فى جلسة استماع استمرت نحو أربع ساعات أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، تحدث جون كيرى، المرشح لشغل منصب وزير الخارجية، وشرح عما يراه ويتوقعه من تحديات وآفاق فى العالم وأيضا تصوره لتعامل أمريكا معها. تحدث كيرى عن الربيع العربى ومصر والدولة الفلسطينية وإسرائيل والإسلاميين وإيران وبرنامجه النووى وسوريا ما بعد الأسد وأفغانستان ودبلوماسية الاقتصاد والتعامل مع العالم «من غير إرسال القوات أو الطائرات دون طيار». والسناتور كيرى أمضى أكثر من 28 عاما فى الكونجرس، وآخر منصب شغله لمدة أربع سنوات كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ. والسناتور كيرى (69 عاما) فى تناوله لمصر، تحدث عن شباب التحرير «الذين أتوا لمصر بثورتها وكانوا يمثلون تعطش جيل لإتاحة الفرصة وحقوق المشاركة فى الحكم.. وليس حركة دينية». كما أن كيرى قد أشار أيضا إلى بائع الفاكهة (بوعزيزى) فى تونس «الذى أشعل الصحوة العربى وكان يريد العزة والاحترام. كان يريد أن يبيع الفاكهة دون الفساد أو الاستغلال»، وقال كيرى: «إن العالم المتقدم فى إمكانه أن يفعل الأكثر من أجل الأخذ بتحدى ومسؤولية هذه التطلعات». السناتور الجمهورى راند بول، من ولاية كنتاكى، أثار فى الجلسة ما قاله الرئيس مرسى عن اليهود وأيضا صفقة «F16». فقال كيرى: «أعتقد أن هذه التعليقات جديرة بالتوبيخ، كما أنها تعيق احتمالات العمل حول أمور ذات الاهتمام المشترك. إنها تعليقات مهينة وغير مقبولة بمقاييس أى شخص. وأعتقد بأنه يجب الاعتذار عنها بطريقة لائقة»، وحاول السناتور بول مقاطعته أكثر من مرة قائلا: «إنهم يفهمون لغة القوة فقط»، و«لو تم استمرارنا فى إرسال الأسلحة لهم فإنهم لن يغيروا سلوكهم». وقال كيرى أيضا: «إن الرئيس مرسى أصدر بيانين من أجل توضيح تلك التعليقات. وكانت لدينا مجموعة من مجلس الشيوخ التقته منذ أيام وخصصت جزءا كبيرا من حوارها فى نقاش ساخن نسبيا مع الرئيس حول هذا الأمر». ثم بعد أن بيَّن كيرى أن الأمور معقدة فى الشأن الدولى وليس كل شىء واضح وبسيط وأبيض وأسود، قال: «.. ونحن لدينا مصالح حيوية مع مصر. مصر حتى الآن دعمت اتفاقية السلام مع إسرائيل وعاشت بها، كما أنها أخذت خطوات لبدء التعامل مع مشكلة الأمن فى سيناء. إنها أمور حيوية لنا ولمصالحنا الوطنية ولأمن إسرائيل. بالإضافة إلى أنهم عملوا بوعد إجراء الانتخابات.. وكانت لديهم انتخابات وعملية صياغة الدستور، وهناك انتخابات فى القريب العاجل لمجلس النواب. والحقيقة أحيانا أن الدول الأخرى تختار شخصا قد لا نوافقه تماما، إلا أن هذا لا يسمح لنا بأن نتجاهل انتخابهم». كما أن كيرى فى معرض رده على سؤال السناتور بول الخاص بإرسال «F16» لمصر، أشار إلى أن فى صفقات الأسلحة «.. يؤخذ فى الاعتبار دفاع وأمن إسرائيل وتفوقها النوعى فى المنطقة»، وأيضا: «نحن لا نبيع سلاحا ولن نبيع سلاحا قد يمس أو يهز هذا التفوق». وردا على ما طرحه عليه السناتور تيم كين، ديمقراطى من ولاية فرجينيا، من سؤال يتعلق بحقوق الإنسان وحماية الأقليات واحترام الآخر فى السياسة الخارجية الأمريكية قال كيرى: «أعتقد أن حمل لافتة التسامح الدينى والتعددية أمر حيوى. وأعرف أننا أثرنا هذا الأمر مع الرئيس مرسى. وأنا شخصيا أثرت هذا الأمر معه. وأعتقد أننى كنت أول أمريكى يلتقيه قبل أن يكون رئيسا أو يعرف أنه مرشح للرئاسة. وتحدثنا حول حاجة الإخوان فى أن يكونوا قادرين على احترام التعددية بمصر. والآن لم يحدث هذا بالكامل وبالقدر الذى نحبه فى عملية كتابة الدستور. ولكن كما قلت إنها عملية مستمرة، ونحن فى حاجة إلى العمل معا من أجل تحقيقها». ثم أضاف كيرى: «ولكن يا سناتور إنك أثرت أمرا أساسيا فى ما يخص ما يحدث فى سياسات بعض المناطق فى العالم. وهذا الأمر سيكون فى مقدمة ومركز حوارنا مع الآخرين». فى بداية الجلسة السناتور إليزابيت وارن، ديمقراطية من ولاية ماساتشوستش، وهى تقدم كيرى صديقها وزميلها و«ابن الولاية البار» و«اهتمامه بقضايا البشر»، ذكرت أن كيرى خلال السنوات الثلاث الأخيرة حاول مساعدة كولن باور، وهو أب من نيوتن بولاية ماساتشوستش، من أجل استرجاع ابنيه الاثنين، اللذين «تم اختطافهما وأخذهما إلى مصر»، وأن كيرى أثار الأمر من قبل أيضا فى مكالمة هاتفية صارخة مع الرئيس السابق مبارك. كما أن كيرى منذ أن أثيرت القضية ذهب إلى مصر خمس مرات، أثار خلالها قضية باور وابنيه فى مصر!! والسناتور كيرى لمن يهمه الأمر لديه خبرة طويلة فى التعامل مع العالم. والده كان دبلوماسيا، كما أن كيرى شارك فى حرب فيتنام وسافر إلى بلاد العالم، والتقى زعماءها كعضو فى الكونجرس. ويعرف عنه بوجه عام بأنه «سياسى براجماتى»، يفضل غالبا «الدبلوماسية الهادئة»، أى أنه «يسعى للوصول إلى اتفاقات وتوافقات من خلال لقاءات وحوارات مباشرة تجرى وجها لوجه.. ووراء أبواب مغلقة»، والأهم أن يتم كل ذلك «دون اللجوء أو الاستعانة بمواجهات علنية أو إعلامية تحدث ضجيجا أكثر مما تحدث طحنا». إن عملية اعتماد كيرى وزيرا للخارجية هى «مسألة أيام». وحسب ما يبدو فى الأسابيع الأخيرة فإن العديد من قيادات الخارجية، وتحديدا مساعدى كلينتون سوف يتركون مناصبهم فى القريب العاجل، إلا أن أغلب المصادر العليمة يشير إلى أن ويليام بيرنز، نائب وزير الخارجية وهو الدبلوماسى القدير والملم والمتعمق فى ملفات منطقتنا، سوف يبقى فى منصبه كما هو لحين إشعار آخر.