كتب- بستانى نعمان: الصحراء الغربية منبسطة وليست مثل سيناء التى يستطيع المجرمون الاختباء فى جبالها ومغاراتها تعمّد الإرهابيون أن يهاجموا نقاطًا وكمائن عسكرية مرّات عديدة لأنهم يهدفون إلى نزع الشجاعة من نفوس جنود الجيش هل يجب على الإرهابى فى كل مرة يقتل جنودنا أن يترك فى مكان الجريمة علمه الأسود حتى نعرف هويّته؟! إن الخطأ الأكبر كان هو الإعلان بأن المجرمين الذين قاموا بالهجوم الأول هم عصابات التهريب انتقاما من القوة، التى نجحت فى ضبط كميات من المخدرات والسجائر والترامادول. وحتى إذا كان هذا الافتراض صحيحا، فلماذا لم نحتَط وقد أُعلن قبل الهجوم الثانى بأيام عن ضبط كميات كبيرة من الممنوعات؟ مما يعنى أن المهربين سوف يعاودون الانتقام. لكن هذا الافتراض ينمّ عن عدم فهم لشخصية المهربين وطبيعة عمليات التهريب، لأن المهرب ليس صاحب قضية، ويعمل فى الظلام، ويهمه أن تغفل أجهزة الدولة عن نشاطه، ولا يسعى لاستعداء جيش الدولة ضده بمثل الفظاعة التى تم بها الهجوم الأول، حيث ضربوا النار على النقطة ثم هربوا فى الصحراء. ومن غير المعقول أن تغفل أجهزتنا عن الحقيقة الواضحة، وهى أن العصابات الإجرامية تصول وتجول غرب مصر، وأنها هى مصدر السلاح الذى كان يصل إلى سيناء. وبعد القضاء على نشاطها فى سيناء، كان لا بد أن تنقل عملياتها إلى البؤرة الأساسية على الجانب الآخر من حدود مصر. ومن المستبعد كذلك أن أجهزتنا فطنت إلى هذا الاحتمال وتعمدت نشر فكرة أنهم من عصابات التهريب، حتى تستطيع مفاجأتهم والقضاء عليهم. إن عبقرية مونتجومرى فى حرب العلمين فى نفس الصحراء الغربية كانت تتلخص فى أمر واحد: أنه وضع نفسه فى مكان القائد الألمانى روميل، وفكر فى ما سيفعل، وبالتالى لم يفاجأ بتحركات الجيش الألمانى بل فاجأه بخطته المضادة، أما نحن فقد تركنا جنودنا فى العراء، وأشعرناهم بالأمن لدرجة أنهم كانوا يقطعون الوقت بلعب الدومينو على مرأى من العابرين، إلى أن وقع الهجوم الأول، ثم الثانى. كذلك، تعمّد المجرمون أن يهاجموا نقاطا وكمائن عسكرية مرّات عديدة، لأنهم لا يقصدون فقط إلى إيقاع ضحايا، بل يهدفون إلى نزع الشجاعة والتضحية من نفوس جنود جيش مصر. لأن استراتيجيتهم بعيدة المدى؛ يريدون بث الخوف فى نفوس شبابنا لكسر شوكة جيش مصر، لذلك تعمدوا مهاجمة نقطة الكيلو 100 مرّتين خلال فترة وجيزة، بما يعنى أنهم وصلوا إلى درجة عالية من الاحتراف والجرأة. كما أنهم يملكون أدوات التخفى ووسائل التمويل وطرق التمويه التى تجعلهم يصلون بسياراتهم ومدافعهم إلى النقطة التى يسبقها ويليها عديد من نقاط التفتيش. وإذا كان الرد بأنهم يستخدمون مدقّات ودروب فى الصحراء، فماذا تكون وظيفة حرس الحدود إذن؟ أليس حرس الحدود أولى بمعرفة هذه المدقات وتأمينها؟ إن الصحراء الغربية منبسطة، وليست مثل سيناء التى يستطيع المجرمون الاختباء فى جبالها ومغاراتها، وقد استبشرنا خيرا وشعرنا بالاطمئنان عند إطلاق القمر الصناعى «إيجبت سات 2» الذى يصوّر كل ما هو أطول من متر واحد. وقد تعجبت عندما أذاعوا على الهواء فى البرامج الحوارية، مسار القمر فوق كوكب الأرض، وقلت لنفسى إن أى عصابة إرهابية تستطيع الآن وضع جدول زمنى لفترات مرور القمر فوق الأرض المصرية، فتتمكن من الاختباء إلى أن تبتعد كاميراته إلى آسيا والمحيط الهادى وأمريكا ثم المحيط الأطلنطى وغرب إفريقيا، وتستطيع خلال هذه الفترة التحرك فى الصحراء بأمان، وعندما يحين موعد اقتراب كاميرات القمر من الأراضى المصرية يعاودون الاختباء. إن إذاعة مسار القمر على الهواء مباشرة أفسد مهمته وجعله بلا فائدة، فمن المسؤول؟