حسنٌ، أنت تشعر الآن أن الإخوان مهزومون، وأن الرد القاسى الذى تَلقَّوه على يد شباب كُثر من اتجاهات سياسية مختلفة تعارضهم، يجعلك أنت -معارض الإخوان- فى موقف المخطئ أو «الغلطان» لأنه وربما يبدو لأول مرة وبصراحة أن طرفك هو المدان فى الأحداث.. فلتهدأ قليلا وتنشِّط مخك بالتفكير فى الموضوع من الأول، وإن كنت أنا سأبدأ معك من الآخر. العنف مرفوض، من قال إننا نشجعه؟ لكن هل ستضربنى ليل نهار بقراراتك المتعجرفة والغبية، وتسحلنى وتقتلنى أمام الاتحادية وفى بورسعيد والمحلة والإسكندرية، ثم تقول إن الواجب الوطنى يحتم علىّ أن أسكت؟! إن كنت أنت مصريًّا فأنا مثلك أحمل الجنسية ذاتها، ولا أحب أن أدير لك خدى الأيسر بعد أن صفعتَنى على الأيمن.. ضربتَنى ألف مرة فلماذا تبكى عندما أضربك مرة واحدة؟ ثم لماذا يعتقد الإخوان أن الأمور ستسير هكذا دائما، يضربون ويسحلون ويقتلعون الخيام، ويعذبون داخل قصر الرئاسة، ويصوبون بنادقهم ويقتلوننا، ثم نصفح نحن عنهم ونرفض أى تصرف عنيف ضدهم؟ شخص يرضى بالعنف ويدعو إليه، هو بالتأكيد لا يريد مصلحة هذا الوطن، وشخص أيضا يرضى بأن يضربه الجميع بلا رد -خصوصا عندما لا يهتمّ المعتدِى عليه طوال الوقت بالاعتذار أو الامتناع عن ذلك- هو شخص ضعيف بلا كرامة، ومن هنا كانت الجمعة الأخيرة ل«رد الكرامة». المؤتمر الذى عقده الدكتور محمود حسين الأمين العام لجماعة -أو جمعية أو أشياء أخرى لا نعرفها- الإخوان المسلمين، قال فيها كلاما يلوث أى شىء يمكن أن يكون به خير فى تاريخ هذه المنظمة، وقف «الأمين» ليقول إن الإخوان ليس لديهم ميليشيات وإلا أخرجوها للدفاع عنهم أمام مقر مكتب الإرشاد، وإن «مصر كلها تعلم أن فرد الإخوان الواحد يستطيع أن يأكل 100 من الخصوم بدون سلاح»، وهكذا ظل الرجل «يهرتل» ويقول كلاما 90 بالمئة منه غير حقيقى بالمرة، مثل «العديد من المفسدين يحاولون جر البلاد إلى كوارث ومصائب وحروب أهلية»، و«هؤلاء (المفسدون) اعتدوا على رأس الدولة فى (الاتحادية) وفشلوا»، وانتهكوا حرمة المساجد وحاصروها، وروعوا من بداخلها بالمولوتوف والخرطوش والأسلحة البيضاء. حسين قال كل هذا دون أى حرج، وطبعا دون أن يدين نفسه وجماعته ورئيسه قبل كل شىء، دون أن يفكر مثلا فى أن الإخوان هم من بدأ بالعنف فى جمعة «كشف الحساب» و«الاتحادية» وغيرها، ويضيف متلوِّنًا: «من يستخدم العنف لفرض رأيه لا سبيل للحوار معه».. قول تانى كده يا دكتور.. إيه؟! «من يفرض العنف؟»، واضح أنك رجل ذاكرته فارقت جسده منذ زمن أو أن الدكتور بديع لديه «ريموت كنترول» لدماغ حضرتك يجعله يصدق ما يريده، ويمسح منه كل المشاهد التى تدينه، عُد إلى رشدك يا حسين أنت ومرسى وبديع وخيرت، عد إلى أصل المشكلة، تجد الأمور وضحت والمشكلات انتهت، أما «رغى، رغى، رغى»، فهذا لا يفيد إلا الجالسين على المصاطب. آه، نسيت، الأمين العام للجماعة قال: «بعض القنوات الإعلامية قامت بإشعال الفتنة ودعت إلى الذهاب للمقر للقيام بأعمال تخريبية»، كالعادة دون أن يأتى بدليل، ودون أن يعلق أيضا على الدعوات التى صدرت من قبل أصدقائه فى «حازمون» وغيرها فى نفس توقيت مؤتمره بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى وإحراقها. الجماعة قررت عدم ترك حقها -وهذا حقها- وستحاسب كل من شارك فى العنف أو دعا إليه.. هذا يا حسين لو كنا فى دولة محترمة عاقبت جماعتك على قتلها المواطنين وتعذيبهم فى «الاتحادية»، لكن أن تقول هذا فى دولة تملكون شرطتها وتحقيقاتها ونائبها العامّ فهذاء والله افتراء تُحاسَبون عليه أمام ربنا الأعلى. ماذا حدث أصلا؟ 1 عدد من الشباب أيًّا كانت توجهاتم، قرروا الذهاب إلى مكتب الإرشاد، وقالوا إنهم سيرسمون الجرافيتى على حوائط مكتب الإرشاد، وهى دعوة ربما كانت خاطئة إلى حد كبير، بعد أن تحولت الرسومات إلى شتائم، وهذا كما لا نقبله على أنفسنا لا نقبله عليكم -رغم إنكم تستاهلوا- فماذا كان ردك أنت على هذا؟ قام حراسك يا إخوانى بسحل وضرب هؤلاء الشباب، و«شخرتم» لهم، ثم كانت وقاحتكم الكبرى فى أن يرفع أحد رجالكم يده ويصفع بها ميرفت موسى حتى إنها سقطت أرضا، فهل تساوى بين رسمة تشتم فى سياساتك فى النهاية، وصفعة أو ضربة على جسد فتاة، يا إخوانى «الشتمية مابتلزقش» -وإن كانت شيئًا حقيرًا- لكن الأسوأ منها وما لا يقارن بها هو ضربك وصفعك وشخرك للفتيات. 2 مصر أرادت اعتذارا عن الصفعة، لكنكم لم تفعلوا ولن تفعلوا حتى لو صفعتم ال92 مليونًا على قفاهم، لذا كان طبيعيا أن تخرج مظاهرات تندد بحكمكم الغبى، وتذهب إلى مقره الفعلى فى المقطم، ولو كنت تريد سلاما بالفعل، لسحبت رجالك من المقر وجعلت حراستك بداخله.. صدقنى المظاهرات كانت ستتوقف على الباب، ولن يدخل أحد إلى دارك، ولنا فى اعتصام «الاتحادية» قبل أن تفضُّوه ألف دليل، المتظاهرون رسموا على الجدران ونصبوا الخيام لكنهم لم يعتدوا على أحد وسكتوا واعتصموا، وهذا كان ممكنًا فى المقطم، وإلا فلتقُل لى يا إخوانى، لماذا كتب شبابكم على مواقع التواصل الاجتماعى إنهم ينتظرون التكليف لكى ينزلوا أمام المقر لحمايته والدفاع عنه بأى ثمن؟ نعم، فى كل اعتصام ومظاهرة هناك أشخاص لا يملك أحد على الإطلاق توجيههم أو منعهم من ارتكاب حماقات تتسبب فى العنف، لكن من بدأ؟ ها.. من بدأ؟ 3 لاحظ هنا أن الجماعة فى غضون أيام قليلة عقدت مؤتمرين للدفاع عن نفسها والدفاع عن أهلها ومكتبها العام، فأين كانت هذه المؤتمرات وقت «الاتحادية» ومئة موقعة غيرها؟ قام تابعون للجماعة -بما إن الدكتور حسين نفى وجود ميليشيات- بكل ما يفعله معتدٍ غشيم بأهل دولة يغزوها، ووقتها لم نسمع منكم سوى جعجعة وخوف على النباتات كأنها أهم من روح البنى آدمين (منا أو منكم). مؤتمر الجماعة الأول انسحب منه الصحفيون لكثرة ما قيل فيه من كذب، وادعاءات وافتراءات، والثانى هتف فيه الإخوان ضد الإعلام، يريدون تطهيره، ومعاقبة معارضيهم فيه، رغم أنهم هم من بدأ الهجوم على الصحفين والإعلاميين، وأنف زميلنا محمد إسماعيل الصحفى باليوم السابع خير دليل على من يعتدى على الإعلام، ويزيد عداوته ضدكم. 4 مرة أخرى، الرئيس يسكت، الإخوانى التابع لجماعته وابنها ومطيعها فى قصر الاتحادية، لا يرى ولا يسمع شيئا مما يحدث، ثم يخرج علينا فى الخطبة القادمة ليؤكد: «أنا رئيس كل المصريين»، كُن صريحا يا مرسى، قل: «أنا ابن الجماعة فى (الاتحادية) أنفذ ما يأمروننى به، وكلمة (لا) لا تَرِد على لسانى مطلقا، أنا الخاضع الخانع، الذى لا أعصى أمرًا لخيرت الشاطر»، لا تُكن مُحرَجًا، «اشمعنى ف دى يعنى؟»، يا راجل دا أبو الفتوح أدان العنف- حتى لو كان بيمثل-، وانت ساكت! 5 رغم كل شىء.. «الطلعة» دى ماكانتش بتاعتنا، وأعتبر أن معارضى الإخوان خسروا منها أكثر من الإخوان أنفسهم، لا العنف سيحلّ المشكلة ولا الشتيمة هتغير سياستهم.