الحضانة لهذا السبب    مدير مستشفى عين شمس: القضاء على الملاريا في مصر إنجاز عظيم    سائح فرنسي بعد زيارة محطة قطارات بشتيل: «إحنا متأخرين عنكم» (فيديو)    مقطع تشويقي لأغنية فيلم «دراكو رع» بصوت عبدالباسط حمودة    خالد داغر مدير مهرجان «الموسيقى العربية»: اعتذار النجوم عن حفلاتهم أربكت حساباتنا    الأردن داعيا لحظر تسليحها: مذبحة إسرائيل في شمال غزة يتوجب التعامل معها بحسم    استعدادا لرحلات السياح إلى أسوان.. رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد محطة بشتيل    رمضان عبد المعز: الإسلام دين رحمة وليس صدام وانغلاق    أسماء مصابي حادث حي الزيتون بمدينة السادات في المنوفية    مصطفى شلبي يعتدي بالضرب على أحد منظمي مباراة الزمالك وبيراميدز (فيديو خاص)    للوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين.. 6 نصائح عليك اتباعها    التربية والتعليم توضح الفئات المسموح لها دخول امتحانات الثانوية العامة بنظاميها القديم والجديد    تموين الإسكندرية تكثف حملاتها الرقابية على محطات تموين السيارات    مستشار وزير الصحة: نشهد تحسنا بين معدل النمو السكاني والاقتصادي    ريفالدو يُقيم أداء برشلونة مع فليك وفرص الفوز بلقب الدوري الإسباني    مجلس جامعة الفيوم يوافق على 60 رسالة ماجستير ودكتوراه بالدراسات العليا    فريق القسطرة القلبية بمستشفى الزقازيق ينجح في إنقاذ حياة 3 مرضى بعد توقف عضلة القلب    أستاذ تفسير: الفقراء يمرون سريعا من الحساب قبل الأغنياء    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    وزير الصحة اليوناني: مستعدون لاستضافة المزيد من المرضى الفلسطينيين تخفيفا لهذه الأزمة    القبض على عاطل هارب من إعدام وآخر مطلوب للتنفيذ عليه في 8 أحكام تزوير بالدقهلية    مفيش فرامل.. إصابة 4 أشخاص صدمتهم سيارة ميكروباص ب شبين القناطر في القليوبية    محمد النني يرحب بأندية كأس السوبر المصري سنة 2024 في الإمارات    تمارين صباحية لتعزيز النشاط والطاقة.. ابدأ يومك صح    إعلام إسرائيلي: سماع دوي انفجارات عدة في الجليل الغربي    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    رئيس جهاز مدينة بدر: ضرورة الانتهاء من المشروعات في التوقيتات المحددة    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    تكاليف السولار تضيف 1.5 مليار جنيه لأعباء السكك الحديدية    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    جثة شاب ملقاة بجرجا وآثار طعنات غامضة تثير الرعب.. البحث جارٍ عن القاتل    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاتب إسرائيلي: سفيرنا بالقاهرة خبير في تفتيت الشعوب
نشر في التحرير يوم 30 - 10 - 2015


كتبت:- شيماء أبو عميرة
"طرازان" قضى 40 عامًا من عمره في تقسيم السودان
"كورن" تصدلى للمد الإسلامي في القرن الإفريقي
"الموساد" يدرب السفراء العاملين بدول حوض النيل
"تل أبيب" جندت 3 ضباط لتأسيس حركة "الأنيانيا" لانفصال السودان
حمودة: جميع مبعوثي إسرائيل استخباراتيين في غطاء دبلوماسي
شبانة: سيلفاكير لخص العلاقة بجملة "لولا أنتم ما كنا".
"اللعب على الإثنيات والعرقيات سيؤدي المهمة بنجاح.. سيفتت الدولة إلى كيانات متصارعة".. تلك كانت أكثر العبارات خطورة جاءت على لسان العميد متقاعد "موشي فرجي" بالجيش الإسرائيلي في دراسته الصادرة عن مركز "دايان" لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب بعنوان "إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان.. نقطة البداية ومرحلة الانطلاق"، والذي شرح من خلاله الاستراتيجية الإسرائيلية في إضعاف مصر ومحاصرتها مائيًا بضرب دول حوض النيل خلال الفترة من عام 1956 حتى 1977.
الحقيقة أن عبارة "موشي فرجي" ليست بالجديدة على مسامعنا، فالدور الإسرائيلي في جميع أزمات ومشكلات السودان، بل وجميع دول حوض النيل في كينيا وإثيوبيا ورواندا وبروندي وأوغندا يعلم بها القاصي والداني، كما لم يعد خافيًا الأهداف التي أدت إلى هذا التوغل في الدول الإفريقية وتحديدًا في دول حوض النيل التي تمكنت بتلك الاستراتيجية من تحويله إلى اشتعال الصرعات الإثنية والعرقية، بتقديم الدعم العسكري لكل الفصائل المتناحرة.
"مهمة الموساد في جنوب السودان".. كتاب إسرائيلي آخر حديث كشف عن الدور القذر للأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية وعلى الأخص جهاز "الموساد" في تقسيم السودان على يد ضابطه ديفيد بن عوزئيل والمعروف ب "طرازان"، من خلال تدريب العرقيات والإثنيات الانفصالية وتسليحهم، طيلة 4 عقود منذ ستينيات القرن الماضي، وصولاً إلى استقلالهم في عام 2011، الأمر الذي اعتبره الكتاب انجازًا إسرائيليًا ونجاحًا خاصًا للموساد.
ومن يبحث في نوايا وأهداف إسرائيل سيعلم أن مخطط تقسيم السودان كان نابعًا بالأساس من رغبة تل أبيب العارمة فى إضعافمصر وتطويقها من ناحية الجنوب، اعتمادًا على مبدأ شد الأطراف وخلق معضلات جديدة تواجه الأمن القومي المصري، وبالأخص الأمن المائي، نظرًا لأهمية السودان ككل بالنسبة لمصر، بحسبانها تمثل عمقًا استراتيجيًا حيويًا لها.
لن نتحدث عن الدوافع الإسرائيلية من التحرك الإسرائيلي ناحية دول حوض النيل، لأنه أضحى معروفًا أن دوافعها سياسية في المقام الأول، من تنفيذ سيناريوهات الحصار الجيوسياسي والعسكري والمائي والاقتصادي حول مصر، سواء في منابع النيل أو في البحر الأحمر.
"يجب ألّا يُسمح لهذا البلد، رغم بعده عنا، بأن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي؛ لأن موارده إن استُثمرت في ظل أوضاع مستقرة فستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب".. بتلك العبارة لخص وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي السابق، أفي ديختر، في محاضرة ألقاها عام 2008 تحت عنوان "أبعاد الحركة الاستراتجية الإسرائيلية المقبلة في البيئة الإقليمية" الأبعاد الحقيقية للدور الإسرائيلي في السودان، مُبينًا أن انفصال جنوب السودان شكّل مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى، وأن كل الزعماء تبنوا خطًا استراتيجيًا واحدًا في التعامل مع السودان يقضي بالعمل على تفجير أزمات مزمنة ومستعصية، وحان الوقت للتدخل في غرب السودان، وبنفس الآلية والوسائل.
"وُلِد الجنوب بفضل دولة إسرائيل والجنرال جون" عبارة صادمة جاءت على لسان سفير جنوب السودان في إسرائيل عند تقديم أوراق اعتماده للرئيس الإسرائيلي، رؤفين ريفلين، ديسمبر الماضي، والجنرال جون، وفقًا للكتاب، هو الاسم المعروف ل "طرزان" في السودان، دافيد بن عوزئيل، الشخص الذي أسس جيش جنوب السودان وأشرف على تسليحه وتدريبه.
الغريبة أن كتاب "مهمة الموساد في جنوب السودان" كشف عن الضباط الثلاثة الذين أسسوا حركة "الأنيانيا" الانفصالية خلال الحرب الأهلية السودانية الأولى 1955- 1972 والتي راح ضحيتها أكثر من نصف مليون سوداني، وتحولت فيما بعد إلى جيش قوي، وكان "طرزان" أول هؤلاء الضباط والذي له دور مهم في تقديم المشورة العسكرية والتنظيمية للانفصاليين، إلى جانب ضابط آخر يدعي إيلي كوهين، والذي عمل مستشارًا سياسًيا للانفصاليين، وضابط ثالث اسمه تشارلي.
لم يكتفِ الضباط الثلاثة الذين جندتهم "تل أبيب" بتأسيس حركة انفصالية، ولكنهم دربوا الجنوبيين على كيفية تأسيس الجيش وتقسيمه إلى وحدات عسكرية، إضافة إلى تزويدهم بالأسلحة، فوفقًا للكتاب: "منذ الستينيات من القرن العشرين، استمر الدعم العسكري ونقل الأسلحة والمعدات الحربية من إسرائيل إلى جنوب السودان، وهذه الأسلحة شملت بنادق ورشاشات وقنابل يدوية وألغامًا وصواريخ مضادة للدروع وأجهزة اتصالات، وألبسة عسكرية هي في معظمها غنائم من حرب الأيام الستة من الجيشين المصري والسوري عام 1967.
ويؤكد الكتاب على أن رئيس جنوب السودان، سيلفا كير ميارديت، تأييدًا منه للدعم الإسرائيلي لقيام دولته قام بدعوة "طرازان" لزيارة بلاده بعد إعلان انفصاله، واستقبله وكرمه بصورة خاصة في القصر الرئاسي، كما وجه رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أشار فيها إلى أنه عين الجنرال جون موفدًا وممثلًا شخصيا في اسرائيل.
سفير بدرجة جاسوس
جاء من جوبا بعد أن حولها إلى مستعمرة رئيسية.. ورفضته العاصمة التركمانستانية "عشق آباد" سفيرًا لبلادها مرتين.. ثم وافقت القاهرة به.. إنه السفير الإسرائيلي في مصر، حاييم كورن، الذي رفضته "عشق آباد" باعتباره عميلًا لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد" وليس سفيرًا، يهدف وجوده إلى جمع المعلومات عن إيران الجارة الجنوبية لتركمانستان.
الغريبة أن كورن كان أول سفير إسرائيلي لدى جنوب السودان قبل أن يتم اعتماده كسفير في القاهرة، ووفقًا ليجال بالمور، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن "كورن" يتحدث العربية بطلاقة ويتقن عدة لهجات سودانية، بعضها لهجات تخص القبائل المنتشرة على الحدود المصرية السودانية، مما دعا العديد من خبراء الإسرائيليات لوصفه ب "سفير على درجة جاسوس".
الأكثر من ذلك أن صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أكدت أن تعيين وزارة الخارجية الإسرائيلية سفيرًا لدى جنوب السودان يأتي في سياق الجهود الإسرائيلية للوقوف أمام المد الإسلامي الذي بدأ ينتشر في القرن الإفريقي بقوة في ظل ثورات الربيع العربي، مبينة أن نتنياهو يعمل بشكل كبير للغاية على تعميق التحالفات مع الدول المسيحية في القارة الأفريقية.
الاعتراف
"نعم عملنا في "جوبا" بشكل مكثف، وكان العمل يقتضي طول الوقت تنسيقًا ولقاءات وجولات على الأرض، قمنا بإرسال الرجال إلى هنا -إسرائيل- لتدريبهم، رتبنا زيارات عمل، أحضرنا بعضهم لاستكمال دراستهم، وفي المقابل أرسلنا خبراءنا في المجالات المختلفة إلى أرضهم".. هكذا جاء اعتراف حاييم كورن في إحدى حواراته النادرة مع الموقع الإلكتروني لقسم العلاقات الدولية في الجامعة العبرية بتاريخ 26 مايو 2013، كاشفً ا النقاب عن الدور الذي لعبه في هذه العملية فيقول: "بالنسبة لجنوب السودان كان الوضع جديدًا، وتولي كل دول العالم ونولي نحن أيضًا أهمية جيو- استراتيجية كبيرة للغاية هناك".
"يكفيني فخرًا أن مواطني جنوب السودان رفعوا أعلام إسرائيل في سعادة وهم يحتفلون بعيد الاستقلال".. هكذا تحدث "كورن" واصفة سعادته بتحويل جنوب السودان إلى مستعمرة إسرائيلية جنوب العدو اللدود، مصر، موضحًا كيف ساعد المليشيات في جنوب السودان على تنفيذ عمليات ضد جيش الخرطوم في الشمال فيقول: "يعتبرون أنفسهم في مثل وضعنا.. بكلمات أخرى هم أبناء ثقافة ودين معين محاطون بالأعداء المنتمين لدين وأصول إثنية مختلفة يسعون إلى تدميرهم.. وبمساعدتنا يستطيعون الصمود في بيئتهم.. كما نجحنا في الصمود في منطقة محاطة بالأعداء والازدهار، لذلك يروننا نموذجًا للمحاكاة".
وكشف كورن عن إشرافه على إرسال السودانيين من دولة الجنوب إلى دورات خاصة بهم في إسرائيل لمدة شهرين برعاية وزارة الخارجية، في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تعليمهم اللغة العبرية، لافتًا إلى أن إسرائيل تحاول جاهدة السيطرة على جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا وأوغندا، تلك الدول التي تشكل الممر في القرن الإفريقي بين الصومال واليمن والبحر الأحمر.
شركات الزراعة
عقب انتهاء الحرب الأهلية السودانية الأولى عام 1972، ورغم توقف المساعدات العسكرية الإسرائيلية للجنوب السوداني، تحول جزء كبير من تلك المساعدات إلى الجانب الزراعي وتطوير البنية التحتية، بمشاركة الخارجية الإسرائيلية، وبعض المنظمات غير الحكومية، وفي 2008 زار ممثلي اللجنة اليهودية الأمريكية، جنوب السودان، وأوصوا حكومة "تل ابيب" بعدد كبير من طرق المساعدة التي ترسخ لاستقلالها، وفي بداية عام 2012 أعلنت إسرائيل وألمانيا بحث إمكانية الاستثمار المشترك بجنوب السودان في مجالات تطوير البنية التحتية في جنوب البلاد ووسطها، بالإضافة إلى تطوير بحيرة فيكتوريا.
الشاب ماور كادر، كان أحد أهم الشخصيات التي سعت إسرائيل من خلالها لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع جنوب السودان، فطبقًا لصحيفة "كالكاليست" الاقتصادية، أقام هذا الشاب شركة اقتصادية تهدف للوساطة بين رجال الأعمال الإسرائيليين وحكومة جنوب السودان، مستغلًا صداقته لكاربينو جيمس، اللاجئ السوداني في إسرائيل، مما ساعده على إنشاء شركة "أم دي أيه سوز سودان"، وكان هدفها تحديد العناصر الإسرائيلية التي يمكن أن تنخرط في مشروعات الدولة.
وطبقًا لشهادة تامير جل، عامل وأحد سكان كفر "فيتكين" الإسرائيلي لصحيفة "كالكاليست" كانت شركة "الجنوب الأخضر" أحد أكبر الشركات الإسرائيلية الُمشاركة في تنفيذ المشروعات الزراعية وتقديم الاستشارات اللازمة، التي يتمركز عملها حول تطوير الزراعة في جنوب السودان، لتكن بذلك هذه النشاطات هي المشروعات الأولى التي تمولها الحكومة والمنظمات المعاونة في الجنوب منذ عام 2005، بالإضافة إلى 5 شركات أخرى مُمثلة في "سوليل بونية"، و"ش. ر. أ. ل."، و"سوبر لوك"، و"بوجيكوم" و"ياروك 2000".
"إن جنوب السودان تملك المقومات لتصبح دولة القرن ال21 نظرًا لاحتوائها على الذهب والنفط والمياه والأرض الخصبة والسماء التي تمطر 8 أشهر في العام والنيل الثري".. هكذا قال السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورن؛ لذلك سارعت "تل ابيب" ببناء علاقات اقتصادية واسعة مع جوبا، حيث زار عدد من رجال العمال الإسرائيليين جوبا عقب الانفصال.
عسكرة الجنوب
"لسنا عربًا، وإسرائيل أخ لنا، ولن نسمح للشماليين بالاقتراب منا".. بتلك الطريقة تمكن الإسرائيليين من السيطرة على جنوب السودان، الذين يقتنعون أن الحرب بينهم وبين الشمال هي حرب بين عرب وأفارقة، لذلك سعت تل أبيب إلى عسكرة الجنوب، فأنشأت قاعدة جوية بمنطقة "فلج"، لتستخدمها في تدريب الطيارين الجنوبيين على قيادة المقاتلات، وأحدث أساليب القتال الجوي، كما أنشأت ثكنات لقوات حرس الحدود، ومستشفيات عسكرية ومركز أبحاث للألغام، وأبراج مراقبة متطورة.
وفي مجال التسليح، قدمت إسرائيل لجنوب السودان 20 دبابة من طراز ميركافا 2، وشحنات أسلحة تتضمن معدات إسناد حربي، وبعض أسلحة المدفعية وراجمات الصواريخ وأجهزة رصد واستشعار حراري، وارتفعت صادرات السم الإسرائيلي لدول إفريقيا خلال 2014 بنسبة تخطت 40% عن عام 2013، بقيمة بلغت 318 مليون دولار، رغم مطالب بعض اعضاء الكنيست الإسرائيلي وعلى رأسهم تمار زاندبيرج بالتوقف عن تصدير السلاح لجنوب السودان حتى لا ترتكب المذابح الجماعية.
الاستراتيجية الاستخباراتية
"غطاء دبلوماسي".. هكذا قال المفكر الأمني العميد حسين حمودة، مختص في الشؤون الإسرائيلية ومؤلف موسوعة "إسرائيل في إفريقيا"، تعليقًا على اختيار حاييم كورن سفيرًا لإسرائيل لدى القاهرة، مبينًا أنه يأتي في إطار استراتيجية راسخة لدى الإدارات الإسرائيلية المتعاقبة في اختيار السفراء والمبعوثين والعملاء للعمل في مختلف دول العالم وفقًا لخطة مدروسة مسبقًا، مؤكدًا في الوقت نفسه أنه دائمًا ما كان اختيار العناصر الدبلوماسية الاستخباراتية ذات الغطاء الدبلوماسي التي تعمل في مصر على سبيل المثال من باحثين وخبراء في الشئون المصرية ومستشرقين أي أنهم يحفظون الأدمغة الإسرائيلية في جميع المجالات للاستفادة منها.
وأوضح حمودة أن من بين نماذج المستشرقين والخبراء الذين ترسلهم إسرائيل إلى مصر يوسي جينت، الحاصل على الدكتوراه في الفلكلور المصري، وكان يذهب إلى سيناء ليتعايش مع القبائل حتى أنه كان متخصصًا في الفلكلور البدوي "البشعة" الخاص بأبناء سيناء، ويوسي آمتاي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة بن جوريون، والحاصل على الدكتوراه في اليسار المصري والصراع العربي الإسرائيلي، والذى كان دائم التردد على حزب التجمع لمحاولة اختراقه أو التعامل معه بمنطلق أنه له علاقة مع يسارين بحكم تخصصه وكان يحاول دائمًا أن يوطد علاقته باليسار المصري.
وأشار إلى أنه من بين الدبلوماسيين الذسن أرسلتهم إسرائيل إلى مصر شالوم كوهين ذو الأصل التونسي والذى شغل منصب سفير إسرائيل في تونس سابقًا ويتحدث العربية بطلاقة وعمِل في مصر من 2005 إلى 2009، ثم جاء بعده إسحاق لفانون، الذى يعد الطامة الكبرى، وهو ابن جاسوسة إسرائيلية عمِلت في لبنان في الخمسينيات، وتسببت في أضرار بالغة في لبنان ومصر وتعتبر من أبطال "الموساد"، مبينًا أنه حينما تختار إسرائيل سفيرًا لمصر فيكون له صفات خاصة على رأسها إتقان العربية والدراية الكاملة بالثقافة والتقاليد المصرية.
ويقول حمودة إن إسرائيل تستغل الجنسيات المختلفة التي تحيا على أراضها وخارجها بحكم اعتناقهم الديانة اليهودية في اختراق الكثير من الدول العربية وغير العربية حتى الولايات المتحدة نفسها والدليل الجاسوس الأمريكي جونسان بولارد، مشيرًا إلى تصريحات يدلين التي يعترف فيها باختراق السودان ومصر وكثير من الدول العربية.
من جانبة أكد الدكتور أيمن شبانة، أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدراسات الأفريقية، دور إسرائيل في تقسيم السودان، وأن سيلفاكير لخص هذا الدور حينما ذهب إلى إسرائيل في جملة "لولا أنتم ما كنا نحن"، مشيرًا إلى حركة "أنانيا" التي تعد أول من حمل السلاح في 1963 بدعم إسرائيلي بالاتصال المباشر مع حكومة جولدا مائير، وهذه الاتصالات توقفت مع إبرام اتفاق السلام 1972 في أديس أبابا.
وأوضح شبانه أنه بعد تسوية الأزمة وعمل اتفاق سلام ظهرت فلول لحركة أنانيا رافضة لهذا الاتفاق وكانت ترى أنا قضية الجنوب لا يمكن أن تحل بإسناد بعض المناصب للجنوبين أو حكم ذاتي في ظل الخضوع لحكومة مستبدة، مُبينًا أن الحركة اضطرت للفرار إلى إثيوبيا وأسسوا حركة "أنيانيا 2" لمواصلة الكفاح المسلح لانفصال جنوب السودان، بدعم من إسرائيل، حتى تمكن جون جرانك من القضاء عليهم بمساعدة الحكومة الإثيوبية بقيادة "منجستو".
وقال شبانة إنه بالتزامن مع تلك الأحداث كان هناك مشروع صهيو-أمريكي يهدف إلى فصل جنوب السودان ودعم الحركات الانفصالية وبعدها تم التخلص من جون جرنك بحادث طيارة مُدبر أثناء عودته من أوغندا لعدم اقناع الجنوبين بالوحدة وتصعيد مجموعة من القيادات التي تنادي بالانفصال، ومن ثم تم دعم سليفاكير ورياك مشار وغيرهم من الحركة الشعبية والذين يمثلون قبائل "الدنكا والنوير" باعتبارهما أكبر قاعدتان عرقيتان في الجنوب.
ويوضح شبانة أن خطورة انفصال الجنوب على المصالح المائية المصرية تتمثل في أن الجنوب دولة معروفة بتوجهها لإفريقيا وكراهيتها الشديدة للعرب حتى أنهم يسموا العرب "الجلابة" والتي تعني جلابة الشر أو الرقيق بوجه عام، وبالتالي مصر أمام مواجهة 9 دول إفريقية وليس ال 8 الأعضاء في دول حوض النيل، كما أن جنوب السودان يمر من أراضيه 29% من مياه النيل الواردة إلى مصر، بالإضافة إلى كل مشروعات الاستفادة بالفواقد التي تحلم بها مصر موجودة في منطقة جنوب السودان المتمثلة في مشروع حوض مشار وبحر الغزال وقناة "جونكلي" والذين مع اكتمالهم يتحقق لمصر والسودان 18 مليار متر مكعب من المياه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.