«انعدام الثقة واللامبالاة يضربان استفتاء الدستور المتنازع عليه في مصر».. تحت هذا العنوان نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرها حول عملية التصويت في المرحلة الثانية للاستفتاء. وقالت الصحيفة البريطانية إن «الناخبين ابتعدوا في تلك المرحلة عن صناديق الاقتراع، وسط مخاوف متزايدة من إجراءات حكومية مرتقبة حال إقرار الدستور». وتابعت الجارديان «على ما يبدو فالناخبين كانوا أقل بكثير من المرحلة الأولى؛ ما يشير إلى شعور عدد من الناخبين بعدم أهمية تصويتهم على الدستور الذي تصر حكومة مرسي أن يتم إقراره؛ رغم نقص الإشراف القضائي عليه ورغم أن المدن الكبرى كالقاهرة ترفضه ولكن المناطق الريفية دوما يقف في صالح الجماعة"، مضيفة "الكثير يشعر باللامبالاة الممزوجة بعدم الثقة». وقالت الصحيفة أنه رغم أنه من المرجح أن يتم إقرار الدستور، إلا أن الكثيرين لا يشعرون أنه سيؤدي لاستقرار البلاد، وقال مصطفى أمين، أحد الناخبين في الجيزة للصحيفة: «لا أشعر أنه سيكون هناك استقرار بعد التصويت، بغض النظر عن النتيجة؛ لأن جميع المشاركين لا يهتمون البلاد ولها دوافع فقط من قبل المصلحة الذاتية». ونقلت الجارديان تصريحات عن الجنرال المتقاعد حسين صالح قال فيها «الأمر كله فوضى، نحن بحاجة للاستقرار بغض النظر عمن يدير البلاد، ولا أعتقد أن الجيش سيكون له دور آخر في السياسة». أما غادة ابنة الجنرال المتقاعد فترى بدورها، بحسب الصحيفة، إن الإخوان المسلمين هم من يتحملوا نتيجة كل ذلك، قائلة إنهم «قسموا البلد، وفقدوا المصداقية، ولا يمكننا أن نثق بهم أبدا، ولن يصدق أي أحد ما يقولونه في المستقبل». من جانبها، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أنه بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، فإن البلاد تستعد لبدء مرحلة جديدة من الصراع بين الإخوان ومعارضيهم، فإقرار الدستور من عدمه سيزيد من الفجوة بين الفصائل السياسية المتنافرة في الشارع المصري. وتابعت الصحيفة الأمريكية قائلة «الأزمة أن الملايين ذهبوا للتصويت، في محاولة للدخول في مرحلة من الفوضى للديمقراطية، لكنهم سيذهبون لصناديق الاقتراع وبين أيديهم وثيقة صيغت على عجل، وتركت ورائها العديد من الأسئلة التي لم تجد إجابة حول طبيعة الديمقراطية المصرية الجديدة، ومدى التزام الإسلاميين بالحريات الفردية». وهو الأمر الذي سيطرح وفقا ل«نيويورك تايمز» حول «هل سيكفل تطبيق هذا الدستور في مصر عودتها للاستقرار؟ أم سيؤدي لمزيد من الشقاق؟»، والإجابة كانت أنه بالتأكيد سيؤدي لمزيد من الشقاق والانقسام الفكري والأيديولوجي. أما عن ضعف المشاركة، بحسب الاستطلاعات الأولية والتي قد لا تصل بأي حال من الأحوال إلى استفتاء مارس 2011، قالت الصحيفة إنه «قد يكون بسبب حالة عدم اليقين التي يعيشها المواطن، حول ما سيتتبع أي قرار من القرارات»، مشيرة إلى حالة عدم اليقين تلك تعززت بعدما أعلنت وسائل الإعلام عن استقالة نائب رئيس الجمهورية محمود مكي، الذي يكشف مدى الانقسام الذي تعاني منه البلاد. ونقلت الصحيفة عن مستشاري الرئيس أن مرسي قد يلقي عقب إعلان نتيجة الاستفتاء مباشرة خطابا عبر التليفزيون الرسمي يطالب ويدعو فيه الجميع للوحدة والمصالحة، وقالت الصحيفة إن مستشاري مرسي يرونها أنها ستكون خطوة هامة لنزع فتيل التوتر الحالي، ولكن مراقبون يرون أن هذا لن يهدئ من غضب المعارضة الذين يعتقدون أن تيار الإسلام السياسي يحاول الهيمنة على المجتمع وأسلمة الدولة، ودفعهم للتوحد رغم اختلافاتهم الفكرة تحت قيادة جبهة الإنقاذ، وهو ما دفع الإخوان بدورهم للتحالف مع السلفيين؛ ما تعتقد الصحيفة الأمريكية أنه سيعزز الطائفية في المجتمع ويوسع الفجوة الأيديولوجية بين الفريقين.