عندما دعا الرئيس مرسى للحوار فى قصره الساعة اتناشر اتناشر ونص، افترضت أن الرئيس يعانى من ضغط مكثف، ويريد أن يتحرر منه بأن يجمع حوله القوى الوطنية المعارضة، يريد أن يتونّس بهم فى مقاومة ضغوط ربما لا يقدر عليها بمفرده. قلت ربما يريد أن يصحح الخطأ ولكن فى الوقت نفسه يريد أن يحفظ ماء وجهه وهذا حقه. قلت ربما يريد أن يثبت مقولة أنه رئيس لكل المصريين ولكن يحتاج إلى من يساعده. لذلك كنت أتمنى أن يتم الحوار، وأن ترى القوى الوطنية المعارضة فى دعوة الرئيس طلبا للمساعدة يصعب التعبير عنه بوضوح بشكل مباشر، حرصا على ما تبقى من هيبة مؤسسة الرئاسة. لم تقرأ المعارضة بين سطور الدعوة ما يشبه كل ما سبق، ولكن ما السبب؟ السبب أن الرئيس أيضا لم يتقن توجيه الدعوة للحوار، وكان فى توجيهه للدعوة مثقلا بضغوط جماعته، فكانت النتيجة أن جلس مؤيدوه على اختلاف درجات تأييدهم يتحاورون حول أزمة هم بعض من صناعها، هل تعتقد أن القانونى «الذى كان يحلم أن يصبح رئيسا» بعد أن سهر الليالى أمام المصريين لتمرير الدستور سيسمح بأى خطوة إلى الخلف؟ أو أن طفل القانون المعجزة الذى سهر الليالى يعمل كعسكرى مرور لتمرير مواد وحجز مواد بعينها سيتنازل عن كل ما بذله؟ إذن بذل الجميع كل ما فى وسعهم حتى يفشل الحوار، لكن مؤيدى الرئيس عمقوا هذا الفشل وأبحروا بنا بعيدا فى بحر الأزمة بعد أن كنا فى منطقة البراميل على الأقل. لذلك تبدو «لا» هى الحل الأخير لدعم الرئيس مرسى فى مهمته، وإذا اتفقت معى يا صديقى فى الجزء الأول من المقال الذى يشير إلى حسن نية الرئيس، فلا بد أن نعينه عليها، لا بد أن نقول «لا» حتى نعود على الأقل إلى منطقة متوازنة تبدو الأزمة فيها أقل حدة. إذا افترضنا أن الرئيس مرسى قطعة مغناطيس ذات طرفين، فهناك طرف يعمل بقوة ويجذب إليه جماعته ومؤيديه بطريقة تشكل ظغطا لا يتحمله أحد، بينما الطرف الثانى معطل غير قادر على الجذب، وهكذا يبدو الوطن كسيارة نقل ضخمة (ماشية بتحدف) إلى أن تستقر بنا فى الترعة. والمغناطيس فى كتاب العلوم يستعيد مغناطيسيته بالطرق، والطرق فى حالتنا هو التصويت ب«لا». «لا» ستعيد إلينا فرصة الحوار بين طرفين متكافئين، ولو ضاعت فرصة الحوار هذه المرة ربما لن تأتى مرة أخرى، لأنه فى النهاية ستتحقق مقولة سكرتير رئيس الجمهورية «البقاء للأقوى»، والأقوى حاليا فى وضع «يقتل القتيل ويمشى فى جنازته» وعندك حالة الشهيد الحسينى أبو ضيف نموذجا. «لا» ستساعد الرئيس على تصحيح الأوضاع بإرادة شعبية، وستمنحه فرصة جديدة لتطبيق نظرية «ناخد بعض بالأحضان»، قبل أن ناخد بعض بالشلاليت فى الشارع. «لا» ستعيد زميلك فى الوطن إلى الحياة، فهو ينتحر ببطء بعد أن أسكرته السلطة المطلقة عقب سنوات من الحياة السرية، زميلك نسى نفسه فلا بد له من صفعة حتى يعود إلى صوابه، الزميل يصنع نهايته بيده وبقياداته «التى تعلمت السياسة فى مدرسة مبارك» بقلة خبرتها وتعاليها وبارانويا العظمة أو الاضطهاد التى تعشش فى خلايا مخها، هذه الأمراض السياسية هناك فرصة للسيطرة عليها ب«لا» أما «نعم» فسيتحقق معها قول الله «فزادهم الله مرضا».. هل تعرف بقية الآية؟