كابتن نادي السكة الحديد الذي ترك كرة القدم واتجه نحو الفن الذي تركه بعد عدو أعمال، متجهًا إلى الإنشاد الديني، محمد الكحلاوي الذي لعبت الصدفة دوراً كبيراً في حياته، ففي الوقت الذي كان يعمل فيه "كومبارسًا" في فرقة عكاشة، التي تأخر عنها المطرب زكي عكاشة ذات ليلة في إحدى حفلاتها الهامة، ليطلب منظم الحفل من الكحلاوي الغناء لتسلية الجمهور الذي تجاوب معه لدرجة كبيرة للغاية، مما أفزعه تجاوبه ليهرب من الحفل. ارتبط اسم "الكحلاوي" الذي ولد في مثل هذا اليوم الأول من أكتوبر عام 1912 بالعديد من الأعمال الفنية بداية من "بنت البادية" إلى "تيتاووينج"، ليترك كل هذا ويتجه نحو الإنشاد الذي لحّن فيه أكثر من 600 لحن من مجمل إنتاجه الذي قارب 1200. صاحب القدرات المتعددة الذي تنوع بين الغناء البدوي والشعبي والديني وكذلك في التمثيل، وكان له شرف الريادة والسبق في كل ألوان الغناء التي اشتهر بها ثم تبعه المريدون. وضع الراحل الذي عمل موظفًا بالسكك الحديدية في بداية حياته، أسس الأغنية الدينية بمفهومها الحالي، بعد أن أصبحت تغنى بنوتة موسيقية وفرقة كاملة، انتخب نقيبًا للموسيقيين عام 1945 لكنه تنازل عن المنصب للموسيقار محمد عبد الوهاب. حصل على جائزة التمثيل عن دوره في فيلم "الذلة الكبرى"، وجائزة الملك محمد الخامس، وفي 1967 حصل على جائزة وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ومن أبرز أغانيه "لجل النبي" و"يا قلبي صلي على النبي"، و"خليك مع الله"، و"نور النبي"، و"خلّي السيف يجول". روت ابنته الداعية الإسلامية الدكتورة عبلة الكحلاوي العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أنّ السبب الأساسي في تحوّل حياة والدها "هو رؤيا الرسول عليه السلام في المنام". وأضافت الدكتورة عبلة في تصريحات صحفية، «أن والدها تحول إلى المدائح النبوية والمسارعة في عمل الخيرات والزهد في الدنيا عن طريق التصوف الصحيح البعيد عن البدع والخرافات، وسجل تلك الرؤيا العظيمة للرسول عليه السلام في منامه في أغنيته الشهيرة«حب الرسول يابا دوبني دوب»، ومنه فلا مانع من تطبيق ما في الرؤيا إذا كان فيها خير للإنسان. رفض الكحلاوي التغني لأي مخلوق غير الرسول محمد عليه السلام، وتروى عنه واقعة رفضه الغناء للزعيم جمال عبد الناصر رغم طلبه شخصيًّا، قائلًا له: "لن أمدح أحدًا بعد رسول الله". وقف مع الفنان الراحل عبد الحليم حافظ في أزمته التي تعرض لها بعد أغنية "قارئة الفنجان"، قائلًا: "حليم مظلوم، وقف ليغني وهو مريض، لمح في الصالة أناسًا يهرجون وآخرون لا هم لهم إلا التريقة والصياح، حليم الذي غنى كثيرًا ليسعد الناس، ينظر فجأة ليجد في الصفوف الأمامية مجموعة منهم لا يستطيعون دفع تذكرة في آخر صف لابد وأن يثور". كما أنّ بينه وبين عندليب الشرق موقفًا غريبًا حكاه بنفسه قائلًا: "إنه شاهد رؤيا لعبد الحليم حافظ في أيامه الأخيرة، وكان ذلك بعد أن نام ليلة في خلوته بالمسجد كعادته وعقب صلاة الفجر رأى حليم في منامه يسأله، أنت بتعمل ايه في مرضك يا حاج؟، فرد عليه الكحلاوي في المنام: الحمد لله أنا علاجي الوحيد هو سورة يس، ورد عليه عبد الحليم والله ما في أعظم منها.. وأنت عامل ايه يا عبدالحليم: أنا خلاص زهقت من الجو ده، زهقت من الكلام.. ومن النفاق.. أنا خلاص راح أجي عندك يا حاج". ليرسل الكحلاوي في اليوم التالي تلغرافًا إلى عبد الحليم في لندن هذا نصه: "عليك بسورة يس، عليك بها في هذه المحنة".