ما بين رغبة الإخوان فى الاحتفال، ورغبة الثوار فى استكمال ثورتهم، كان ميدان التحرير أمس، الذى فتح عينيه على توافد الآلاف إليه بعد صلاة الفجر. صباح الميدان جاء كالمتوقع له، منقسما بين مظاهر الاحتفال والهتافات الداعية إلى الغضب واستكمال الثورة، فمنذ الساعات الأولى لليوم، وقبل وصول المسيرات المنتظرة، حضر الآلاف الذين قضى عدد كبير منهم ليلته السابقة فى خيام تم نصبها داخل الميدان. رغبة القوى الإسلامية فى السيطرة على الميدان، بدت واضحة، مع وصول أوتوبيسات نقل جماعى قادمة من جانب كوبرى قصر العينى إلى ميدان التحرير تضم ذوى اللحى، وهو ما ظهر أيضا فى محاولات السيطرة على اللجان الشعبية التى تقاسمها الإسلاميون وشباب الألتراس، وفى انتماءات الخيام داخل الصينية وأمام مجمع التحرير. أربع منصات رئيسية شهدها اليوم، الأولى شملت تحالفا انتقل من البرلمان إلى الميدان بين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، سقف المطالب الذى بدأ به شباب الإخوان يومهم هو تأكيد استكمال أهداف الثورة والقصاص لكل الشهداء، واعتبار أعضاء المجلس العسكرى مدانين حتى إجراء تحقيقات جدية فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، لم يستمر طويلا على منصتهم، التى انتقلت فورا بعد هذا التقديم إلى الاحتفال وإذاعة أغانى الثورة، وكان هتافهم الرئيس «عايزين نرجع زى زمان.. إيد واحدة فى الميدان» وهو الهتاف الذى تلقته منصة ثوار الميدان المستقلين كما أعلنوا عن أنفسهم، وضمت الشباب دائمى الاعتصام داخل الميدان خصوصا خلال الأحداث الأخيرة. شباب الثورة ردوا سريعا على شباب الإخوان «قول للزمان.. ارجع يا زمان» واتهموهم بالتخلى عن الميدان ورددوا هتافات حملت مزيجا من الغضب، وهو ما ظهر فى التفاف المئات حولهم «يسقط حكم العسكر.. القصاص القصاص للى ماتوا بالرصاص.. العسكر قتل الشهداء من ماسبيرو للوزراء.. نازلين نعمل ثورة مش احتفال بالثورة»، وعرض هؤلاء الشباب شهاداتهم حول انتهاكات الجيش بالميدان وحمّلوا المشير وأعضاء المجلس العسكرى مسؤولية الدماء المصرية منذ موقعة الجمل، وأشاروا إلى انسحاب قوات الجيش من الميدان فى تلك اللحظة. المنصة الثالثة التى توسطت المسافة بين المنصتين السابقتين كانت لشباب القوى السياسية الثورية من بينهم حركات: اشتراكيين ثوريين، وشباب 6 أبريل «الجبهة الديمقراطية»، وشباب من أجل العدالة والحرية، والتحالف الشعبى، ومجموعة لا للمحاكمات العسكرية، وكانت هتافاتهم أيضا معبرة عن الغضب الثورى ومناهضة للمجلس العسكرى حيث رددوا «قول إتكلم.. السلطة لازم تتسلم»، «قول متخافشى.. العسكر لازم يمشى»، «مجلس عسكر من البهوات.. لازم يرجع على الثكنات»، «مجلس عسكر صباح الخير.. دا انت رئيسك ملياردير». المنصة الرابعة كانت لحزب الوفد وأنصاره الذين رفعوا أعلامهم، ورددوا الأغانى الوطنية من على المنصة، ومن على منصة الإخوان خرج أحد شيوخ السلفية الذى قال «التزمنا أن تكون المنصة واحدة لكن شباب القوى السياسية الأخرى لم يلتزموا بذلك». الشباب برروا ذلك بأن هناك اختلافا فى المطالب، فلذلك كانت المنصات متعددة، وقالوا إن هتافات الإخوان اليوم ستتم محاسبتهم عليها، وأن القسم الحقيقى لنواب مجلس الشعب هو نزولهم إلى الميدان فى هذا اليوم وتبنى مطالب الثوار. اللافتات هى الأخرى جاءت كرنفالية ومتنوعة بالميدان كان أكثرها جذبا للأنظار صورة لثلاثة مشانق جمعت بين مبارك والعادلى والمشير، فى حين كانت اللافتة الرئيسية للمنصة الإخوانية منقسمة إلى جزءين، الأول باللون الأبيض يحيى الثورة وإنجازاتها، والثانى باللون الأسود يدعو إلى المحاسبة واستكمال الأهداف. «القصاص» كان العنوان الرئيسى للافتات الشخصية التى حملها الآلاف داخل الميدان، وإلى جانبها كانت لافتات تطالب بالحد الأدنى للأجور وحل أزمة المفقودين وحماية الحرية واسترداد أموال مصر فى الخارج. ورغم أن الحضور الإخوانى كان طاغيا على المشهد فى الميدان، فإن المواطنين العاديين، من شباب مصر ورجالها وشيوخها ونسائها الذين لا ينتمون إلى أى فصيل سياسى، توافدوا على الميدان منذ الصباح الباكر، كما أن المسيرات التى صبت فى الميدان، كان لها الحضور الأقوى والأكبر.