بعد إعلان جنوب السودان عن تدشين سفارة لها في القدس، أبدى بعض الخبراء في الشؤون الأفريقية تخوفهم من إنضمام دولة جنوب السودان إلى إتفاقية «عنتيبي»، التي وقعت عليها 6 دول من دول منابع النيل وتقضي بإعادة النظر في تقسيم المياه بين دول حوض النيل، بل والتوقيع عليها عقب إنتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل التواجد الإسرائيلي الوثيق في دولة الجنوب. الدكتوره إجلال رأفت أستاذة الدراسات الأفريقية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية قالت إن هناك ثلاث سيناريوهات أمام صناع القرار في دولة الجنوب عند التعامل مع ملف المياه، ويتوقف ترجيح أحدهم على مدى التدخل الإسرائيلي في القرارات السيادية في دولة الجنوب، وقوة الدور الذي يلعبه الجانب المصري هناك.
السيناريو الأول وهو السيناريو المرجح حال ضعف مشاركة مصر في عمليات دعم التنمية في جنوب السودان، وترك الباب مفتوحاً للإستراتيجيات الإسرائيلية، ويكمن في إنحياز جنوب السودان إلى إتفاقية «عنتيبي» والتصديق عليها، بل والوقوف كرأس حربة مع الدول الموقعة عليها ضد المحاولات المصرية في تعديل بنودها.
أما السيناريو الثاني فيتمثل في إعتراف جنوب السودان بمبدأ توارث المعاهدات، خاصة أن إتفاقية المياه التي وقعتها إنجلتراً مع السودان عام 1959، كانت مع دولة السودان وليست مع دولة مستعمرة للسودان كما هو الحال مع باقي دول حوض النيل، وهذا يتوقف على التواجد المصري القوي في دولة الجنوب. وفي حال إعتماد دولة جنوب السودان على مبدأ موازنة المصالح، وعدم الإنحياز لطرف على حساب الآخر، خاصة وأنها في حاجة إلى الدعم المصري في هذه المرحلة، فيمكننا أن نقول أن الضرر المائي على مصر يعتبر غير موجود، خاصة في ظل عدم حاجة جنوب السودان إلى مياه جديده، وهذا هو السيناريو الثالث.
وأكدت إجلال أنه على الحكومة المصرية أن تسعى لضم جنوب السودان إلى جامعة الدول العربية، وعدم خسارتها مثل خسرنا أريتريا في السابق.
ويتفق معها في الرأي الدكتور هاني رسلان رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، الذي يرى أن إنضمام جنوب السودان إلى عنتيبي إحتمال وارد بعد قيامها بتدشين سفارة لها في إسرائيل، ومفاجئتنا جميعاً بهذا القرار حيث إنه كان من المتوقع أن تظل العلاقات في الخفاء مثلما كانت في السابق منذ الحرب الأهلية ودعمها لجون جرانج.
ولكن رسلان يرى أنه ليس من حق جنوب السودان الإعتراض على إتفاقية المياه التي تم توقيعها عام 1959 عملاً بمبدأ توارث المعاهدات القائم حتى في حالة إنفصال الدول، بل يجوز لها فقط توقيف مشروعات تبادل المنفعة المنصوص عليها في الإتفاقية، وعدم استكمال مشروعات تقاسم 20 مليار متر مكعب من المياه المهدرة في الجنوب مع مصر والمقدرة ب75 مليار متر مكعب من المياه.
وأتفقا الخبريان على أنه على مصر التحرك بشكل سريع وعاجل لإنقاذ أمن مصر المائي، خاصة وأن جنوب السودان تعتبر دولة منبع.