غابت "سيدة القصر" فانهار عمر الشريف. رحل "وجه القمر" فلم يعد هناك "يوم سعيد" ولا حتى يوم حلو يوم مر. مديح «بورتريه» صلاح طاهر فتح قلبها للحب الجديد لكن الذى لن يغيب هو ما تبقَّى من فنّها الساحر، وقصة حبّها وزواجها من عمر الشريف. الشاب الوسيم الذى ضحكت عندما أبلغها المخرج يوسف شاهين باسمه خلال التحضير لفيلم صراع فى الوادى : ميشيل شلهوب. غير أن للقاء الأول أحكامه، ففى منزل فاتن عام 1955، امتدح عمر "بورتريه" رسمه الفنان الكبير صلاح طاهر للفنانة المتألقة، حين قال: "الله.. بورتريه رائع رسمه فنان مبدع.. بس فعلًا ما يساويش حاجة جنب الإبداع اللى عمله ربنا.. رسم وصور أجمل ملامح.. بأعظم ريشة فى الكون وجسد الإبداع كله فى أرق مخلوقة ممكن الإنسان يقابلها فى حياته". نفذت الكلمات إلى قلب الممثلة الخارجة للتو من تجربة زواج من المخرج عز الدين ذو الفقار. أحداث الفيلم جمعت خيوط القلبين أكثر، حتى باح لها عمر فى الكواليس أخيرًا: "مدام فاتن.. أنا بحبك"، فألقت فاتن نظرتها عند قدميها وصمتت. لم تنبس بشفة. فاستدرك عمر: "هل تقبلى قلبى؟ هل بتحبينى؟". أومأت فاتن برأسها، فامتدت يد عمر إلى يد فاتن تلامسها بحنان ورفق وتلاقت نظرات الحب بينهما. فعاد يسألها: "بتحبينى؟"، فأدمعت عينا سيدة الشاشة وقالت فى همس: "أيوه بحبك يا عمر"، فقال: "تتجوزينى"، فقبلت ولكنها طلبت منه تأجيل الأمر، إلى أن تدبّر أحوالها، حسب ما ورد فى مجلة "إل" الفرنسية. لم تمر تلك المشاعر بسلام، فقد فجَّرتها قبلة. ففى المشاهد النهائية للفيلم، حدثت القبلة القنبلة بين فاتن وعمر، وهى القبلة التى عاتبها عليها شكرى سرحان -الذى كان معروفًا فى الوسط الفنى بأنه يميل لها- فى حين أكدت فاتن بدورها، أنها لم تخرج عن التقاليد التى وضعتها لنفسها؛ "لأن مشهد القُبلة الذى ظهر فى هذا الفيلم لا يمثل القُبلة بمعناها الصحيح، لأنها بسيطة عادية على الخد". ودافع عمر الشريف، قائلًا "إن الموقف كان يتطلّب وجود قُبلة لشاب جريح يتعذَّب من الألم، وفى أشد الحاجة إلى العطف والحنان، ومن هنا كانت الُقبلة واجبة فى هذا الموقف للتعبير عن هذه العاطفة الإنسانية نحو إنسان مصاب ويتعذَّب من الألم". شنَّت الصحافة حملات ضد فاتن وعمر، خصوصًا بسبب اختلاف الديانة، وفارق الشهرة. بعدها كتب علِى أمين مقالًا نفدت بعده "أخبار اليوم" من الأسواق بشكل مذهل، كان عنوانه "دموع فاتن حمامة" وكانت آخر جملة به: "من حق فاتن أن تتزوَّج من الرجل الذى أحبَّته.. وواجب جمهورها أن يجفّف دموعها.. ويساعدها على اجتياز المحنة.. لأنها تحب جمهورها بنفس القدر الذى يحبها به". أعلن ميشيل شلهوب اعتناقه الإسلام واحتفظ باسم عمر الشريف طوال حياته، وتعاطف الجمهور بشدة مع قصة الحبيبين، وتزوج عمر وفاتن عام 1955. غير أن بريق النجومية خطف عمر من فاتن، خصوصًا بعد أن وقع الاختيار على النجم الشاب لبطولة فيلم "لورانس العرب". ترك عمر فاتن وابنهما طارق وسافر، لتتباعد المسافات أكثر فأكثر بينهما على مر السنوات وانتشرت الشائعات عن غراميات "عصفور الشرق" مع نجمات مثل الأمريكية باربارا ستراسيند، والإيطالية آنا ماريا كاتالى، وغيرهما. مع تمسُّك عمر بملاحقة أحلامه فى هوليوود، خاضت فاتن تجربة التمثيل خارج الحدود، فمثّلت فيلمًا بعنوان "رمال من ذهب" مع نجم فرنسى، إلا أنه لم يُكتب له النجاح، ويُقال إنها كانت على وشك اعتزال السينما بعد ذلك لإنقاذ زوجها، إلا أن القدر شاء عكس ذلك، ووسط تمسُّك كل فرد بالبقاء فى بلد معيّن، استقرا على الطلاق فى عام 1974. غير أن عمر الشريف فاجأ الجميع فى عام 2011، قائلًا إنه لم يطلّق الفنانة فاتن حمامة فى عام 1974، وإنما طلّقها فى عام 2005، حين طلبت ذلك لترتبط بزوج آخر، وحتى تلك الفترة كان عمر وفاتن زوجَين على الورق. انتهت الحكاية.. وربما لن تنتهى أبدًا.