أولت وسائل الاعلام التركية أهمية بالغة اليوم السبت للأحكام الصادرة أمس من محكمة العقوبات الجنائية العاشرة في «سيلفري» التي تبعد مسافة 50 كيلومترا عن مدينة اسطنبول بأحكام بالسجن متفاوتة ضد عدد من الجنرالات والعسكريين بالجيش التركي مما اعتبرها الكثير من المحللين بأنها رسالة مهمة للجيش بعدم التدخل في السياسة. وحكم القضاء التركي امس الجمعة على ثلاثة جنرالات سابقين بالسجن 20 عاما لكل منهم بتهمة محاولة الانقلاب على الحكومة عام 2003 في القضية التي تعرف باسم «المطرقة الثقيلة». وصدر الحكم بحق كل من قائد القوات الجوية السابق الفريق أول المتقاعد خليل إبراهيم فرتينه، وقائد القوات البحرية السابق الجنرال المتقاعد أوزدن أورنك، والفريق أول المتقاعد تشتين دوغان أحد القادة السابقين في الجيش الأول التركي. وبرأت المحكمة 36 ضابطا آخر من التهم الموجهة إليهم في القضية. وأشار زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو إلى أن حزبه دائما ضد الانقلابات العسكرية لانه لا توجد قوة أكبر من قوة الشعب، ولكن مقابل ذلك «يجب أن تكون محاكم الدولة عادلة وشفافة»، مضيفا «في محكمة سيلفري قاض ومدع عام وقاعة محكمة لكن مع الأسف لا توجد عدالة». على صعيد آخر، أشار زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشلي إلى أن «الخونة يتجولون في أنحاء تركيا ولكن المحكمة تعاقب الجنرالات الذين كافحوا وعلى عدة أعوام طويلة الارهاب وهي صورة سيئة لا تتناسب مع تركيا». ولفتت الصحف العلمانية والمعارضة لحكومة العدالة إلى أن «صورة الحكومة شوهت سمعة الجيش داخل وخارج تركيا بعد أن كانت صورة الجيش التركي بأفضل مكانة من خلال فتح العديد من القضايا ضد كبار الضباط الذين قدموا خدمات كبيرة للوطن منها المطرقة، ارجنيكون، الحملة الدعاية عن طريق الانترنت ضد حكومة العدالة وأخيرا قضية التجسس». وأكدت الصحف ومنها «ميلليت» و«حريت» على أنه «لا توجد مفاجأة بالقرارات الصادرة من المحكمة الجنائية العاشرة في سيلفري وكان الجميع يتوقع صدور مثل هذه القرارات المرسومة من السلطة التشريعية بدلا من السلطة القضائية إضافة إلى أن رئاسة المحكمة لم تضع بعين الاعتبار أقوال الشهود والادلة الموالية للمتهمين بقضية المطرقة، ولهذا السبب أن القرار الصادر لا يمكن أن يكون عادلا خاصة من بعد عدم اشتراك محامي المتهمين بالجلسات الاخيرة للمحكمة احتجاجا على أسلوبها القضائي المتبع ضدهم وضد المتهمين ومنع حق الدفاع». وأضافت الصحف «يجب ومن بعد الان التوجه إلى محكمة النقض أو إلى المحكمة الدستورية أو إلى محكمة حقوق الانسان الاوروبية للدفاع عن حقوقهم المغتصبة من قبل رئاسة المحكمة الجنائية التي شكلتها حكومة العدالة للانتقام من العسكريين وبحجة التخطيط لانقلاب عام 2003» . على صعيد آخر، قالت الصحف الاسلامية الموالية لحكومة العدالة والتنمية إن «الجمهورية التركية وللمرة الاولى تشهد خطوات ديمقراطية من خلال إصدار محكمة مدنية قرارات سجن الجنرالات بسبب تورطهم بالتخطيط للانقلاب العسكري عام 2003 ». ووصفت هذه الصحف ومنها «صباح» و«زمان» القرارات الصادرة بأنها رسالة موجهه للجيش لعدم التدخل مرة أخرى بالشأن السياسي والالتفات إلى الجانب العسكري مثل بقية جيوش الدول الاوروبية الحديثة المتقدمة ديمقراطيا، مؤكدة الصحف على أن قضية «المطرقة» نموذج أول لمحاسبة العسكريين المتورطين بمحاولة الانقلاب على عكس الفترات الماضية والتي كان لا يمكن محاسبة المتورطين بالانقلابات العسكرية وهي خطوة ديمقراطية لصالح تركيا». واستمعت المحكمة الجنائية العاشرة في «سيلفري» يوم أول أمس وللمرة الاخيرة إلى أقوال 365 ضابطا متهمين بالتخطيط للاطاحة بحكومة العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء طيب اردوغان عام 2003 ومن بين هؤلاء ضباط في الخدمة ومتقاعدون منهم 250 سجين حاليا. وكانت أولى جلسات هذه المحكمة التي استقطبت اهتماما إعلاميا قد عقدت في شهر ديسمبر 2010 واستمرت حتى يوم أمس لمدة 21 شهرا .