طلاقها أشعل الشعب ضد فساد الملك فتظاهروا ضده.. "مراهقة فاروق" سبب انفصالها.. مبارك أكرمها والسادات خلف وعده معها عاشت حياتها الأولى في براءة هواياتها، ليختار لها القدر حياة جديدة تتوج فيها ملكة على مصر تتنعم فيها بين القصور، لكن الزمن يصمم فجأة أن يكون لها نصيب من حكمته "الأيام دول" وتتبدل الأحوال فتتمسك بريشتها ترسم آمالها وتحكي آراءها في لوحات إبداعية. «التحرير» ترصد في الذكرى ال94 لميلاد بطلة الشعب الملكة فريدة، حياة القصور والدور التي سارت على لحنها طيلة 67 عاما كانت خلالها عينا شاهدة على تقلبات الأحداث السياسية، وفقا لما ذكرته في حديثها مع فاروق هاشم في "فريدة ملكة مصر أسرار الحب والحكم". براءة مصرية ولدت الملكة فريدة في 5 سبتمبر 1921، بمدينة الإسكندرية، واسمها صافيناز ذو الفقار من عائلة معروفة ذات أصول في الحكم وعلاقة بالعائلة الملكية. والدها يوسف ذو الفقار المستشار بمحكمة الاستئناف المختلطة بالإسكندرية، ابن على باشا ذو الفقار محافظ العاصمة الأسبق، ابن يوسف بك رسمي أحد كبار ضباط الجيش المصري في عهد إسماعيل، ووالدتها زينب ذو الفقار كريمة محمد سعيد باشا الذي رأس الوزارة المصرية أكثر من مرة، وهي صديقة لأغلب سيدات المجتمع المصري والصديقة الحميمة للملكة نازلي زوجة الملك فؤاد، وكانت هي الوصيفة الأولى للملكة. صافيناز في صباها
ودرست صافيناز في مدرسة راهبات نوتردام دي سيون الفرنسية بالإسكندرية فأتقنت اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وكانت لها هوايات كثيرة أولها الموسيقى خاصة عزف البيانو، وولعت بالرسم الفني وتعلمت من خالها محمود سعيد الذي شجهعا ونما قدراتها. ضحكة حياة.. كانت عائلة صافيناز قوية الصلة بالعائلة الملكية واختارتها الملكة نازلي والدة الملك فاروق لتختبرها استعدادا لاقترانها بالملك فاروق، فاصطفتها في رحلة مع العائلة الملكية لمدة أربعة أشهر جالت فيها أرجاء أوروبا وتعرفت على فاروق عن قرب وأعجب بها الملك الصغير حتىنشأت علاقة حب توجت بطلب أسرة الملك يدها من والدها لكنه رفض متعللا بصغر سنها وأنها لم تتعد ال16 ربيعا، لكن تمسكهم بها جعل فاروق يوافق على الخطوبة مؤجلا حفل الزفاف وأقنع والدها أن المراسم ستتم بعد 6 أشهر. فاروق إلى جواره أخواته وصافيناز خلال رحلتهم الأوروبية في اليوم الموعود الخميس 20 يناير سنة 1938 تم عقد القران بقصر القبة، وزفت الفرحة أرجاء المعمورة فأقيمت الحفلات في البلاد واستمرت السهرات 3 ليالٍ رسميا ابتهاجا بزواج الملك الصغير. زفاف الملك فريدة والملك فاروق وتنعمت بعدها الملكة فريدة بحياة هانئة استمرت مدة سنة كاملة، وأنجبت ثلاث بنات "فريال وفوزية وفادية"، لتأخذ المشاكل طريقها إلى بلاط القصر الملكي فتنقلب السعادة إلى آلام التعاسة. الأهالي يطلون على موكب زفاف الملك نساء القصر كانت الملكة فريدة شاهدة على عصر الملكي وراوية لأحداث بلاط الحكم، لكن ارتباطها بالأحداث كانت ذكريات مؤلمة بالنسبة لها، فالفساد الذي أحيط ب"فاروق" من خلال حاشيته وأصدقائه ومقربيه كانت سببا في النفور بينهما واتساع الفجوة بينهما حتى صار ذلك مصدرا أساسيا لطلاقها من الملك عام 1948، رغم الحب الذي نشأ بينهما ووفائها له بعد الطلاق. الملكة فريدة
وكانت أشد المواقف التي تسببت في فراقها للملك علاقاته النسائية وحفلاته الماجنة كما روت عن ذلك إيقاع الملكة شويكار - ضرة أم فاروق - بالملك الصغير في تشويه سمعته من خلال إقامة حفلات ساهرة تحت غطاء "حفلات خيرية" وعرفت بها الصحافة الأجنبية وتحدث بها المصريون لما عرف عن تلك الليالي بالمجون والفحش، وفقا للملكة فريدة التي منعها فاروق من حضورها لاعتراضاتها المتكررة على فقرات الحفلات. الملكة فريدة بجوار بناتها لم تكن الحفلات الأخيرة للخلاف بين الملكة والملك، فظهور الممثلة الشابة كاميليا - ليلان كوهين - في حياة فاروق أثار غيرة فريدة، خاصة بعدما اتجه وراءها إلى أوروبا ليشهد خوض الممثلة اليهودية مسابقة ملكة جمال قبرص، وما أثير عن شرائه قصرا لها هناك وآخر في الإسكندرية، ولهثه ورائها الأمر الذي صار يتداوله عامة الشعب، لكن موت كاميليا المفاجئ هدأ من آلام الملكة شيئا ما. كاميليا التي ولع بها فاروق غير أن فريدة "ما أن تخرج من حفرة فتقع في دحديرة"، فسريعا فُتح باب موارب على أسرار ليالي الملك مع حاشيته المقربة من الألمان التي أطلقت عليهم فريدة اسم "كتيبة الفساد" والتي اتهمتهم بأنهم كانوا يعملون على توفير وإعداد الليالي الخاصة لفاروق وإحضار الفتيات التركيات والأوربيات، وحاولت جاهدة على إبعادهم عنه لكنها لم تستطع. الملكة فريدة وابنتها نهاية البيت يكتمل مع فريدة والملك حين ضبطت سيدة تسير في الجناح الملكي بالقصر في منتصف الليل فأمرت بالإمساك بها فلما أحضروها اعترفت أنها كانت في ليلة مع فاروق مما أشعل النار في الهشيم لتقرر الملكة هجر الملك نهائيا وتطلب منه الانفصال بالطلاق. وتذكر فريدة أنها بعدما طلقها فاروق طلب الملك من شيخ الأزهر العلامة الشيخ المراغي إصدار فتوى بتحريم زواج الملكة السابقة من أحد بعده فرفض لأنه ليس من الدين، وخرجت التظاهرات في الشوارع بعدها تنادي بفساد الملك وتعترف بطهارة فريدة مما وضع فاروق في مأزق. مع الرؤساء عاشت الملكة فريدة حياة متقلبة بعد قيام ثورة 1952 عقب تجريدها من أملاكها ومقتنياتها الذهبية كما أخذت لجنة الحصر التي شكلها مجلس قيادة الثورة، "قصر الطاهرة" الذي كان أهداه فاروق إياها بعد طلاقهما. وطلبت فريدة في عام 1962 من الراحل جمال عبد الناصر السماح بسفرها إلى بيروت فلم يمانع وأمر بحرية انتقالها وتحركاتها الخارجية فاتحا مجال عودتها إلى الوطن وقتما شاءت دون قيود. الملكة فريدة وابنتها أما الرئيس محمد أنور السادات فتحكي الملكة فريدة أنها طلبت منه شقة تسكن بها وتطل على النيل فاستجاب بعدما شكرها على دورها في كشف فساد الملك والتصدي له، لكن حرمه السيدة جيهان السادات أخبرتها فيما بعد بأن هناك إجراءات منعت استكمال حصولها على الشقة. غير أنها في حوارها عن ذكرياتها شكرت الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وحرمه سوزان مبارك معتبرة الأخيرة وقفت إلى جوارها في محنتها، وقدم لها مبارك معاشا وشقة صغيرة "حجرتين" في منطقة المعادي بالقاهرة ظلت فيها حتى وفاتها. سرقة في أمريكا من المواقف العجيبة التي تعرضت لها الملكة فريدة ما روته عن حادثة النصب عليها في الولاياتالمتحدة الأمريكية‘ إذ اعتمدت فريدة على فرشتها ولوحات رسوماتها في العيش من خلال المعارض التي أقامتها في القاهرةوبيروتوفرنسا، حتى طلب منها بعض أصحاب المعارض - كما عرفوا عن أنفسهم - بعرض لوحاتها الفنية في أمريكا، وأبهروها بالعروض المادية فوافقت. الملكة فريدة ترسم بريشتها وهناك تأخروا وتعللوا بتعقيد الإجراءات ثم طلبوا منها الاحتفاظ باللوحات في مكان آمن للحافاظ عليها، ووفروا لها مخزنا آمنت عليه لوحاتها لكنها بعد فترة ذهبت للاطمئنان على "ريشتها" فلم تجد لا اللوحات ولا عثرت على أصحاب المعرض. وادع هادئ تعرضت الملكة فريدة إلى أزمة صحية واكتشف الأطباء أنها كقامت بتغيير الدم مرتين في فرنسا والنمسا، وبعد رحلة من العلاج اكتشفوا إصابتها بمرض سرطان الدم وأيضا التهاب الكبد الوبائي، ثم انتقلت بين مستشفى القوات المسلحة وأخرى بالدقى وفحوص في أمريكا، ثم ذهبت إلى سويسرا لزيارة بناتها وهناك تعرضت لأزمة جديدة ثم ساءت صحتها هناك ودخلت إحدى المستشفيات ولكن دون جدوى ولم تتحسن صحتها، وأصرت على العودة إلى مصر، ودخلت العناية المركزة توفيت يوم 17 أكتوبر عام 1988 عن عمر يناهز 67 عامًا.