حوار- رباب فارس شن الدكتور إيهاب الخراط رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى وممثل الحزب المصرى الديمقراطى، هجومًا حادًا على اختيارات المجلس القومى لحقوق الإنسان، نتيجة هيمنة التيار الإسلامى عليها، فى محاولة جديدة منهم للسيطرة على باقى مؤسسات الدولة. وأكد أنه باقٍ فى موقعه بالمجلس الجديد، على غير رغبته، ولكن احترامًا منه للالتزام الحزبى. الخراط انتقد فى حواره ل«التحرير» الدور الذى يقوم به مجلس الشورى عند اختيار المناصب القيادية.. ورأى أن مجلس الشورى تحول إلى «مكلمة» من الشعارات دون جدوى.. وكشف أن لجنة حقوق الإنسان تبحث كيفية عودة الشيخ عمر عبد الرحمن من سجنه فى أمريكا. ما رأيك فى التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان؟ - لست راضيا عن هذا التشكيل، فالاختيارات التى تمت تؤكد أننا عُدنا إلى نظام الحزب الوطنى من جديد، والدليل على ذلك أن مَن قام باختيار أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، هما الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى، والدكتور طارق سهرى وكيل مجلس الشورى عن حزب النور السلفى. ومن الواضح أن الاختيارات تمت باتفاق مسبق بين الحزبين، خصوصًا أننى تقدمت بعرض كثير من الأسماء، لكن كانت هناك قائمة معدة مسبقا من قِبل التيار الإسلامى، وما حدث دليل على أن تلك الاختيارات سياسية وبعيدة تمامًا عن حقوق الإنسان. من قبل قام مجلس الشورى بتشكيل لجنة لاختيار رؤساء الصحف القومية، ورغم الاعتراضات على أدائها وعلى المعايير التى وضعتها، وتأكيد بعض أعضائها أن الأسماء كانت محددة مسبقا، فإن وجودها كان يعنى الحرص على الشكل الديمقراطى حتى ولو كان بعيدًا عن الجوهر.. لماذا لم يتم تشكيل لجنة مماثلة لاختيار «القومى لحقوق الإنسان»؟ - لا أعرف لماذا لم يتم تشكيل لجنة، ولكن منذ أن تم الإعلان عن وجود تغييرات فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، كنا نعتقد أن هناك لجنة سيتم تكوينها من أجل وضع الضوابط وبعض المعايير، التى على أساسها سيتم الاختيار، إلا أننا فوجئنا داخل اللجنة بأن الدكتور أحمد فهمى طالب أعضاء اللجنة العامة فى مجلس الشورى بفحص السيرة الذاتية، وكنت من ضمن اللجنة، وعندما قمنا بفحص مئة سيرة ذاتية واخترنا أفضل العناصر، فوجئنا بتلك الاختيارات التى اتسمت بزيادة عدد السياسيين أكثر من الحقوقيين والخبرات. وفى النهاية اتضح أنه قد تم اختيار عدد من الأعضاء كشكل صورى. هل ترى أن الأعضاء الجدد يتميزون بالكفاءة؟ - لا.. بالعكس هناك بعض الأعضاء الجدد من التيار الإسلامى، لا يعلمون شيئًا عن المواثيق والمعاهدات الملتزمة بها مصر دوليًّا، وأرى أن الجماعة اختارتنى لعضوية المجلس القومى لحقوق الإنسان مع بعض الشخصيات، متوقعة أنهم سيكونون معارضة ضعيفة، لكننا سوف نثبت لهم العكس من أجل مصلحة الوطن. تقول إن الاختيارات غير مرغوب فيها، ولم تكن على مستوى الكفاءة.. لماذا لم تقرر الانسحاب؟ - تمنيت الانسحاب، لكننى أمثل الحزب المصرى الديمقراطى داخل مجلس الشورى، والحزب برئاسة الدكتور محمد أبو الغار، أكد ضرورة عدم انسحابى، حتى لا ينفرد التيار الإسلامى بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن هناك عددًا كبيرًا من منظمات المجتمع المدنى طالبت بأن أستمر، ولذلك لم أنسحب، على الرغم من أننى لست راضيا عن تلك الاختيارات، لكن فى النهاية القرار ليس قرارى وحدى، ولكن إذا كانت هناك استقالات جماعية من مجلس حقوق الإنسان، فسوف أتقدم بالاستقالة فورًا ودون تردد. يتردد أن المستشار المهدى حصل على أعلى الأصوات فى اجتماع اللجنة العامة، وفوجئ الجميع باختيار المستشار حسام الغريانى لرئاسة المجلس، فما تعليقك؟ - على الرغم من أن الغريانى قاضٍ من قضاة تيار الاستقلال ومشهود له بالكفاءة، فإن الاجتماع المغلق لأعضاء اللجنة العامة، قام بطرح عدد من الأسماء لرئاسة المجلس، وهم بطرس غالى، وأمين المهدى، وحسام الغريانى، وأحمد كمال أبو المجد، ولم نقم بالتصويت على تلك الأسماء، ولكن عندما تم طرح الأسماء كان للمهدى النصيب الأكبر، وبعدها فوجئ الجميع بأن الأسماء معدة مسبقًا من رئيس مجلس الشورى ووكيل المجلس ممثل حزب النور، وهذا ما يعنى أن رأينا كان «استئناسيًّا». هل ترى أن الإخوان سيطروا على الدولة؟ - بالفعل سيطر الإخوان على مؤسسات الدولة، لكنهم لن ينجحوا فى استكمال «أخونة الدولة»، وأن ما يقوم به الإخوان الآن هو تسكين من يرون أنه خادم لمصالحهم، وذلك لتحقيق أهدافهم، ويتضح هذا فى قرارات واختيارات مجلس الشورى فى كثير من المناصب. لم نرَ أى رد فعل لأعضاء مجلس الشورى.. هل لأن الأغلبية للتيار الإسلامى؟ ولماذا لم نسمع الأصوات الأخرى حتى ولو كانت قليلة؟ - أعضاء المجلس لا حول لهم ولا قوة، خصوصًا أنه من المعروف دائمًا أن حزب الأغلبية هو الذى يقود المجلس، وهذا لا يعنى أن الأعضاء ليست لهم آراء، بل على العكس، هناك كثير من الأعضاء يبدون اعتراضاتهم ويتقدمون بكثير من الاقتراحات التى يتم مناقشتها، ولكننا لاحظنا فى بعض القضايا المهمة والخاصة، مثل تعيين رؤساء الصحف القومية والمجلس القومى لحقوق الإنسان، يقوم باختيارها حزبا الحرية والعدالة والنور السلفى، يعنى من الآخر هم يصدِّرون إلينا القضايا الهامشية فقط، أما تسكين المناصب والأمور الهامّة فينفذونها بعيدًا عن المجلس. التحالفات عادت من جديد بين القوى السياسية.. هل ترى أنها ستحقق نجاحا خلال الأيام المقبلة؟ - بالطبع، التحالفات فى الوقت الحالى مطلوبة لمواجهة التيار الإسلامى، وأتوقع نجاح التحالفات واستمرارها، خلافًا لما كان عليه الوضع من قبل، لأن الهدف الآن أصبح واضحًا أمام الجميع، وأعتقد أنه مع ظهور هذه التحالفات سيشعر التيار الإسلامى بالمنافسة. هناك كثير من المدنيين ما زالوا خلف القضبان العسكرية، ولم يتحرك الرئيس محمد مرسى فى الإفراج عنهم؟ - من الواضح أن اللجنة التى شكلها الرئيس تعمل بشكل بطىء جدًا، وهو ما يؤخر الإفراج عنهم حتى الآن. شن كثير من الحقوقيين هجومًا حادًا على تصريحات د.أميمة كامل مستشارة الرئيس لشؤون المرأة، والخاصة بختان الفتيات.. ما تعليقك؟ - أرى أن مستشارة الرئيس ليست على الكفاءة المطلوبة، ولا يوجد لديها خبرة، خصوصًا أن الختان جريمة وعودة إلى عصر التخلف، لأن ذلك يعد نوعًا من أنواع العنف المرفوض. ما تعليقك على تصريحات الكتاتنى بعودة مجلس الشعب؟ - لا يستطيع أحد أن يتجاهل أحكام القضاء، وأنا أربأ بالدكتور الكتاتنى أو بغيره من أن تكون هناك ضغوط على القضاء من جانب الجهات التنفيذية، وما أتوقعه بشأن تلك التصريحات هو أن الدكتور الكتاتنى يقرأ الواقع ويرجح بتحليلاته أن الحكم سيكون فى اتجاه معين، مع العلم أن الخيار المطروح بإعادة إجراء الانتخابات، على مقاعد الثلث الفردى فقط، سيوفر على الدولة مبالغ مالية كبيرة. هل أنت راضٍ عن أداء مجلس الشورى؟ - لست راضيا عن أداء مجلس الشورى، لوجود كثير من الأعضاء الذين ليست لديهم خبرات، ويقومون بإلقاء بعض الشعارات التى تحولت إلى «مكلمة» لا لزوم لها. لكننى فى نفس الوقت أرى أن أداءه أفضل من مجلس الشعب المنحل، والذى كان شعاره الصوت العالى فقط دون جدوى، وأتوقع أن لا يعيد الشعب المصرى انتخابهم مرة أخرى، لأن أداءهم كان «صفرًا» ومخيبا للآمال. كثير من الخبراء طالبوا بضرورة إلغاء مجلس الشورى لأنه لا جدوى منه؟ - بالعكس، دور مجلس الشورى ضرورى، خصوصًا أن جميع الدول تعمل بنظام الغرفتين البرلمانيتين، ولا يحبذ الاقتصار على غرفة واحدة، ومجلس الشورى تقدم بكثير من المقترحات للجمعية التأسيسية للدستور لزيادة اختصاصاته، وحتى يكون له الحق التشريعى مثل مجلس الشعب. هل أثر غياب الجزء المعين على أداء مجلس الشورى فى الوقت الحالى؟ - على الرغم من وجود بعض الكفاءات، فإن غياب المعينين مؤثر، والمجلس يحتاج إلى المزيد من الكفاءات، خصوصًا أن البعض ليست لديه الخبرات المطلوبة. على الرغم من أن هناك بلاغات تم تقديمها ضد طنطاوى وعنان فإنه قد تردد أن هناك نية لتعيينهما فى مجلس الشورى.. ما تعليقك؟ - بالفعل كان يتردد وبقوة خلال الفترة الحالية أنه سيتم تعيين طنطاوى وعنان فى مجلس الشورى، وبالنسبة إلى تقديم البلاغات ضدهما، فهذا لا يعنى عدم اختيارهما حتى يتم الانتهاء من التحقيقات، وإذا ثبت تورطهما فى أى شىء يتم سحب العضوية منهما. ما دور لجنة حقوق الإنسان فى «الشورى»؟ وماذا قدمت؟ - اللجنة كان لها كثير من الأدوار الخاصة بإعداد التقارير فى كثير من الأحداث، مثل أحداث دهشور والفتنة الطائفية ومنع هجرة الأقباط، كما أنه يتم فى الوقت الحالى دراسة كيفية عودة الدكتور عمر عبد الرحمن المحبوس حاليا فى سجون أمريكا. لماذا لم تتقدم «حقوق الإنسان بالشورى» لزيارة رموز النظام السابق؟ والتحقق من أوضاعهم داخل السجن؟ - بالعكس تقدمنا بطلب إلى رئيس المجلس والأمانة العامة من أجل ذلك، إلا أنه لم يبت فى الأمر حتى الآن، ومن الواضح أن رئيس المجلس يرى أن ذلك من اختصاصات المجلس القومى لحقوق الإنسان. هل ترى أن نقل تبعية هيئة الاستعلامات من وزارة الإعلام إلى رئاسة الجمهورية اختيار موفق؟ - أرى أن نقل تبعية هيئة الاستعلامات من وزارة الإعلام إلى رئاسة الجمهورية خطوة من أجل السيطرة على وسائل الإعلام، ودليل واضح على أن الجماعة تريد صنع معارضة «كرتونية» لها، ولذلك فهى تختار لقيادة مؤسسات وهيئات الدولة إما شخصيات قيادية بالجماعة، أو شخصيات موالية لفكر الجماعة، وإما شخصيات تميل إلى النظام الحاكم أيًّا كان شكله، وفى الوقت نفسه يعلم الجميع أن حرص الإخوان على تولى بعض الأقباط عددًا من المناصب، يعتبر محاولة منهم لطمأنة الأقباط، وذلك فى الوقت الذى أرى فيه غيابًا تامًّا لعدم تمثيل الأقباط فى الجامعات أو داخل الجيش المصرى، وأطالب بأن تتم إذاعة جزء من القداس عن طريق الراديو كل ربع أو نصف ساعة، ولا بد من سنّ قانون ضد التمييز، كما أننى أرى أن المرأة أصبحت مُهمّشة. كطبيب نفسى.. أطلق كثيرٌ من ضباط الشرطة والأمناء اللحية هل سيؤثر ذلك نفسيًّا على الشعب المصرى؟ - بالفعل، لكونى طبيبًا نفسيًّا أرى أن ظهور اللحية، خصوصًا بين ضباط الشرطة سوف يؤثر على الشعب المصرى، لأن هذا يعتبر أمرًا غير مألوف بالنسبة إليهم، وسوف يجعل الجميع يسير على نهج النظام الحالى. لماذا لم تهتموا بطرح مبادرة لتغيير جهاز الشرطة حاليا؟ - إصلاح جهاز الشرطة يبدأ بإصلاح قضائى وتشريعى للجهاز، مطالبا بإصدار قانون الجرائم الإنسانية والسياسية لكى نتيح محاسبة قتلة المتظاهرين فى أثناء الثورة، فنتيجة لصعوبة الحصول على الأدلة الجنائية حصل الضباط المتهمون بقتل الثوار على البراءة. لذلك لا بد أن يتم تشكيل لجنة تقصى حقائق بعيدًا عن البحث الجنائى، للتحقيق فى قضايا قتل الشرطة للثوار، مع ضرورة محاسبة الفاسدين الذين لا يمكن إصلاحهم فى منظومة الشرطة فى حالة حدوث عملية التطهير، كما أنه لا بد من تغيير الثقافة السائدة بأن الشرطة فى خدمة الحاكم لا الشعب، وأن يكون هناك مشاركة ورقابة اجتماعية على جهاز الشرطة.