على الرغم من الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تعيشه مصر خلال السنوات الأخيرة، وفقا لآراء الخبراء، إلا أن تصريحات رسمية تخرج علينا لتؤكد أن الاقتصاد المصري بشهد نموًا واضحًا في الفترة الأخيرة، ويؤيد ذلك ما نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، الذي زفت خلاله البشرى للمصريين بأن اقتصاد بلادهم وقد يصبح ثاني أكبر اقتصاد على مستوى القارة السمراء. تصريحات رسمية قال وزير الاستثمار، أشرف سالمان، إن الاقتصاد حقق نموا بنسبة 4.1% في السنة المالية المنتهية في يونيو الماضي، مؤكدًا أن مصر تطمح إلى جذب استثمار أجنبي مباشر بعشرة مليارات دولار في السنة المالية الحالية 2015-2016. وتوقع سالمان أن يحقق الاقتصاد نموا بنسبة 5.2% في السنة المالية الحالية، مشيرًا إلى أن الحكومة تأمل في خفض معدل البطالة من 11.2% إلى 10.6% خلال عام. إشادة أجنبية وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن الاقتصاد المصري يوشك على تجاوز اقتصاد جنوب أفريقيا ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في أفريقيا مقوما بالدولار. وأضافت الصحيفة أن دراسة لبنك الاستثمار رينسانس كابيتال أظهرت أن الناتج المحلي الاجمالي لمصر سيصل إلى 315 مليار دولار في 2015 بفارق ضئيل عن جنوب أفريقيا المتوقع أن تحقق 317 مليار دولار والتي فقدت المركز الأول كأكبر اقتصاد في افريقيا عام 2014 لصالح نيجيريا. واعتبرت فاينانشال تايمز أن الارقام تمثل تغيرا دراميا بالمقارنة مع عام 2014 حين بلغ الناتج المحلي الاجمالي لمصر 286 مليار دولار بفارق كبير عن ناتج جنوب افريقيا الذي بلغ 350 مليار دولار، حسب الأرقام المنشورة من صندوق النقد الدولي. وأجرى رينسانس كابيتال تحديثا لتلك الأرقام حسب تقديراته لنمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي والتضخم في العام الميلادي الجاري مع الأخذ في الاعتبار التحركات في أسعار الصرف. وأثر العامل الأخير بقوة في اقتراب الاقتصاد المصري من المركز الثاني في ظل محاولات مصر التحكم في انخفاض سعر الجنيه مما قلص التراجع إلى 8.7% هذا العام لكن حتى أيام قليلة ماضية حين أجرى بنك الاستثمار حساباته كان الراند (عملة جنوب افريقيا) انخفض بنسبة 16.8% مقابل الدولار رغم أنه عوض لاحقا بعض خسائره. وأشار تحليل بنك رينسانس كابيتال إلى أن الجنيه المصري الآن يعتبر أكبر عملة مقومة بأكثر من قيمتها من عملات الأسواق الناشئة في حين ربما يكون الراند أكثر عملة مقومة بأقل من قيمتها. كان البنك المركزي، سمح في يناير الماضي بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 7.53 بعد أن ثبته لما يزيد على ستة أشهر عند مستوى 7.14 جنيه، وذلك لمكافحة تداول الدولار في السوق السوداء بفارق كبير. وفي يوليو الماضي سمح بانخفاض جديد بقيمة 20 قرشا في سعر الجنيه ليصل إلى مستوى 7.73 أمام الدولار، وأبقى عليه عند هذا المستوى حتى الآن. وتتوقع بنوك استثمار أن يقدم البنك المركزي على خطوات جديدة لخفض قيمة الجنيه في السوق الرسمي قبل نهاية العام الجاري ليهبط إلى مستوى 8 جنيهات للدولار. واضافت فايناشال تايمز أن بنك رينسانس كابيتال يتوقع انخفاض قيمة الجنيه بنسبة 20% أمام الدولار على مدى 24 شهرا قادمة، وأنه إذا حدث ذلك وتمكن الراند من الاستقرار فقد يمكن لجنوب أفريقيا مرة أخرى أن تتجاوز مصر في قيمة الناتج المحلي الاجمالي مقوما بالدولار. لكن الصحيفة نقلت عن تشارلز روبرتسون كبير الاقتصاديين العالميين في البنك قوله إنه يعتقد أن النمو الأسرع في مصر سينتصر في نهاية الأمر، مضيفًا: "اتخيل أن مصر ستتجاوز جنوب أفريقيا بصورة دائمة." وتابع: "توجد قصة نمو في مصر.. كان هناك كثير من عدم اليقين من 2011 إلى 2014 حيث كان الناس لا يستثمرون ويوجد الآن احتياج لتشييد البنية التحتية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة، توجد ثقة أكبر لدى المستثمرين". تصريحات معاكسة في المقابل قال الدكتور رأفت رضوان، رئيس مركز دعم وإتخاذ القرار الأسبق، إن الاقتصاد المصرى يمر بمنعطف حاد جدًا، مشيرًا إلى أن معدل التضخم فى شهر 2.8%، بينما هناك أكثر من 60 دولة معدل التضخم السنوي لهم أقل من 2.8%، فمعدل التضخم لدينا غير مسبوق. وأضاف رضوان، أن البنك المركزي أعلن عن زيادة الدين الخارجى ل48 مليار دولار، وانخفاض الاحتياطى الاجنبى بأقل من 1.7 مليار فى شهر، كما أن مؤسسة مودرن العالمية خفضت ترتيب مصر فى ضوء إنخفاض الإحتياطي، مع عدم وجود دعم خارجى، هذا فضلًا عن الدين الداخلى، فالاقتصاد المصري بحاجة لحقن منشطة، تقتضى حلول سريعة بجانب الحلول الطويلة، ولابد من التدخل الفورى لضخ استثمارات إنتاجية، فالاستثمارات الخارجية مترددة، والاستثمار الداخلى متوقف. وتسائل رئيس مركز دعم وإتخاذ القرار الأسبق، لماذا إنشاء العاصمة الإدارية الآن فى ظل هذا الاقتصاد المتردى؟، فنحن انشاءنا قناة السويس فى عام، لكن مردود القناة لن يظهر الآن نظرًا لتوفق حركة التجارة العالمية. روشتة الإصلاح بينما أكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية قيام الاتحاد بإعداد خاصة بالاقتصاد المصرى تتضمن المشاكل والحلول للخروج من عنق الزجاجة، موضحًا أن الدراسة حددت مجموعة من العناصر والاجراءات التى يجب على الحكومة القيام بها فوراً لانتشال الاقتصاد المصرى من عثرته، وهى الاصلاح الاقتصادى وأن الاقتصاد يقوم على اقتصاد السوق الحر. وأوضح أن الدراسة تضمنت ضرورة قيام البنك المركزى بمراجعة إجراءات وقواعد الصرف الأجنبى وخاصة فيما يتعلق بصرف وإيداعات العمل الأجنبية فى ظل المشاكل التى تعاني منها السوق المحلية، بالإضافة إلى سرعة تحرير البضائع الموجودة بالموانىء المصرية الآن، حتى لا يؤدى ذلك لارتفاع الاسعار المنتجات والسلع بالسوق المحلية ، مشيراً إلى أننا فقدنا سمعة المتعاملين فى التجارة الخارجية خلال ال3 شهور الماضية. وطالب بعمل تحويل تدريجى لسوق الصرف وهى الآلية الوحيدة للحد من الواردات وزيادة الصادرات، والإسراع فى الخطوات الاصلاحية، والتأكيد الصريح على احترام مصر الكامل بالتزاماتها وتعاملاتها الدولية خاصة فيما يتعلق بالاتفاقيات التجارية الدولية ، وإنشاء هيئة واحدة للتعامل مع الاراضى فى مصر كلها وتحديد جهة واحدة.