فجأة، تحوّل الصراع فى انتخابات الرياسة، إلى صراع وحشى، لا يسعى فيه طرف للفوز فى منافسة ديمقراطية سلسة، إنما يتصوّر الكل أنهم سينتزعون كرسى الرياسة بالعافية! مشكلة بدأت بتملّص جماعة الإخوان من كل عهودها، بحجة أن الظروف تغيّرت، وطرحت اسم خيرت الشاطر، كمرشحها المحتمل لمنصب رئيس الجمهورية، بعد أن تعهّدت، طوال عام كامل، بأنها لن تقدّم مرشحا للرياسة، مخالفة بذلك ما أمر به الله سبحانه وتعالى، من ضرورة أن نوفى بالعهود.. وبغض النظر عما سيندفع إليه الكل، عبر سياسة إخضاع النص، لتبرير عدم الوفاء بالعهود، فنحن لسنا أمام مشكلة فقهية، بقدر ما نحن أمام مشكلة ديمقراطية كبيرة، هى عصب الثورة، وسر أسرار قيامها، فقبل الثورة كان هناك حزب واحد يسيطر على كل شىء، ويرأسه رئيس الجمهورية، الذى يقترح شيئا أو قانونا، فتطرحه حكومة الحزب، ويؤيده مجلس الشعب، الذى هو من نفس الحزب، ويوافقه مجلس الشورى، باعتبار أغلبيته من الحزب، ويتم تمريره، وطظ فى شعب مصر.. وما يريدنا الإخوان أن نقتنع به، باعتبارنا شعبا مختوما على قفاه من عقود طويلة، هو أنه عندما يكون الرئيس من جماعة الإخوان، وتكون أغلبية مجلسى الشعب والشورى من نفس الجماعة، والحكومة التى يختارها الرئيس بالتالى، هى حكومة إخوان، فالأمر سيسير بديمقراطية، وسيعارض البرلمان ومجلس الشورى «الإخوانيين»، قرارات الرئيس الإخوانى، عندما تتقدم بها الحكومة الإخوانية!! ولأن جماعة الإخوان من الملائكة، بدليل أنهم نقضوا كل ما تعهّدوا به، منذ بداية الثورة، فعلينا أن نغمض عيوننا، ونغلق عقولنا، ونحلم بالديمقراطية غير المتحيّزة، فى ظل استيلاء إخوانى، على كل منابع السلطة، بحيث لا يبقى أمام الشعب (كالمعتاد)، سوى أن يشرب من بحر الصبر والسلوان.. وجماعة الإخوان ترى أن هذا حقها، لأنها حصلت على الأغلبية، فى أوّل انتخابات بعد الثورة، وأقنعت الناخبين بأن من ينتخبها يدخل الجنة، ومن ينتخب غيرها إلى جهنم وبئس المصير، لكن الثورة نفسها لم تندلع، حتى نستبدل بالحزب الوطنى، بكل جبروته، جماعة الإخوان المسلمين، بكل جبروتها، الذى ظهر واضحا، مع شهوة سلطة، لا تتفق مع ما كنا نحلم به كمستقبل لمصر.. وهناك شائعة تقول إن جماعة الإخوان، بعد أن ذاقت شهوة السلطة، التى لا تدانيها شهوة، بدأت تبحث بين أطفال الأسر الإخوانية، عمن يصلح لأن يتولّى منصب رئيس الفصل، فى كل المدارس الابتدائية، حتى تضمن السيطرة على الجيل الجديد من المنبع، وتضمن البقاء فى الحكم والسلطة، لأطول فترة ممكنة!الشائعة هى دعابة بالطبع، لكنها تعكس -كأى دعابة- رؤية الناس لما تفعله جماعة الإخوان.. وللحديث بقية.