جلال أمين: الغيرة نار!.. وعيسى: على من ينقلون الأخبار من مواقع التواصل الاجتماعي أن يتأكدوا من مصادرهم!.. والحركة النقدية «هزيلة» ولا تواكب حركة الإبداع المتفجر في أجواء لا تقل سخونة عن الأحداث الجارية في الشارع المصري، شهدت ندوة «الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر).. ما لها وما عليها»، التي عقدت مساء أول من أمس الجمعة، ضمن أنشطة وندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب ال44، نقاشا موسعا ومحتدما حول الجائزة العربية الأهم والأشهر، وبالأخص حول نسختها لهذا العام التي أثارت جدلا كبيرا حول قائمتها القصيرة التي أعلنت أول يناير الماضي. الندوة، شهدت حضورا لافتا رغم تزامنها مع أحداث قصر الاتحادية وما شهدته من تظاهرات وأعمال عنف، وشارك فيها الروائي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة «التحرير»، والروائي المصري الوحيد ضمن اللائحة القصيرة لهذا العام بروايته «مولانا» المرشحة للجائزة، والكاتب والمفكر الاقتصادي الدكتور جلال أمين، رئيس لجنة تحكيم الجائزة للعام الحالي، والناشرة الجزائرية «آسيا موساي»، عضو مجلس أمناء الجائزة، ومديرة دار منشورات الاختلاف الجزائرية، و«فلور مونتانارو» منسقة الجائزة، وأدار الندوة الكاتب الصحفي سيد محمود. انعكس الجدل الدائر حول الجائزة عقب إعلان القائمة القصيرة على مناقشات المشاركين ومداخلات الحضور، حيث شهدت المناقشات سجالات ساخنة بين إبراهيم عيسى ومدير الندوة سيد محمود، حيث تحدث في البداية سيد محمود مرحبا بالحضور ومقدما ومعرفا بالمشاركين في الندوة، ومشيرا إلى الانتقادات التي وجهت لها خاصة فيما يتعلق بتكوين لجنة التحكيم ومعايير اختيارها، وهو ما رد عليه تفصيلا الدكتور جلال أمين الذي بسط وجهة نظره حول رؤيته الخاصة في الطريقة التي تمت بها تشكيل اللجنة، حيث نفى تماما وجود أي علاقة أو صلة بين أعضاء لجنة التحكيم وبين مجلس أمناء الجائزة، وليس من وسيط بينهما إلا منسقة الجائزة وفيما يخص الجوانب الإدارية فقط. وعن الاعتراضات التي أثيرت حول رئاسته للجنة التحكيم، باعتباره «مفكرا اقتصاديا» في المقام الأول وليس متخصصا في النقد الأدبي أو متصلا به، أوضح أمين أن وجوده على رأس لجنة التحكيم، لم يأت من فراغ، وهو وإن كان المفكر الاقتصادي وكاتب المقال السياسي المعروف، إلا أنه لم يكن بعيد أبدا عن الأدب، فهو «قارئ محترف للأدب»، وله كتابات ومقالات منشورة في العديد من الصحف والدوريات تناولت العديد من الأعمال الأدبية، مؤكدا على صفته «كقارئ في المقام الأول»، لا كرئيس لجنة أو ناقد محترف. وعن المعايير التي أخذت بها لجنة التحكيم في اختيار الروايات، سواء في القائمة الطويلة أولا، أو في القائمة القصيرة تاليا، أوضح أمين أنه وبالتوافق بين أعضاء اللجنة تم التأكيد على عدة معايير تؤخذ في الاعتبار عند قراءة الروايات وتقييمها، منها معيار «الحكاية أو الحدوتة» فالأساس في الرواية، وبحسب أمين، أنها حكاية تروى في قالب سردي وعلى الروائي أن «يحكي» لا أن يقدم بحثًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا، إلا إذا كان مضمنا في شبكة السرد وبطريقة تقتضيها الضرورة الفنية التي يمليها العمل الروائي ذاته، حتى يتوفر لها شرط «الإمتاع». أما المعيار الثاني، وحسبما أوضح أمين، فهو جدة التناول أو المعالجة لموضوع الرواية مع شيوع روح الفكاهة والسخرية التي تتناسب مع الذوق العام وخاصة إذا كانت «مصقولة دراميا»، والثالث معيار «جمال واتساق البناء واللغة»، فاللغة، يجب أن تكون «لغة عربية سليمة وراقية»، موضحا أن هناك لغة عامية «راقية» وأخرى «سوقية»، وأنه من واجب الروائيين تجاه اللغة العربية أن تكون «صحيحة خالية من الأخطاء». وأخيرا معالجة التابوهات الثلاثة الشهيرة «الدين والسياسة والجنس» دون إفراط ولحدود معينة، وإذا كان هناك ما يستدعي معالجتها كضرورة فنية فرضها العمل الروائي. وعن الصعوبات التي واجهت اللجنة خلال عملية التحكيم، أكد أمين أن اختيار روايات القائمة الطويلة كان أكثر صعوبة من القائمة القصيرة، مشيرا إلى «صعوبة اختيار» الروايات المميزة عن نظيرتها غير المميزة، ومؤكدا كذلك على أن في القائمة أسماء مرموقة وأخرى لكبار تم استبعادهم. من جانبه، قال إبراهيم عيسى ردا على ما نشره البعض حول انحياز لجنة التحكيم لبعض الأسماء دون البعض، واستبعادها لأسماء روائية معروفة، إن الحركة النقدية التقليدية قد كرست لأنماط معينة من الكتابة الروائية، متجاهلة الحراك الإبداعي المتوثب في جميع أنحاء العالم العربي، ومتغافلة عن مواكبة الإبداع الروائي في أشكاله وصوره المتعددة، خاصة منها ما يشتبك مع الواقع العربي في اللحظة التاريخية الراهنة، والتي تعالج واقع المجتمعات العربية في تفصيلاته المعقدة وقضاياه الملحة. عيسى شن هجوما عنيفا على ما سماه «أصنام الأدب» أو «تابوهاته الجامدة»، متهما الحركة النقدية، والثقافية بصفة عامة، بعدم مواكبتها لفيض الإنتاج الروائي الغزير والمتدفق في كل أنحاء العالم العربي، ومشيرا إلى خلو الساحة النقدية من النقاد القادرين على مقاربة الأعمال الروائية بشكل «ناضج ومثمر»، وبعيدا عن الانحيازات والعلاقات الشخصية، مضيفا أن أغلب النقاد لا يفرقون بين عرض العمل صحفيًا و«نقده» أدبيا وإبداعيا؛ لأن هذه مشكلة يعاني منها الأدب عموما، والرواية على وجه الخصوص، مشددا على حاجتنا الملحة إلى حركة نقدية حقيقية تمارس مهامها الأصيلة في قراءة الأعمال الأدبية والإشارة إلى مواطن الإبداع والجمال الفني بها، ولفت انتباه القراء إلى الأعمال الجيدة منها، مع التركيز على «النص» لا «الشخص» كاتب العمل، وأن يكون الناقد «حياديا»، ومعتمدا على معايير موضوعية «سليمة». «فلور مونتانارو»، منسقة الجائزة، استهلت حديثها قائلة إذا كانت مصر هي «أم الدنيا»، فإن جائزة «البوكر» إحدى بناتها؛ لأنها ولدت باقتراح من الناشر المصري إبراهيم المعلم صاحب ومدير «دار الشروق»، مشيرة إلى أن الاقتراح كان بتأسيس جائزة مشابهة لجائزة لمان بوكر بهدف إلقاء الضوء على الكتاب المتميزين في العالم العربي والترويج لأعمالهم، من خلال ترجمة العمل الفائز اللغات الأخرى، والتي وصلت إلى 20 لغة متنوعة ومختلفة، وهو ما يؤدي إلى رفع مستوى الإقبال على قراءة الرواية العربية عالميا من خلال الترجمة. «فلور» أضافت أن الجائزة فريدة من نوعها في العالم العربي، وهي ملتزمة بقيم الاستقلال والشفافية والنزاهة خلال عملية اختيار المرشحين، ثم أعطت تعريفا موجزا بالجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر العربية»، مشيرة إلى أنها جائزة سنوية تنظم بالشراكة مع مؤسسة جائزة البوكر مان البريطانية، وبدعم من هيئه أبوظبي للسياحة والثقافة، مضيفة أن الجائزة قد أطلقت في أبوظبي في أبريل 2007 وتهدف إلى ترسيخ حضور الروايات العربية المتميزة عالميا. وعن آليه العمل في الجائزة، قالت «فلور» إن مجلس الأمناء يتكون من 15 عضوا يقومون بتعيين لجنة تحكيم، تتغير سنويا، وتتكون من خمسه أعضاء من نقاد وروائيين وأكاديميين متخصصين في الأدب من العالم العربي وخارجه، موضحة أنه في كل عام يقدم الناشرون روائع الأدب المتوفرة لديهم والتي تم نشرها في العام السابق، حيث تكون هناك عادة أكثر من مائة رواية يتم اختيار 16 منها في القائمة الطويلة، يتم تصفيتها إلى 6 روايات في القائمة القصيرة، حيث يحصل كل واحد من الستة المرشحين في اللائحة القصيرة على عشرة آلاف دولار، إضافة إلى خمسين ألف دولار للفائز بالجائزة. أما آسيا موساي، عضو مجلس أمناء الجائزة،، والناشرة الجزائرية المعروفة، فأكدت أن مجلس الأمناء يحرص على الحياد والنزاهة، وأنه لا يتم اللقاء بين أي من أعضاء الأمانة وبين هيئة التحكيم ولا يكون التعامل إلا من خلال منسقة الجائزة «فلور»، مضيفة أننا مثلنا مثل الجميع نفاجأ بأسماء المرشحين للجائزة ولا نتدخل مطلقا في عمل لجنة التحكيم، لافتة إلى أن ما يميز الجائزة هذا العام هو وجود أسماء جديدة وغير معروفة لعموم القراء في العالم العربي.