من منا لم ير فيهما قصة الحب الأسطورية التي كانت محط إعجاب الجميع ومازالت القصة الأروع في تاريخ السينما المصرية، إنها قصة حب فاتن حمامة وعمر الشريف القصة التي مازالت حية رغم انفصال فاتن حمامة مرت على أجيال تربى الكثيرون على "ضمير أبلة حكمت"، وحلم الكثيرين يعيش قصة حب كما عاشتها مع نجم الفن العالمي عمر الشريف، 80 عامًا، علقت في أذهان المصريين بفتنتها وبكونها حمامة سلام، وسيدة الشاشة العربية متألقة، أحبها الملايين حول العالم ولكن يظل أكثر من أحبها حتى وفاتها ويستمر هو الفنان عمر الشريف، الذي باتت قصة حبهما حكاية تحظى باهتمام الكثيرين، والتي حتى يوم وفاتها هذا العام لم تُنس بل أحيت ذكراها حيث أنجبت منه طارق الذي كان حلقة الوصل بينه وبينها حتى يومنا هذا والذي قال الشريف إنه كان يعرف أخبارها منه. مشاهد سينمائية ولكنها حقيقة كانت الصدفة هي وليدة هذا الحب الأبدي حيث ترجع قصة لقائها ب "ميشيل شلهوب" –اسم الشريف آنذاك- إلى اعتراضها على مشاركة شكري سرحان البطولة معها في فيلم "صراع في الوادي" والذي أخرجه "يوسف شاهين" الذي قام بعرض الدور على صديقه وزميل دراسته بكلية فيكتوريا بالإسكندرية، الفنان عمر الشريف، وكان عمر الشريف في ذلك الوقت قد تخرج من الكلية ويعمل في شركات والده بتجارة الخشب فوافقت على الممثل الشاب، وأثناء تصوير هذا الفيلم حدث الطلاق بينها وزوجها عز الدين ذو الفقار، يأتي هذا بسبب الغيرة الشديدة عليها. ولأن سيدة الشاشة العربية كانت مشهورة برفضها أي مشهد أو لقطة فيها قبلة اندهش الجميع على موافقتها بأداء اللقطة تحتوي على قبلة بين البطلين في فيلم "صراع في الوادي" مع عمر الشريف، وبعد الفيلم أشهر الأخير إسلامه وتزوج منها واستمر زواجهما إلى عام 1974، أي أن العلاقة انتهت مع ذو الفقار بالطلاق عام 1954 وتزوجت عام 1955 من الفنان عمر الشريف. لتبدأ رحلة الحب الأشهر كان اللقاء الأول بينهما في منزل فاتن، وكان ميشيل شلهوب "الشريف" مترددًا خائفًا، لكن ما أن التقيا حتى ضاع كل شيء من رأسه، فقد نظرت له فاتن ولم تنطق بكلمة واحدة ظل هو صامتًا ينظر للأرض، ثم رفع رأسه فجأة فوقعت عيناه على "بورتريه" رسمه الفنان الكبير صلاح طاهر لفاتن، فتحدث عمر الشريف همسًا: "الله.. بورتريه رائع رسمه فنان مبدع.. بس فعلا ما يساويش حاجة جنب الإبداع اللى عمله ربنا.. رسم وصور أجمل ملامح.. بأعظم ريشة في الكون وجسد الإبداع كله في أرق مخلوقة ممكن الإنسان يقابلها في حياته". لتخترق تلك الكلمات قلبها وتغلقه عليها وعليه، وشعرت بأنها تلميذة صغيرة تستمع إلى أول عبارة إعجاب في حياتها، وأحست بأن هذا الرجل قد نفذ إلى قلبها ولن يخرج. ولكن قبل الانتهاء من تصوير فيلم «صراع في الوادي»، ولم تبق إلا أيام قليلة، وتفترق فاتن حمامة عن عمر الشريف، وكان الأخير يغالب رغبته في أن يعترف لفاتن بالحب ويعاند إشفاقه على نفسه من أن تردّه لكنه استجمع كل إرادته وذهب إليها وهمس لها في انفعال: "مدام فاتن.. أنا بحبك"، فألقت فاتن نظرتها عند قدميها وصمتت، ولم تنطق بكلمة فاستدرك عمر: "هل تقبلي قلبي؟ بتحبيني؟" أومأت فاتن برأسها، فعاد يسألها: "بتحبيني؟" فأدمعت عيناها وقالت في همس: "أيوه بحبك يا عمر"، وقبلت الزواج منه ولكنها طلبت منه تأجيل الأمر، إلى أن تدبّر أحوالها، حسب ما ذكرت في مجلة E L L E الفرنسية. لم يستمر الوضع طويلا حتى علم الجميع بهذا الحب، ففي نهاية فيلم «صراع في الوادي» كان هناك مشهد ينص على أن تأتي فاتن حبيبته وابنة الطاغية زكي رستم وتحتضن عمر فقط، ليس إلا، لكن المفاجأة كانت أنها انكفأت عليه وقبلته وكانت قبلة حقيقيّة غير سينمائية، أوضحت قصة الحب التي يكتمها النجمين في قلوبهما وسط دهشة الجميع. "الشريف" أسلم لله وسلم لها كانت كلمة "يهودي" عند المصريين خلال عام 1955، مرفوضة بكل حروفها ومعانيها، وفي تلك الأثناء انطلقت شائعات قوية أن فاتن حمامة سترتبط بالفنان عمر الشريف، والمعروف عنه آنذاك كونه "يهودي الديانة"، مع أنه في الحقيقة "مسيحي الديانة"، لكن أطلقت تلك الشائعة لتضخيم القضية لاستعداء الرأي العام ضده وضد نجمة مصر الأولى إن لزم الأمر؛ والهدف هو أن تتدخل السلطات المصرية وتطرد الشريف قبل إتمام زواجهما، وذلك بعدما رفضوا هذا الحب وعارضوه بشدة، فكيف تتزوج من رجل في غير ديانتها؟ أما عن فاتن فلم يهدأ لها بال حتى قابلت صديقها المقرب سلامة موسى، رئيس تحرير جريدة الأخبار وصارحته بأن الشريف مظلوم، وأنها مجنيّ عليها ولا تستطيع في الوقت ذاته إصدار بيانات للرد على تلك الاتهامات الظالمة. وأقنعت موسى ولم تمنع دموعها من السقوط تلك المرة وهي تتحدث، في حوار للجريدة، قائلةً: "مش عايزة من كل الدنيا.. كل الدنيا.. غيره.. فهل ده كتير عليّ؟!"، وبعدها كتب أمين مقالًا نفدت بعده الجريدة من الأسواق بشكل مذهل وسريع كان عنوانه "دموع فاتن حمامة" وكانت آخر جملة به: "من حق فاتن أن تتزوج من الرجل الذي أحبته.. وواجب جمهورها أن يجفف دموعها.. ويساعدها على اجتياز المحنة.. لأنها تحب جمهورها بنفس القدر الذي يحبها به"، حسب ما نشر في موقع مجلة E L L E الفرنسية. وعلى إثره أعلن "ميشيل شلهوب" اعتناقه الإسلام واحتفظ باسم عمر الشريف طوال حياته، وتعاطف الجمهور بشدة مع قصة الحبيبين، وتزوج عمر وفاتن عام 1955. واشتركا في عدة أعمال سينمائية معا ليس كزوجين وإنما كصديقين أيضًا جمعت بينهما خلالها أفلام مثل "نهر الحب"، و"سيدة القصر"، و"صراع في الميناء"، و"صراع في الوادى"، و"لا أنام"، وكانت نتيجة هذه الزيجة أن أنجبت ابنها طارق. بدء نهاية قصة الحب التي هزت السينما المصرية في أوائل الستينيات قابل عمر الشريف المخرج العالمي دايفيد لين، الذي اختاره لبطولة فيلم «لورانس العرب» الذي يعد أول خطوات الشريف إلى العالمية، ولم يكن من السهل على الإطلاق إقناع زوجته الفنانة فاتن حمامة وأم ابنه الوحيد «طارق» بأن يتركها ويرحل إلى هوليوود بحثًا عن العالمية، وبقدر ما كان عشق عمر الشريف لزوجته بقدر ما كانت الصعوبة في محاولة إقناعها وقبولها الابتعاد عنه لسنوات طويلة وربما للأبد. استطاع إقناعها بأسلوبه المعسول، وبالفعل اقتحم السينما العالمية بفيلميه "لورانس العرب" و"لا تنبذ دابة ضعيفة"، واستمر على مراسلتها باستمرار حتى يطمئنها، وخاصة من الفتيات الشقراوات اللاتي ينجذبن إلى أي "عصفور من الشرق". أدرك عمر مدى قلق زوجته وحينما وقّع عقد الفيلمين بعث إلى فاتن يطمئنها بأن تصوير الفيلم الأول سيكون لمدة عام ونصف في الصحراء، والفيلم الآخر سيؤدي به دور "قسيس"، مما اضطره إلى اتباع تعليمات المخرج والمكوث بدير فرنسي في الريف؛ حيث كان يعيش أجواء الرهبة والخشوع لأكثر من 3 أسابيع انقطع خلالها عن مباهج الدنيا. تحدثت الفنانة فاتن حمامة عن علاقتها بزوجها الفنان عمر الشريف في حديث للتليفزيون المصري عام 1963 قائلة إن بعد المسافات لم تشكل مشكلة كبيرة بينهما، فهي سافرت إليه خلال تصوير فيلم "لورانس العرب"، وشاهدت عائلات كثيرة في نفس وضعها تشكو من عدم وجود الأزواج في المنزل بسبب التصوير، فهي مشكلة صنعة، ولا تستطيع أن تطالبه بالتخلي عن عمله، وهو أيضًا لن يطلب منها ذلك، وأضافت أنها تستغل كل وقت فراغ لها لتسافر لتمضي بعض الوقت مع زوجها. مرت السنوات وانتظرت فاتن عودة زوجها، ولكنه تمسك بالبقاء وراء حلمه المهني الذي رآه يتحقق في هوليود، وهي حاولت أيضًا أن تحقّق الشهرة، فمثلت فيلما بعنوان «رمال من ذهب» مع نجم فرنسي إلا أنه لم يكتب له النجاح، ويُقال بأنها كانت على وشك اعتزال السينما بعد ذلك لإنقاذ زوجها إلا أن القدر شاء عكس ذلك، ووسط تمسك كل فرد بالبقاء في بلد معين استقرا على الطلاق في بداية السبعينيات، تحديدا عام 1974، وهذا هو التاريخ الذي ورد في جميع الأخبار. ولكن كان ل"الشريف" رأيًا آخر حيث قال في تصريحات صحفية عام 2011 إنه طلقها في عام 2005، قائلا في تصريحات لجريدة «الوفد»: «لم أطلق فاتن حمامة إلا منذ 6 سنوات فقط، حيث أكد أن فاتن لم تريد السفر معه ولا تحب العمل في أمريكا، فقلت لها "يا حبيبتي بصي إحنا مش هنتطلق ولا حاجة، أنا هسافر، ولو في يوم من الأيام حبيتي حد أو عايزة تتجوزي تاني كلميني في التليفون هبعتلك الورقة على طول، وكل الفترة دي وهي زوجتي ولم أطلقها إلا بعدين، وعمرنا احنا الاثنين تخطى السبعين عامًا، حينما تعرفت هي على زوجها الحالي وأرادت الزواج منه". وحاول الشريف زيارة فاتن حمامة خلال أزمتها الصحية الأخيرة، عندما دخلت على إثرها إلى المستشفى وذكرت بعض المصادر المقربة منها أن عمر الشريف اتصل بها وهو في فرنسا واستأذنها لزيارتها في المستشفى أو بعد خروجها، ولكن فاتن أكدت له أنها بخير وأن الأمر لا يستدعي الزيارة محافظةً على مشاعر زوجها الحالي بعدم الحديث عن عمر أمامه أو في أي حوار لها، كما طلبت من عمر ألا يتحدث عنها في وسائل الإعلام، وإن كان الشعور الدائم لدى جمهورها أن الألم الذي سببه لها الشريف مازال قائمًا، خاصة بعدما قالت بعض الأخبار التي لم يؤكدها أحد أو ينفيها حول أن السبب في الطلاق هو رفض عمر العودة إلى مصر، والاهتمام بعمله على حساب زوجته وبيته.