عقب الجريمة المروعة التى راح ضحيتها ستة عشر من جنودنا على الحدود وهم يتناولون طعام الإفطار فى رمضان الماضى.. ذهب الأخ الرئيس مرسى إلى سيناء، ووقف يعلن أنه سيقود بنفسه معركة الثأر لجنودنا، وأن مصر لن يهدأ لها بال حتى يتم القصاص لهم، وحتى يتم القضاء على كل بؤر الإرهاب فى سيناء. تصورنا أن الأخ الرئيس سيلبس «الكاكى» وسيضع كل الإمكانيات لتعزيز قوة جيشنا، وهو يخوض معركته لاستعادة سيناء من قبضة عصابات الإرهاب، وأنه سوف يستجيب للمطالب التى أجمع عليها الخبراء بضرورة تعديل الاتفاقية مع إسرائيل. أو على الأقل الملاحق الأمنية لها، لكى يتم إلغاء القيود التى تكبل الجيش المصرى وتضع حدودا لقواته الموجودة فى سيناء.. حتى يتمكن الجيش من بسط سيطرته الكاملة والقضاء على عصابات الإرهاب التى استوطنت سيناء، وتأمين الحدود من أى عدوان أو اختراق. لكن ما حدث بعد ذلك كان صادمًا للجميع.. الحملة على الإرهاب توقفت، والتصريحات الرسمية قالت إننا لا نحتاج إلى أى تعديل فى الاتفاقية، وتم عزل قيادات الجيش «طنطاوى وعنان وقادة الأسلحة الرئيسية»، ولكن عُزل أيضا قائد المخابرات العامة الذى كان قد كشف أنه حذر من المخطط الإجرامى لقتل جنودنا على الحدود، وأنه وضع التحذير أمام القيادات، وأولها بالطبع رئيس الجمهورية وقيادة الجيش! وانتهى الأمر بأن الأخ الرئيس اكتفى من قيادة المعركة فى سيناء، بإرسال «المراسيل» لمفاوضة قادة الإرهاب، وبإدخال مصر ضامنًا للاتفاق بين حماس وإسرائيل بعد العدوان على غزة، ليصبح تأمين حدود إسرائيل وضبط حركة حماس ضدها إحدى مسؤوليات الأخ الرئيس التى استحق عليها الثناء والتأييد من الحليف الاستراتيجى الأمريكى!! الآن يشتعل الموقف من جديد فى سيناء على الحدود، ويتم تدمير عدد من الأنفاق، وتعلن قيادة الجيش أنها لن تترك ثأرها مع قتلة جنودنا، وتنشر تسريبات حول دورٍ لحماس تنكره قياداتها بشدة، سواء فى حادثة الحدود أو فى أحداث داخلية، كان الإخوان طرفًا فيها. ثم يأتى التطور المهم الخاص بضبط أثواب قماش يستخدم فى صنع ملابس جنود الجيش والشرطة داخل أحد الأنفاق، حيث كان يجرى تهريبها إلى غزة، ويترافق ذلك مع الإعلان عن تغيير زى جنود وضباط جيش مصر، بدءًا من جنود الجيش الثالث فى السويس، مع كشف قائد الجيش عن عمليات قام بها إرهابيون ارتدوا ملابس الجيش، وأطلقوا النار على المواطنين لإشعال فتنة فى أخطر منطقة فى مصر، حيث قناة السويس بكل أهميتها الاستراتيجية. بالطبع قرار تغيير ملابس الجيش قديم ويسبق ضبط الأقمشة المهربة، وهو ما يعنى أن محاولات الفتنة قديمة، وأن المعلومات لدى الجيش أكبر بكثير مما يتم الإعلان عنه، وأن التحذيرات المتوالية التى أطلقها وزير الدفاع الفريق السيسى لا بد وأن تُقرأ بكل جدية، ومن كل الأطراف!! ومن هنا تأتى الدهشة من الاستخفاف الذى يريد البعض أن يتعامل به مع مثل هذه القضايا، فعندما ينقل عن القيادى الإخوانى سعد عمارة أن أقمشة الزى العسكرى كانت تنقل لتصنيع ملابس لأطفال فلسطين.. فهذا ليس إلا نوعًا من المسخرة فى موقف لا يحتمل إلا الكلام الجاد، حتى وإن توافق هذا الكلام مع تصريحات لأحد المتحدثين باسم حماس!! اتركوا أطفال فلسطين بعيدًا عن هذا العبث، وليكن الكلام جادا، لأننا نتحدث عن أمن مصر وعن مستقبل فلسطين أيضًا!!.. فهذا النوع من القماش لا ينتج إلا فى مصانع محددة من مصانع القطاع العام.. فكيف وصل إلى الأنفاق؟! وليس أطفال فلسطين هم من ارتدوا- قبل ذلك- ملابس مصنوعة من هذه الأقمشة وقاموا بعمليات عسكرية، ثم دخلوا الحدود المصرية، وكانت النتيجة استهداف إسرائيل لجنود مصريين باعتبار أنهم من قاموا بالعملية. ثم لم يكن أطفال فلسطين هم الذين ارتدوا ملابس الجيش المصرى، وهم يقومون بعمليات ضد جيش مصر فى سيناء، ومنها مجزرة قتل الجنود على حدودنا فى رمضان الماضى. العبث مرفوض فى هذه القضية.. والتعاون لكشف كل الحقائق هو الوسيلة الوحيدة لاستعادة الثقة، والخطأ فى الحسابات لا يجوز حين يتعلق الأمر بالأمن القومى.