صرح وزير الموارد المائية والري، الدكتور حسام مغازي، بعدة تصريحات خاصة بمشروع تنمية النوبة وإعادة توطين الونبيين في مواقعهم الأصلية، بتاريخ الجمعة 31 أكتوبر الجاري، وهي التصريحات التي جاءت قبل أيام قليلة من بداية جلسات لجنة إعمار النوبة، التي فوضت الحكومة وزارة العدالة الانتقالية لتشكيلها إعمالًا للمادة 236 من دستور البلاد. بطبيعة الحال نحن نرى تصريحات وتحركات كل المسئولين في ضوء وطنيتهم وحرصهم على مصلحة البلاد، فلا مجال للتخوين أو للتشكيك في النواية، وهو ما نظنه الطريق الصحيح للنقد الموضوعي. لذا فنحن نرى في تصريحات السيد الوزير حرص شديد على سلامة البيئة في النوبة، وهو بطبيعة الحال توجه وطني واعي ومحترم، لكنها تنتقد من جوانب آخرى ليس من ضمنها الحرص على البيئة. تنتقد كونها تشير إلى تخبط واضح في بنية الحكومة الحالية، فهناك وزارة تسعى لحل أزمة تاريخية وهناك وزارة آخرى تقف خارج هذا الصف ولا تعرف ما يدور في أروقته، بل وتتحرك ضد هذا التوجه الرسمي للدولة، رغم أنه من الأسهل والأحق لوزارة الري أن تكون شريك في عملية إعادة الإعمار وأن تقوم بطرح هذه التخوفات داخل اللجنة ليتم مناقشتها وحلها بشكل علمي، لكن يبدو أن الوزارة لا تعلم بوجود عضو لها، بصفته، في لجنة إعمار النوبة، وهو العضو الذي تُرِكَ للوزارة تحديده بمعرفتها، ومن جانبنا نتمنى أن يكون سيادة الوزير شخصيًا أو من يراه مناسبًا لطرح هذه التخوفات وتكون له الخبرة العلمية للنقاش البيئي حول الحلول العلمية لهذه التخوفات المشروعة. تنتقد من كونها تصريحات تتعارض ودستور البلاد، الذي يعد هو العقد المبرم بين الوطن والمواطن، ولا يجوز لأي مواطن مهما بلغ شأنه إلا أن تلتزم تصرفاته وتوجهاته وبنود هذا العقد، وهذه التصريحات بتعارضها مع أحد بنود العقد تظهر صاحبها في مظهر من يرفض الدستور القائم ويتحدى إرادة الملايين الذين صوتوا لهذا الدستور. نحن من جانبنا نضع صوب أعيننا إستكمال خارطة الطريق وتفعيل مواد دستور مصر، وبطبيعة الحال فنحن نحرص بشدة بل لا نرى بديلًا عن أستكمال توجه الدولة في حل مشاكل المصريين النوبيين، عن طريق الحل العادل الوحيد وهو إعادة إعمار منطقة النوبة القديمة ببناء كافة القرى النوبية بمسمياتها القديمة على ضفاف البحيرة خلف السد العالي، مع الحرص الشديد على مراعاة البعد البيئ واسس التنمية الشاملة للمنطقة، وهو ما سبق وأشارنا إليه في أن رؤيتنا تعتمد على ضرورة أعتبار هذه المنطقة مدينة صديقة للبيئة، فهو ما يضمن لنا القدرة على الحياة وعدم تحول حلم العودة إلى كابوس بيئي. ونعمل على حل المشكلة النوبية التاريخية، على مدار 115 سنة، طبقًا للدستور ومن داخل مؤسسات الدولة وبرعايتها، ندعو جميع الوزارات المعنية، ومن أهمها وزارة البيئة، للإرسال ممثليها وطرح الأفكار والتخوفات، فليس أمامنا من سبيل إلا العمل معًا مخلصين من اجل تفعيل بنود الدستور المصري، الذي وحده يضمن تحقيق مصلحة الدولة العليا المتمثلة في الرخاء والتنمية المستدامة وحقوق المواطنة والسِلم المجتمعي.