مهمتنا الأولى والأساسية فى هذه المرحلة هى الحفاظ على وحدة كل القوى الوطنية لتواصل المعركة من أجل إنقاذ مصر، واستعادة الثورة لأصحابها الحقيقيين، ومنع مخطط اغتيال الدولة المدنية لتقوم مكانها دولة الاستبداد الذى يرتدى ثياب الفاشية الدينية. وحدة كل القوى الوطنية هى سلاحنا الأساسى فى هذه المعركة، وهو السلاح الذى لا ينبغى أبدا التفريط فيه مهما كانت الأسباب، ومهما وقعت الأخطاء، ومهما كان حجم الخلاف فى وسائل تحقيق الهدف. أعرف أن الأمر صعب، والعقبات كثيرة، ولكن حين يواجه الوطن مثل هذه المخاطر التى يواجهها الآن، فلا أحد يملك رفاهية الخلاف حول التفاصيل. لدينا الآن هدف واحد لا بد من تحقيقه، وهو إنقاذ مصر من أن تحكمها الفاشية، وإنقاذ الدولة المدنية من قبضة الإرهاب باسم الدين الحنيف، وإنقاذ اقتصاد يتهاوى بسبب حكم فاشل وإدارة عاجزة. من يرد المساومة على هذه الأهداف فليخرج من الصف فورا، ومن يرد المزايدة أو قيادة الوطن للفوضى فلا مكان له. ولكن على الجميع أن يدرك أن الشعب لن يتسامح إذا فرطنا فى وحدة الصف، أو إذا تغلبت طموحات الأفراد على مصلحة الوطن. نحن أمام معركة مصير بالفعل.. إما أن نستعيد الثورة لأصحابها ونسقط الدستور الباطل، ونحمى الدولة المدنية، وننقذ الاقتصاد.. وإما أن نترك من اختطفوا الثورة والدستور يمضون فى طريقهم لاختطاف الدولة وتفكيك مؤسساتها، وضرب الحريات، ونشر الخراب وضرب الاقتصاد وإقامة صومال أو افغانستان جديدة على أرض المحروسة!! إنهم يراهنون على ضرب وحدة القوى الوطنية التى تعارض مشروعهم الجنونى، فلنثبت لهم أن رهانهم خاسر. وهم يحاولون بعث اليأس فى نفوس قوى المعارضة، لكنهم واهمون، فنحن نعرف أننا -رغم الزيف والخداع والتزوير والميليشيات- قد كسبنا نصف المعركة. كسبنا نصف المعركة حين خرجت مصر الحقيقية تقاوم الفاشيين الجدد، وتعلن أنها نزعت رداء الخوف، وأنها ستتصدى للميليشيات، وأنها ترفض أن تنتهى ثورتها بطبقة جديدة من الحزب الوطنى تتبع نفس السياسات. تسير فى نفس الطريق، تنحاز -كما كان الوطنى البائد- ضد الفقراء. تخضع لشروط صندوق النقد. ترفع الدعم وتسحق الطبقات الفقيرة وتقود اقتصاد مصر إلى الهاوية. كسبنا نصف المعركة، بالملايين التى خرجت لتقول «لا» لكل هذه السياسات التى تحاول إعادة إنتاج دولة الاستبداد باستخدام الدين وإثارة الفتنة الطائفية، والاستناد -كما كان الحال فى النظام السابق- لدعم «الشريك الاستراتيجى» فى أمريكا، و«الصديق الوفى» فى إسرائيل!! كسبنا نصف المعركة، وسنكسب النصف الآخر بأسرع مما يتصور الكثيرون، إذا حافظنا على وحدة كل القوى الوطنية الديمقراطية فى هذه اللحظات الحاسمة وإذا عرفت القيادة كيف تكون على مستوى الملايين التى قالت «لا» للفاشيين، وللملايين الأخرى التى تنتظر حتى تتأكد من جديتنا فى مواصلة النضال، وحتى تصل رسالتنا واضحة إليهم بعد أن استغل الآخرون تقصيرنا فى هذا المجال، لينشروا ضلالهم ويستغلوا المشاعر الدينية العميقة لدى شعبنا فى تزوير الحقائق. كسبنا نصف المعركة، وليس أمامنا إلا أن نكسب النصف الآخر لكى ننقذ مصر من فاشية حمقاء تقود الوطن إلى الخراب. لا ينبغى أبدا أن نشك فى قدرة هذا الشعب العظيم على الانتصار فى هذه المعركة الحاسمة. الشعب دائما هو الأقوى. الضعفاء هم الذين يلجؤون للميليشيات، ويزوّرون الانتخابات، ويختطفون الدساتير، ويحكمون بالخداع وبالإعلانات غير الدستورية، ويهاجمون حتى الأزهر الشريف، ويصطدمون حتى بجيش مصر الوطنى. إنهم يتخبطون لأنهم يعرفون -رغم كل المظاهر الزائفة- أنهم خسروا نصف المعركة، ولأنهم يعرفون أن شعبنا العظيم قادر على حسم النصف الآخر بأسرع مما يتصور الكثيرون. فقط علينا أن ندرك أن وحدة القوى الديمقراطية الآن هى فريضة وطنية، وأن الخروج عليها جريمة لن تتسامح مصر فيها أبدا.