تتجمد أطرافك وترتعش، يتسرب البرد إلى كل عظامك فتكاد تشعر بأنك نقلت محل إقامتك إلى الاسكيمو فجأة، تصاب بالهلع وترتدي كل ما يصادفك، تتقوقع على ذاتك، وتصاب كل أنشطة حياتك بالشلل فجأة، فتصبح الكنبة أو السرير مملكتك التي لا تفارقها إلا للشديد القوي، ويصبح قرار الاستحمام درب من الجنون، وتجرع شفطة ماء خطوة تحتاج إلى تفكير.. إذن أنت تعيش طوبة 2015 بكل تفاصيلها .. فمرحبا بك في عالم "المتلّجين". طوبة في الأمثال الشعبية .. ده كان زمااان طوبة هذا العام تأتي وهي "فاردة عضلاتها"، وتحاول أن تثبت للجميع أن ما قيل عنها في التراث الشعبي لا يليق بها، ولا بكفاءتها وقدراتها التي فاقت كل خيال. فحينما اتهمها المثل الشعبي بأنها تجعل الصبية كركوبة، لم يكن يتخيل أن قدراتها سوف تتطور بفعل الزمن وتقضي على الصبية وتميتها متجمدة لتروح ضحية عملية انتحارية اذا ما قررت "غسل المواعين". وحينما ربط المثل الشعبي بينها وبين الشخص البارد واصفا إيّاه بأنه أبرد من مايّة طوبة، لم يصل خياله حينها لمستوى برودتها المميت الذي يصيب الجلد برعشة كهربائية تكاد تصيبه في الصميم، فمن المستحيل أن يصل إليه مستوى برود شخص ما وإلا "جاب" الضغط والسكر للكرة الأرضية جمعاء. التاريخ يؤكد طوبة تغسل أكثر بياضًا طوبة هو الاسم القبطي للشهر الخامس من شهورالسنة القبطية، ومعناه غسل أو تطهير، وطوبة هذا العام أكدت أنها اسم على مسمى، فالمطر المتواصل في الأيام الماضية وسقوط الثلوج على بعض المحافظات الساحلية أكد للجميع أن طوبة تغسل أكثر بياضًا. تعددت الأقاويل في أصل هذه التسمية، فبعض المصادر تؤكد أن هذا الاسم ينسب إلى الإله طوبيا أي الأسمى والأعلى وهو إله المطر، وبعض المصادر الأخرى تؤكد أنه ينسب للأله أمو إله الطبيعة، وأن طوبة اشتقّت من الكلمة المصرية القديمة "تاعبت"، وهو أحد الأعياد. فيما تؤكد بعض المصادر الأخرى أن هذا الشهر كان مخصّص للمعبود أمسو، ويسمى أيضا "خم" وهو شكل من أشكال "أمون رع"، إله طيبة بمصر العليا أو إله نمو الطبيعة، لأن في أوانه يَكْثر المطر وتخصب الأرض. المعلومة المؤكدة تاريخيًا أن طوبة هو أول شهر في "البروييت"، أى موسم النماء في مصر القديمة، ففيه ينتهى فيضان النيل، تبدأ الارض في الاخضرار، فتنبت المحاصيل وتزدهر. إسكندرية بنت طوبة ولأن الإسكندر الأكبر، أدرك أهمية طوبة في حياة المصرين وكيف أنها مرتبطة بالنمو والازدهار، قرر أن يضع حجر الأساس لمدينة الإسكندرية في الخامس والعشرين من شهر طوبة من عام 331 ق. وعلى ما يبدو أن بركة طوبة حلت على مدينة الاسكندرية، فكما نمت وازدهرت الحياة فيها، وأصبحت مع الوقت واحدة من أهم مدن العالم، أيضا أصبح البرد فيها منقطع النظير، فامدتها طوبة بالنوات والعواصف التي لم يكن يستوعبها سوى أهلها، لكن هذا العام ذاق طعمها كل سكان مصر، بعد أن حلّت بركات طوبة على البلاد كلها. أعياد طوبة تأبى "طوبة" أن ترحل كل عام، إلا وقد تركت فرحة في قلوب المصريين تعوضهم بها عن مرارة البرد وصعوبة احتماله، فيأتي فيها عيد الغطاس أو عيد العماد، الذي يحتفل فيه المسيحيين بذكرى معمودية يسوع في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، وأطلق عليه عيد الغطاس، لأن عملية التعميد تتم من خلال تغطيس الطفل في الماء.