أعلنت دار الخدمات النقابية والعمالية، اليوم الأحد، تراجعها عن تنظيم اللقاء التفاوضي مع وزير التخطيط والإصلاح الإداري، أشرف العربي، بشأن قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، والذي كان مقررًا انعقاده غدًا الإثنين. وتابعت الدار، في بيان: "كانت الدار قد رحبت بالمبادرة الإيجابية لوزير التخطيط، التي أبدى فيها رغبته واستعداده للتحاور والتفاوض مع ممثلى الحركة العمالية، وسعت الدار من جانبها إلى تطوير جولة جديدة من الحوار والتفاوض المجتمعيين حول قانون الخدمة المدنية ولائحته وإشكاليات تطبيقه، ودعت ممثلي الحركة العمالية والنقابية المستقلة جميعهم إلى المشاركة فى هذا الحوار، وعملت بالتشاور معهم على تطوير مطالب ومقترحات جادة ومحددة يتأسس عليها التفاوض". وأكمل البيان: "غير أن الدار فوجئت باتهامها من قبل بعض الأطراف النقابية والسياسية بشق الصف، ومحاولة قطع الطريق على مليونية الثاني عشر من سبتمبر، ولما كانت الدار تربأ بنفسها ونشطائها وتاريخها الطويل أن توجه إليهم مثل هذه الاتهامات، كما أنها ترفض أن يزج بها في مساجلات بشأن روأيتها وأهدافها الثابتة التي لا تحيد عنها، فقد اتخذت قرارها بالتراجع عن تنظيم اللقاء التفاوضي. وأوضح الدار أنه يهمها في هذا الصدد تأكيد ما يلي: "إن الدفاع عن الحق فى التنظيم والمفاوضة الجماعية كان ولم يزل واحداً من أهم ثوابت الدار ومرجعياتها، وهو في أدبياتها ليس محض حق من الحقوق، وإنما نهج لتنظيم مجتمع تتوافر فيه الحدود الدنيا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتتوفر له الحدود الآمنة من التوازن والاستقرار، مكانٌ وموقع فى المجتمع لكل طبقة وفئة وشريحة اجتماعية يمكنها فيه أن تعبر عن مصالحها، وأن تتفاوض بشأنها، وتمارس نفوذها وضغطها لكى تُؤخذ هذه المصالح فى الاعتبار لدى رسم السياسات واتخاذ القرار.. مجتمع يجد فيه الإنسان عملاً لائقاً.. عملاً مقابل أجر عادل، فى ظل علاقات عمل عادلة، وشروط صحية آمنة.. يحفظ كرامته، ويشعره بالأمان، ويطلق إمكانياته وطاقاته.. مجتمع يظلل أفراده بالحماية، ويكفل لهم الحق فى الغذاء، والعلاج، والمسكن المناسب، والهواء النظيف الذى يتنفسوه بحرية. وذكرت أن "الحوار والمفاوضة المجتمعية كانا ولم يبرحا من أهم مطالب الدار وأهدافها، وهما فى مفهومها ووفقاً لرؤيتها عملية منظمة ومنتظمة.. لها آلياتها وقواعدها التى تنظمها وترتب حقوقاً لأطرافها والتزامات من جانبهم.. المفاوضة المجتمعية تفترض أولاً إطلاق الحق فى التنظيم من القيود التى تكبله، وتمكين الطبقات والفئات الاجتماعية من تكوين منظماتها التى تعبر عن مصالحها، وتتفاوض بشأنها.. والتى يمكنها من خلالها أن تمارس نفوذها فى المجتمع، وأن تستخدم مختلف أدوات الضغط لتحسين موقعها التفاوضى والتأثير على مواقع صنع القرار. واستطردت "الديمقراطية الحقيقية فى مفهوم الدار ووففاً لرؤيتها ليست مجرد مؤسسات تمثيلية.. ليست برلماناً أو مجلساً للشورى.. إنها نقابات مستقلة.. منظمات مجتمع مدنى.. منظمات تنتظم فيها الفئات والقطاعات الاجتماعية للتعبير عن مصالحها مباشرة، وممارسة الضغط من أجل تحقيق مطالبها.. إنها آليات فاعلة وديمقراطية للمفاوضة الاجتماعية، والمشاركة فى صنع القرار" وبينت الدار أنها "سارعت في أعقاب إصدار القرار بقانون رقم 18 لسنة 2015 بقانون الخدمة المدنية [المؤرخ 12 مارس 2915] بإصدار ملاحظاتها الأولية على القانون يوم 23 مارس.. حيث أبدت اعتراضها على "المنحى ذى الطابع الفوقى لآلية إصدار القانون التى سقط منها تماماً إجراء حوار مجتمعى حوله".. مؤكدةً أن "المجتمع الذى تصاغ القانون فى غيبة قواه الحية والاجتماعية يصعب عليه أن يكون مجتمع سيادة القانون"، منوهة إلى أنه "إذا كانت آلية إعداد القانون قد سقط منها إجراء حوار مجتمعى حقيقى .. فإن علينا أن نذهب فوراً إلى حوار مجتمعى تشارك فيه كافة الأطراف الاجتماعية ، والمخاطبين بأحكام القانون بشأن لائحته التنفيذية". وأردفت: "بناءً على ذلك سعت الدار عملياً إلى تفعيل الحوار المجتمعى.. فنظمت على امتداد خمسين يوماً سلسلة من اللقاءات مع العاملين المخاطبين بأحكام القانون فى العديد من المحافظات .. حيث أسهمت هذه اللقاءات فى تطوير المطالب التى وقعت عليها أربع وثلاثين نقابة وانعقدت تأسيساً عليها جلسة الحوار مع وزير التخطيط وعدد من منمستشارى الوزارة يوم الإثنين الموافق 15 يونيو الماضي". وأشارت إلى أنه "مع تنظيم الآلاف من موظفى الضرائب العامة والضرائب على المبيعات وقفتهم الاحتجاجية يوم الإثنين الموافق 10 أغسطس أعلنت الدار تضامنها معهم، وطالبت الحكومة بوقف العمل بالقانون لحين صدور اللائحة التنفيذية وتنظيم حوار موسع بشأن القانون واللائحة والمواد الجديرة بإعادة النظر فى شأنها وآليات تطبيق القانون.. مشددة على أن الحوار لا يستوفى أغراضه ما لم يتسع لجميع المخاطبين بأحكامه وممثليهم الحقيقيين.. ومؤكدةً أنها مع حق العاملين بالضرائب والمالية وجميع العاملين فى وحدات الجهاز الإدارى للدولة فى التعير عن مصالحهم وممارسة كافة أشكال الضغط بالوسائل السلمية للدفاع عنها والتفاوض من أجل تحقيقها،داعيةً كافة القوى الديمقراطية إلى الانحياز لهذه الحقوق المشروعة والتضامن معها". وأكدت أن موقفها من "مليونية الثاني عشر من سبتمبر"، التي دعت إليها عدة من النقابات العمالية المستقلة، لا يختلف ولا يخرج عن هذا السياق المشار إليه أعلاه.. حيث تشدد الدار على حق الداعين والمشاركين فى هذه المليونية جميعاً فى التعبير عن مواقفهم ومصالحهم.. وعلى حق المصريين جميعاً فى التعبير والاجتماع والتظاهر، وممارسة هذه الحقوق دون انتقاص.. منوهةً إلى أن منظمى هذه الوقفة [المليونية] -على الأخص- لا يخالفون قانون التظاهر- رغم كافة التحفظات المعروفة وشبهات عدم الدستورية التى تحيط بهذا القانون. وأفادت الدار أنها ترى أحد الأسباب الجوهرية لموجة الرفض التى صاحبت البدء في تطبيق القانون إنما يكمن فى إصداره دون تنظيم حوار مجتمعى بشأنه - على الأخص مع المخاطبين بأحكامه- والذى كان ممكناً له أن يتجاوز بعض مثالب القانون، وأن يعدل من بعض المواد التى تثير الرفض.. كما ترى أن آليات إنفاذ القانون وتطبيقه على الأرض تحيط بها الكثير من التعقيدات والمشاكل –على الأخص- مع تراخى إصدار اللائحة التنفيذية واستمرار الغموض الذى يكتنف الكثير من مواد القانون. وأوضحت أنه "ليس من سبيل لمعالجة ذلك كله – من وجهة نظر الدار- سوى اللجوء إلى الحوار المجتمعى الواسع الذى تشارك فيه الفئات المتنوعة من المخاطبين بأحكام القانون الذين تتقارب مصالحهم وتتقاطع وربما تتضارب أيضاً.. الحوار والتفاوض الذى يعالج المشاكل والتناقضات على الأرض، ويستهدف تحقيق التوازن بين المصالح والاعتبارات المختلفة للعاملين على اختلاف مواقعهم". وشددت على أنها أعربت منذ الوهلة الأولى لتناول القانون عن انحيازها وتقديرها لاعتبارات الإصلاح الإدارى.. غير أن الإصلاح الإدارى الحق لأجهزة الدولة- من وجهة نظرنا- يبدأ من الحوكمة .. من إعمال الشفافية وقواعد الحكم الرشيد بما تفترضه ابتداء من كفالة المشاركة والرقابة المجتمعية.. كما أنه لا يمكن تصور ثورة إدارية على الآداء أو الهياكل الوظيفية دون أن تكون ثورة ديمقراطية .. من أجل احترام البشر جميعهم .. مقدمى الخدمة ومتلقى الخدمة .. الاعتراف بحقهم جميعاً فى الرقابة المجتمعية على أجهزة الدولة التنفيذية .. المشاركة قى صنع سياساتها وتوجهاتها، والحق فى المعرفة الذى يبدأ من معرفة القوانين التى يجرى إعدادها، وينتهى بمعرفة النواقص وأوجه القصور وأسبابها لكى يمكن للجميع تجاوزها. وأفادت "لهذا.. سعت الدار، وستسعى دائماً إلى تطوير آليات الحوار والمفاوضة المجتعية.. إلى تمكين العمال ومنظماتهم الديمقراطية المستقل من المشاركة فى الحوار والمفاوضة وصنع القرارات والقوانين، إلى استدعاء الحكومة إلى الحوار المجتمعى، والضغط عليها بكافة السبل للاستجابة لضروراته". وتابعت: "لم تغير الدار مواقفها، ولن تغيرها.. لكنها تتراجع فقط عن تنظيم اللقاء الحوارى التفاوضى الآن.. تجنباً للمساجلات التى لا طائل من ورائها ، وإعلاءً للقيم الديمقراطية والمصالح الأهم الآن، إن الدار-رغم ذلك- تدعو العاملين ومنظماتهم المستقلة الديمقراطية إلى الحوار والتفاوض بشأن مصالحهم وممارسة كافة أشكال الضغط السلمية دفاعاً عن حقوقهم.. مع تدارس إشكاليات القانون، والتوافق على مطالب محددة وواضحة بشأنه". وأكدت الدار أن "شيئاً ما- أياً ما كان- لا يمكنه أن ينال من موقف الدار الثابت دفاعاً عن الحركة العمالية المصرية المستقلة، والحريات النقابية، وحق العمال المصريين جميعاً فى الدفاع عن مصالحهم والمطالبة بحقوقهم..نحن مع هذه الحقوق، وسندافع وندعم دائماً المطالبين بها أياً ما كان موقعهم".