أمس صباحًا وأنا أسمع نطق حكم الإدانة والعقاب فى قضية مرسى وعصابته، الذين سكنوا قصر الاتحادية الرئاسى عامًا أسود كاملًا، تذكرت زميلى وصديقى وأخى الصغير، الحسينى أبو ضيف، الذى استشهد وقتل غيلة وغدرًا على أسوار القصر بيد أتباع أحطّ وأخطر عصابة مرت على هذا الوطن فى طول تاريخه المعاصر والحديث.. تذكرت الحسينى فدمعت عيناى ولم تمكننى طبيعتى التى تأبى الانتقام من أن أفرح بالقصاص العادل من القتلة، لذلك بقيت صورة زميلى الشهيد تهيج حزنى. واسمح لى عزيزى القارئ، سأترك باقى المساحة لسطور كتبتها ونشرتها هنا فى اليوم التالى للجريمة، وقد زينتها آنذاك بعنوان «الجماعة الصهيونية».. واليوم أعيد نشرها لكى لا ننسى، ولكى لا نسمح بتكرار مصيبة وجودية كادت تقوض بنيان هذا البلد وتعصف بهويته، لولا رحمة الله ويقظة شعبه. لقد استهللت المقال القديم بسؤال القارئ: هل صدمتك الكلمتان اللتان تتوج هذه السطور (الجماعة الصهيونية)؟ حسنًا، أرجو أن يحتمل قلبك وقائع الخزى والعار المرعبة البشعة التى سأرويها لك حالًا، نقلًا عن أصدقاء وزملاء أعزاء كانوا جميعًا شهود عيان على جريمة المجزرة الوحشية التى ارتكبتها عصابات وقطعان منظمة ومدربة على القتل تابعة لجماعة الإخوان فى محيط قصر الاتحادية الرئاسى، ابتداءً من عصر الأربعاء حتى صباح الخميس وأسفرت عن سقوط (حسب الأرقام المتداولة لحظة كتابة هذه السطور) نحو 8 شهداء وعشرات الجرحى، بعضهم حرمه المجرمون من نور البصر عمدًا. يقول الشهود إن قطعان الهمج المتوحشين المسلحين بالسواطير والسيوف والسكاكين وبنادق حربية (يفترض أن لا أحد يملكها سوى قوات الجيش والشرطة) لم يكتفوا بضرب وذبح وجرح شباب مسالم أعزل كان يعتصم أمام القصر الذى تغتصبه «ذراع رئاسية» شاردة ومنفلتة من أية شرعية دستورية أو قانونية، كما لم يتوقف إجرام هذه القطعان عند حد إطلاق الرصاص الحى ودفعات من ذخائر الخرطوش (بل وقنابل مسيلة للدموع أيضًا) فى صدور وأدمغة حشود المتظاهرين السلميين الذين تقاطروا على المكان لإنقاذ إخوتهم المعتصمين، وإنما إمعانًا فى الهمجية والتوحش وإثباتًا لحقيقة أنهم كائنات متحللة وشوهاء جرى سحق وتخريب فطرتها الإنسانية بقسوة فى مغارات الجماعة المعتمة، قامت فرق منهم بتنفيذ أوامر قيادات وأمراء الجريمة الموجودين فى «مسرح الحرب القذرة»، والتحرك على هيئة مجموعات مسلحة محدودة العدد (تشبه تمامًا فصائل إجرامية تابعة للجيش الصهيونى تسمى «فرق المستعربين») راحت تمشط وتنقب فى الشوارع المحيطة بالقصر الرئاسى بحثًا عن شبان وشابات من المصابين والجرحى، الذين نقلهم مواطنون من سكان المنطقة إلى مداخل العمارات (وبعض الشقق والمحال) لإنقاذهم ومحاولة تقديم إسعافات بسيطة لهم (العصابات الإجرامية عرقلت أو منعت طواقم سيارات الإسعاف من تقديم خدماتها للمصابين).. وعندما كانت هذه الفرق الهمجية تفلح فى العثور على واحد من ضحاياها غارقًا فى دمائه لم تكن تتورع عن خطفه عنوة وتحت تهديد السلاح ثم جرجرته أو حمله إلى إحدى نقاط التعذيب العديدة التى نصبوها حول سور القصر الرئاسى المغتصب، وهناك تبدأ عمليات إيذاء وتنكيل نمطية وممنهجة للشاب أو الفتاة الجريح أو الجريحة، بوسائل تقطر خسة ووحشية، أبرزها وأكثرها تكرارًا «تكسير عظام الأيادى» بقطع حديد أو عصى غليظة، فضلًا عن إهانات منحطة وسافلة وصلت إلى حد هتك أعراض الضحايا وإغراقهم بسيول سخام من أقذع وأوطى ألفاظ السباب وأشدها فحشًا وبذاءة! هل عرفت الآن مغزى وسبب العنوان المصلوب أعلى هذه السطور؟ لقد أمعنت العصابة الجاهلة المجرمة فى العار والشنار، بينما هى تقاتل وتحارب وتقتل الآن بنى الوطن، بينما الوهم المجنون يسكن عقلها المظلم أن بمقدورها إتمام عملية خطف مصر دولة ومجتمعًا وشعبًا، فإذا بها تستعير وتقلد طرق ومناهج الإجرام نفسها التى يستخدمها جيش العدو مع أهلنا فى فلسطينالمحتلة، فهذا الجيش المنحط هو الوحيد (تقريبًا) فى العالم الذى يسبح فى بحر الخسة وانعدام الشرف والأخلاق، لدرجة أن يلاحق ضحاياه الجرحى والمصابين ويختطفهم ويعذب بعضهم (ليس كلهم كما فعلت قطعان «إخوان الشياطين»).. كما أن جيش الصهاينة هو الذى اخترع فى تسعينيات القرن الماضى أيام المجحوم إسحاق رابين، جريمة «تكسير أيادى» أطفال انتفاضة الحجارة، وكانت الحجة العدو آنذاك هى نفسها التى قالها «إخوان صهيون» بتوعنا لضحاياهم.. «لكى لا ترموا علينا بعد كده الطوب والحجارة»! ولا حول ولا قوة إلا بالله.