بعد أن كانت داعما قويا لنظم عربية استبدادية، كنظام حسنى مبارك فى مصر، بهدف حماية مصالحها فى الشرق الأوسط، تسعى الولاياتالمتحدة أيضا إلى أن يكون لها موضع قدم فى الديمقراطيات الناشئة فى أعقاب الربيع العربى، وبخاصة فى البلدان التى نجحت فيها الثورة الشعبية فى إسقاط الحكام السلطويين، وهى مصر وتونس وليبيا. ولهذا الغرض افتتحت وزارة الخارجية الأمريكية مكتبا جديدا لإدارة السياسات الأمريكية تجاه هذه البلدان، يرأسه ويليام تايلور، نائب رئيس المعهد الأمريكى للسلام لشؤون إدارة الصراعات، وتعاونه مساعدة وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تمارا كوفمان ويتس. وبدأ المكتب الذى يحمل اسم «مكتب العمليات الانتقالية فى الشرق الأوسط» ويتخذ من ضاحية «فوجى بوتوم» العريقة فى العاصمة واشنطن مقرا له، عمله فعليا هذا الأسبوع، وقال تايلور أول من أمس (الإثنين) فى مقابلة مع مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية إن مكتبه سيبدأ فى قيادة تنسيق جهود الخارجية الأمريكية باتجاه مصر وتونس وليبيا، وهى البلدان الثلاثة التى تحاول الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية. وأضاف: «الفكرة هى أننا نريد أن نركز طاقتنا واهتمام سياستنا على كيفية دعم هذه الدول الثلاث التى تمر بمرحلة انتقالية.. الفكرة هى أن نتأكد من أن هذا يرفع مستوى الاهتمام فى وزارة الخارجية إلى أقصى درجاته». ومن المرجح أن يعمل تحت إشراف تايلور ما بين 10 و12 مسؤولا، وهو يقول إنه يأمل أن يضيف إلى طاقم العمل مستشارا رفيعا مقيما من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المعروفة ب«هيئة المعونة الأمريكية»، ومن وزارة الدفاع (البنتاجون)، وهو ما يرجح لجوء الولاياتالمتحدة فى الفترة القادمة إلى استخدام المساعدات المقدمة إلى القاهرة والتى تبلغ نحو مليار ونصف المليار دولار سنويا، معظمها فى صورة مساعدات عسكرية للجيش المصرى، للضغط على مصر خلال المرحلة القادمة. ويشار إلى أن المكتب سيوسع نطاق عملياته ليشمل بلدانا مثل سوريا واليمن، إذا نجحت شعوبها فى بدء مرحلة انتقالية. والمهمة الأولى بالنسبة إلى منصب تايلور هى قيادة تحرك أمريكى لتطوير استراتيجيات للدعم لمصر وليبيا وتونس، بحسب مجلة «فورين بوليسى»، وبعدها سيعمل المكتب على محاولة تنفيذ هذه الاستراتيجيات عبر العمل داخل هذه البلدان والتعاون بين الوكالات الدولية المختلفة، والمؤسسات المالية الدولية والمنظمات غير الحكومية والشركاء على الأرض. تايلور يؤكد أن إدارة أوباما ما زال لديها الرغبة فى متابعة الدعم الاقتصادى للبلدان الثلاثة عبر إنشاء صناديق استثمارية لدعم مصر وتونس وليبيا، ويقول «نحن ندرس احتمالية أن تكون الصناديق الاستثمارية هى النموذج الممكن لدعم هذه البلدان» مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدعم من الكونجرس. وفى إشارة إلى الأهمية القصوى التى توليها الإدارة الأمريكية لعمل هذا المكتب، يقول رئيسه ويليام تايلور إنه سوف يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومى الأمريكى حول الموضوعات المتعلقة بهذا الأمر.