كان الصوت بكل تدرجاته يتغلغل في أروقة قصر بيت الدين الشهابي، في جبل لبنان، بافتتاح مهرجاناته الصيفية، ليل الأربعاء، مع أمسية أوبرالية أحياها التينور العالمي خوان دييجو فلوريس، وهو من بيرو بمشاركة أوركسترا بودابست السمفونية والسوبرانو اللبنانية الأصل والكندية الجنسية جويس الخوري. إنه "الافتتاح الكبير" كما أرادت أن تسميه إدارة المهرجان، ولهذا اختارت التينور القادم من البيرو (42 عاما) للاحتفال بعيدها الثلاثين. وكانت البداية مع أوبرا لرويسني التي عزفتها اوركسترا بودابست، بقيادة كريستوفر فرانكلين قبل أن يأخذ التينور العالمي مكانه على المسرح متأخذا وقفة الاستعداد ليسود الصمت بين الحضور تأهبا للانطلاق الكبير. وبصوت حاد ينساب بسهولة صدح صوت فلوريس وجويس الخوري بألحان من كلاسيكيات العالم، ومنها للمؤلفين الإيطاليين جواكينو روسيني (1792-1868) ودومينيكو دونيزيتي (1797-1848) وفرانشيسكو بيليني (1801-1835). ويدًا بيد قدم فلوريس والخوري أسطورة روميو وجوليت العالمية، حيث عاشا الحب بتفاصيله وسط تصفيق الحضور. وقال المحامي اللبناني إبراهيم طرابلسي لرويترز، إن "بيت الدين بدأ اليوم بأهم تينور عالمي (وهذا) يظهر محبة لبنان للسلام والفن والإبداع، بالفعل نحن نحتار على أي مهرجان نطلع نحضر". وانطلقت مهرجانات الصيف الفنية اللبنانية، هذا العام وسط مخاوف أمنية وقلق سياسي وأزمات حكومية كان آخرها أزمة القمامة. أما الصحفية والكاتبة اللبنانية مي منسى فقالت لرويترز "كلما نحس أنفسنا في حالة يأس يأتي على المهرجانات أناس جيدون مهمون من كل هذا العالم ليقولوا لنا ويطمئنونا أن لبنان باق، ولبنان مهم جدا ولا تخافوا نحن معكم". وقالت الممثلة اللبنانية رندة أسمر "كلنا نعتبر أن فعل مقاومة أن نعمل فن وثقافة بما إنه لم يبق عندنا إلا الثقافة لكي نحارب فيها ونظهر للعالم أننا ناس متحضرون ونحب الفن الراقي..أنا سعيدة جدا بهذه الليلة". وسيكون جمهور موسيقى الروك على موعد مع المغني البريطاني ديفيد جراي في الأول من أغسطس، ويقدم المغني والمؤلف الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة في الخامس من الشهر نفسه أمسية بعنوان "وعود من العاصفة". ويستضيف قصر بيت الدين الأثري في الثامن من أغسطس أمسية كلاسيكية للمؤلف الأرميني تيجران منسوريان، الذي برع في موسيقى الأفلام مع الاوركسترا الوطنية الفلهارمونية الأرمنية. وفي 12 أغسطس سيكون محبو الجاز على موعد مع البريطانية ريبيكا فيرجسون التي ستقدم أجمل أعمال أسطورة الجاز الامريكية بيلي هوليداي (1915 - 1959). وكما كل عام يطل الفنان العراقي كاظم الساهر على مسرح بيت الدين ويحيي حفلتين في الرابع عشر والخامس عشر من أغسطس، على أن يقدم المخرج اللبناني هشام جابر مسرحيته الغنائية "بار فاروف " في 20 و21 في عرض غنائي موسيقي يحاكي موسيقى المسارح والكباريهات، التي كانت منتشرة في بيروت في الثلاثينات من القرن الماضي، والتي استمرت إلى ما قبل إندلاع الحرب الأهلية التي دارت بين عامي (1975 و1990). وسيكون اللبنانيون على موعد مع صوت السوبرانوا الروسية آنا نيتريبكو في 27 من الشهر نفسه، على أن يختتم المهرجان مع المطربة المصرية أمال ماهر، التي اشتهرت بتأديتها لأغاني أم كلثوم.