كتب: محمد عطية شعور بالفشل والعبثية يسيطر على أوساط تل أبيب السياسية والعسكرية فى اليوم السادس للحرب على غزة، وفقا لما تورده وسائل الإعلام العبرية، وذلك بسبب استمرار صمود المقاومة الفلسطينية، وإمطارها تل أبيب ومدنها بالصواريخ التى وصلت إلى مسافات أبعد من الحروب السابقة، ناهيك بعدم انكسار القطاع بغارات الاحتلال الدموية، التى تقنص المدنيين وتهد منازلهم على رؤوسهم. أمس كان حلقة جديدة من الوحشية الإسرائيلية والصمود الغزاوى؛ شهداء القطاع وصلوا إلى 165، والجرحى 1089، مع استمرار مقاتلات تل أبيب الجوية فى استهداف المنازل. وقال الجيش الإسرائيلى فى بيان له إنه «استهدف 1320 موقعا فى قطاع غزة، منذ بدء عملية الجرف الصامد ضد القطاع». غير أن إرادة المقاومة من جانبها لم تنكسر أو تخضع لإملاءات تل أبيب الدموية، ووفقا للمرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، فإن 800 صاروخ فلسطينى أطلقوا من قطاع غزة على مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية، من بينها 635 صاروخا ضربت وسط وجنوبى الأراضى الفلسطينية المحتلة. وتعرضت المدن والبلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة مرورا بمدينة أسدود وصولا إلى تل أبيب لوابل من الصواريخ صباح أمس، وسقط صاروخان فى مناطق مفتوحة بالقرب من بئر السبع، كما سقطت 5 صواريخ فى منطقة أشكول، كما قصفت كتائب القسام -الجناح العسكرى لحركة حماس- مدينة «روحفوت» ب4 صواريخ محلية الصنع، وقالت فى بيان لها «تمكن مجاهدونا من قصف مدينة روحفوت بأربعة صواريخ من طراز سجيل 55». كما قصفت كتائب القسام مدينة تل أبيب بصاروخين من نوع «J80»، مزودين بتقنية لا تُمكن منظومة «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ من اكتشافها؛ لافتة إلى أن «هذه الرسالة هى دليل على تطور المقاومة»، وأن «حرب الأدمغة الدائرة تسجل انتصارا جديدا على خبراء القبة الحديدية، وسيحولونها إلى قبة ورقية لا تحمل إلا الفشل». وفى تطور جديد للمقاومة، أعلن الجيش الإسرائيلى عن إصابة 4 جنود بجروح فى عملية إنزال بحرى استهدفت موقعا لإطلاق الصواريخ الفلسطينية شمال القطاع، كانت فصائل فلسطينية صدت هجوما بحريا محدودا فى منطقة السودانية معلنة اشتعال النيران فى أحد زوارق الوحدة المهاجمة. وكحلقة جديدة فى سلسلة جرائم إسرائيل، كشفت وزارة الصحة الفلسطينية استخدام تل أبيب أسلحة محرمة دوليا فى عدوانها المستمر ضد الفلسطينيين بالقطاع، وقال يوسف أبو الريش -وكيل وزارة الصحة- إن الاحتلال «استخدم قذائف وأسلحة محرمة دوليا»، لافتا إلى أن «الأطقم الطبية العاملة وجدت تهتكا فى أجساد الجرحى والشهداء بشكل يتطابق مع استخدام أسلحة (الدايم) المحظورة دوليا، بالإضافة إلى تأكيد الأطباء الأجانب الموجودين فى القطاع على أن القذائف والصواريخ الحربية التى تطلقها إسرائيل فتاكة ومحرمة دوليا». الريش أوضح أن الاحتلال «يتعمد استهداف المدنيين بطريقة وحشية وبلا رحمة»، مؤكدا أن «نسبة 40% من ضحايا العدوان كانوا من النساء والأطفال، ونسبة الإصابات من الأطفال والنساء مثلت 62%». الشعور بعدم جدوى العملية العسكرية فى غزة، كان هو السائد على صفحات الجرائد والإذاعات والقنوات الإسرائيلية، وفى تحليلات الخبراء، صحيفة «يديعوت أحرونوت» وصفت ما يحدث فى القطاع بأن «تل أبيب أصبحت على قائمة طعام المقاومة الفلسطينية، وتسعى الآن للتهدئة بدلا من الفشل الذريع». ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية قولها إن أهداف العملية لم تتحقق وإن «الجيش دخل هذه الحرب ليس كما يريد، وفقد عناصر المفاجأة فى الصراع، ولم يستطع اغتيال قيادات كبيرة وذات وزن بحركة حماس، ولم يتمكن حتى اليوم من تدمير صواريخ حماس والتنظيمات الأخرى بعيدة ومتوسطة المدى». أفى ديخر، رئيس جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى «الشاباك» الأسبق، وصف هو الآخر الحرب الإسرائيلية بالعبث؛ موضحا فى صفحته الإلكترونية على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» أنه «كلما طالت الحرب اكتشفنا عبثيتها»، مطالبا بوقف الحرب على غزة بسرعة والعمل على إيجاد حل للصراع الفلسطينى الإسرائيلى. بينما أضاف ديختر «قلبى مع كل والد يوجد ابنه على خط الجبهة، وربما يدخل بعد ساعات أو أيام إلى أتعس مكان فى العالم الذى يسمى غزة، وأنا أعرف مشاعر الإحباط التى تسبق كل عملية أو حرب، وهى عبارة عن اللحظة التى تدرك فيها فى أعماق قلبك عدم جدواها وعدم فائدتها، وتعلم بأنه لا يوجد منتصرون فى الحرب، وكلما تصاعدت الحرب وارتفع لهيبها أدركنا عبثيتها وعدم حاجتنا إليها، وإلى أى مدى كان بإمكاننا أن نوفرها، لو فقط تحدثنا بشكل صادق ومن منطلق الراغب بإيجاد الحل وتقديم الحلول الوسط، وبناء مستقبل زاهر للجميع». صحف عالمية: حماس رفضت عرضا مصريًّا بالتهدئة 40 ساعة كتب- محمد عطية وسارة حسين وسلافة قنديل: «ارتفاع عدد القتلى المدنيين فى غزة، واستهداف مسجد ودار للمعاقين، ولا أمل فى تهدئة قريبة»، عناوين تصدرت الصحف والوكالات العالمية فى تغطيتها الحرب الوحشية على قطاع غزة المستمرة منذ ستة أيام، وراح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى. من جانبها نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرا بعنوان «البحث عن وسيط بين إسرائيل وحماس»، قالت فيه إن هناك تقارير حول وساطة مصرية محتملة لحل الصراع، لكن بما أن «حماس» وإسرائيل يركزان على القصف والصواريخ، فلن يكون للدبلوماسية فرصة. وأضافت الصحيفة، أن الحوار السرى المستمر على مدار الأيام القليلة الماضية بين «حماس» وإسرائيل ربما يكون أكثر أهمية من تبادل إطلاق النار بينهما، لافتة إلى أنه على الرغم من أن الجانب الإسرائيلى دائم الحديث بوضوح وصراحة حول معاقبة «حماس» والقضاء على البنية التحتية للإرهاب، فإنه لا يتطرق إلى الحديث عن الدعوة إلى القضاء على قيادة «حماس». وتابعت، بأن إسرائيل على ما يبدو تريد أن تترك قيادة «حماس» ثابتة، وأن «حماس» فى هذه الأثناء تشكو إسرائيل بلا نهاية. الصحيفة الإسرائيلية أشارت إلى أن موقف مصر لا يزال غامضا، ومن غير الواضح على سبيل المثال ما إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى مهتما بالتفرد المصرى بجهود الوساطة، أو أنه يهدف إلى اتفاق عربى موسع، خصوصًا بعد فشل الجهود السابقة. غير أن الصحيفة شددت على أن مصر، ومع هذا، لا تزال تتمتع بالنفوذ الأكبر على «حماس»، حيث تسيطر على معبر رفح، ولأن «حماس» ترغب فى إصلاح العلاقات مع جارتها، حسب الصحيفة، التى أوضحت أيضًا أن السيسى يتعرض لضغط من الداخل، خصوصا فى سياق استراتيجيته السياسية التى جعلت المعركة ضد الإخوان المسلمين أولوية. وكان موقع «والا» الإخبارى العبرى قال فى تقرير له أمس، إن «حماس رفضت مبادرة مصرية للتهدئة»، لافتا إلى أن اقتراحا مصريا بالتهدئة لمدة 40 ساعة عرض على موسى أبو مرزوق القيادى ب«حماس»، وبعد مشاورات مع الذراع العسكرية للحركة تم رفض هذا الاقتراح. الموقع قال إن المصريين أوضحوا عدم نيتهم اتهام «حماس» علنا بإفشال الجهود لتحقيق التهدئة، لكنهم أكدوا فى نفس الوقت أن الحركة ستتحمل مسؤولية رفض المبادرة المصرية. وذكر الموقع، أن مصر أبلغت «حماس» استعدادها فتح معبر رفح الحدودى، لكن تحت مراقبة شديدة، أما صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية فنقلت عن يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومى السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أن نفوذ مصر على الأنفاق مصدر الدخل الوحيد ل«حماس»، يضع الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى فى موقف يجبر «حماس» على الاستماع إليه. بينما قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأمريكية، فى تقرير لها إن إسرائيل وسعت هجومها الجوى على قطاع غزة حتى وصل الأمر إلى استهداف «مسجد وجمعية خيرية ودار للمعاقين». مسؤول إسرائيلى قال للوكالة الأمريكية إن الهدف من العملية هو استعادة الهدوء إلى إسرائيل لفترة متواصلة. موضحا أنه «سيتم تحقيق هذا الهدف سواء تم ذلك عسكريا أو دبلوماسيا. إسرائيل سوف تنظر فى أى اقتراح من شأنه أن ينجز هذا الهدف».