الحرية والعدالة» و«العدالة والتنمية». تشابه الأسماء واضح تماما، ويكاد يكون مقصودا. لكن أهداف الحزبين وأداءهما السياسى متباعدان إلى حد كبير. ففى الوقت الذى يدعو فيه الإخوان وحزبهم «الحرية والعدالة» إلى إغاثة الشعب الصومالى الشقيق، والتبرع له ولو بجنيه، نجدهم ينظمون إفطارات فاخرة فى شهر رمضان، يتم إلقاء نصف كميتها تقريبا فى القمامة بعد الإفطار. رئيس الوزراء التركى ورئيس حزب «العدالة والتنمية»، رجب طيب أردوجان، كان أكثر اتساقا مع نفسه فى دعوته لدعم شعب الصومال، اصطحب زوجته، ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو، وزوجته، ليجذب انتباه العالم، حول مآسى الصومال التى لا يريد العالم الانتباه إليها. المقارنة بين «الحرية والعدالة» المصرى، و«العدالة والتنمية» فى تركيا، ظالمة بكل تأكيد. والكلام لخبراء تناولوا أداء الحزبين. الدكتور جمال حشمت رفض إجراء المقارنة جملة وتفصيلا، وقال إنها لا تصح على الإطلاق، فلا المكان ولا الزمان يسمحان بمقارنة بين حزب موجود فى الحكم منذ تسع سنوات، وحزب ما زال يشق طريقه السياسى. نفس الرفض كرره أستاذ الاجتماع السياسى إبراهيم البيومى غانم، موضحا أن «الحرية والعدالة» المصرى يتشابه مع «العدالة والتنمية» التركى فى أن كلا الحزبين يمارسا السياسة عن فهم واجتهاد يرتكز على المرجعية الإسلامية وأن كليهما يمتلك قاعدة عريضة من الجماهير الشعبية التى تؤمن بأطروحاتهما السياسية وخصوصا من الطبقة الوسطى. وعلى الرغم من أن «العدالة والتنمية» يعمل تحت وصاية العسكر، كما يقول البيومى، بينما يعمل «الحرية والعدالة» تحت وصاية جماعة الإخوان، بشكل واضح فإن البيومى يعتبر أن الوصاية العسكرية التركية كانت أحد عوامل النجاح لدى «العدالة والتنمية» التركى. وحول زيارة أردوجان للصومال فى وقت ينشغل فيه قيادات «الحرية والعدالة» بتنظيم المؤتمرات الحزبية والإفطارات الجماعية الفخمة، قال البيومى إن الحزب التركى هو الحاكم، ويقوم بتلك الخطوات لإبراز مكانة ووضع تركيا الكبير على الساحة السياسية، لكن «الحرية والعدالة» ما زال فى مرحلة الإنشاء ولم يصل للحكم بعد. مدير مركز «الشرق» للدراسات الشرقية والاستراتيجية، الدكتور مصطفى اللباد اختار المقارنة بين جماعة الإخوان المسلمين التى أنتجت حزب «الحرية والعدالة» المصرى، وبين حزب «العدالة والتنمية» التركى. وقال: الجماعة لها نشاط سياسى منذ 80 عاما، لكن التغير الذى حدث فى خطاب الجماعة على مدار السنوات الماضية، لم يمض بنفس الوتيرة التى حدث عليها التغيير فى حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا. الجماعة فشلت بنظر اللباد حتى الآن فى أن تكون محل ثقة للتيارات السياسية الأخرى سواء ليبرالية أو علمانية، فى حين نجح «العدالة والتنمية» فى ذلك، حيث يحظى بثقة تلك التيارات المختلفة داخل المجتمع التركى. الإخوان فشلوا أيضا فى كسب جبهات تختلف معهم فكريا، فى حين توجد فى تركيا أحزاب أخرى تختلف فكريا مع «العدالة والتنمية» مثل الليبراليين، لكنهم يتفقون معا فى قضايا عديدة فى مواجهة التيارات العلمانية، مثل حق المسلمات فى ارتداء الحجاب. الغريب -كما يقول اللباد- أن الإخوان قبل الثورة كانوا يتحدثون عن تشابه تجربتهم مع تجربة «العدالة والتنمية» التركى، لكن بعد الثورة تغير الخطاب بشكل كامل، وحاولوا من خلال خطابهم الجديد التحلل من التجربة التركية، وإثبات ملكيتهم لتجربة جديدة لا علاقة لها بتجربة أردوجان. اللباد يختم كلامه بأن الإخوان وحزبهم ليسوا توافقيين على الإطلاق بالمقارنة مع حزب «العدالة والتنمية» الذى لا يتوقع على الإطلاق أن يخرج من أحد قياداته تصريح على شاكلة «لا يوجد مسلم ليبرالى ولا مسلم علمانى» معتبرا هذا النوع من الخطاب استعلائيا وإقصائيا من الدرجة الأولى.