احتفالية كبرى نظمتها "دار الشروق" للروائى بهاء طاهر، لمناقشة كل أعماله الروائية والقصصية، وتقديرًا منها لما قدمه فى مجال القصة والرواية والمسرحية. وحضر الاحتفالية مجموعة كبيرة من الكتّاب والمثقفين، من بينهم القاص سعيد الكفراوى، والروائى فؤاد قنديل، والشاعر جرجس شكرى، والكاتب عبد السناوى. أدار الاحتفالية الكاتب أسامة عرابى، حيث بدأ بتقديم الروائى بهاء طاهر قائلا "طاهر كتب خمس مجموعات قصصية وست روايات، بالإضافة إلى مسرحيتين، وكان مسؤولاً عن النقد المسرحى فى مجلة الكاتب، وله كتاب "عشر مسرحيات مصرية فى الأدب والنقد"، وأيضًا "كتاب فى مديح الرواية"، يقول فيه إن الرواية الحقيقية هى التى تفكك الواقع وتعيد ترتيبه، وتغوص فى أعماق النفس الإنسانية، وتكشف ما لم يكشفه علم النفس، ولهذا لجأ فرويد لروايات دوستويفسكى ليثبت صحة بعض نظرياته". عرابى أضاف أن بهاء طاهر عمل أيضًا بمجال الإعلام، ورفض العمل مع مؤسسات الدولة، معتبرًا ذلك عارًا على الروائى أن يحصل على معونة من الدولة، كما أنه رد جائزة الدولة التى حصل عليها فى 2009 خلال قيام الثورة، اعتراضًا على قتل المصريين وقمعهم، مشيرًا إلى أن أول قصة نُشرت لبهاء طاهر، نشرها له يوسف إدريس، وكانت بعنوان "المظاهرة" وكتب إدريس فى تقديمه أنه كاتب مميز لا يقلد أحدًا أو وغير متأثر بكاتب آخر، هو كاتب بهائى طاهرى. أما الروائى الكبير بهاء طاهر فقال "لا أعرف سبب الاحتفال، السبب بالنسبة إلىّ إعادة طبع روايتين عزيزتين على قلبى هما نقطة نور والحب فى المنفى، وأيضًا فوجئت بدار الآداب تحدثت إلىَّ وأخبرتنى بالاحتفال بى لمدة أسبوع بلبنان، وبصراحة أصابنى الاحتفال بالخوف، رغم سعادتى به، لأنى أفضل دائمًا أن أكون منعزلًا لا يعرف أحد عنى شيئًا". وتحدث طاهر خلال الاحتفال به عن مسؤولية الناشر فى الاهتمام بالأعمال الجيدة، وإخفاء الأعمال الرديئة، قائلا "عندما كنت طالبًا فى الثانوية كانت هناك رواية عنوانها "الست اللى أكلت دراع جوزها"، وكنت الأشهر بين الشباب، ولكن الآن لا أحد يعلم عنها، وهناك أيضًا أعمال لم تحصل على اهتمام وقتها ولكن بعد ذلك أصبحت من أهم النصوص الأدبية، لذلك لا بد أن يكون الناشر ذكيًا، ويعرف ما هى الأعمال التى يجب الاهتمام بها، والأعمال التى يجب تجاهلها". صاحب "أنا الملك جئت" قال "عشت العصر الذهبى للقصة القصيرة، كنا ننتظر قصص يوسف إدريس الذى ينشرها فى جريدة المصرى، والآن لم يعد هناك اهتمام بالقصة القصيرة، حتى إن كثيرين اندهشوا من حصول قاصة كندية على نوبل للآداب". وردًا على سؤال أحد الحضور عن الأعمال الرائجة قال طاهر "لدى ملاحظات كثيرة على الأعمال الرائجة، ولكن على الشباب ألا يهتموا بهذه الأعمال، بل النظر والبحث عن الأعمال الأهم، مثل تشيكوف ودوستويفسكى، فاللغة ليست وسيطًا بل هى الأدب، وهى مشكلة كبيرة لدى كثير من الأعمال الرائجة"، وأضاف طاهر أنه قرأ لكتّاب شباب تحمس لهم، وآخرين لم يعجبونه، ولكن هناك أعمال كثيرة لم تعجبه. وردًا على سؤال آخر عن غيابه عن لقاء المرشح عبد الفتاح السيسى بالمثقفين، قال طاهر " كنت ضمن المدعوين إلى اللقاء، ولكن لم أذهب بسبب ظروفى الصحية، ولكن لقاء السيسى بالأدباء كان مهم جدًّا، وكما قال حمدين الاختيار الآن بين حسن وأحسن وليس مثل أيام شفيق ومرسى بين سيئ وأسوأ". واستطرد حديثه قائلا " أنا منحاز إلى المشير السيسى، لأنه بنى موقفه على مقاومة الفكر الرجعى، فالمجتمع مهدد بمخاطر انتشار هذا الفكر، والإبداع كان مهددًا خلال عام واحد من حكمه لمصر, ولا أرى أن الخلفية العسكرية تسىء لأى شخص، بل بالعكس قد تكون ميزة تحسب إليه، فى وقت نحتاج إلى التصدى للإرهاب. أنا عشت أجمل أيام حياتى فى ظل حكم عسكرى وقت حكم جمال عبد الناصر". الروائى فؤاد قنديل وصف طاهر ب"أحد أعمدة القصة والرواية فى العالم العربى"، مضيفا أنه بدأ الكتابة مع بهاء طاهر فى نهاية الستينيات، ولكن مع توالى طاهر نشر أعماله مثل خالتى صفية والدير وواحة الغروب، كان يكتب تقريبًا عن أغلب أعماله، وكان يكتب معه وهو يشعر به، لأنهما ينتميان إلى نفس الخندق، مشيرا إلى أن كتابات طاهر يتفجر من بين سطورها الحب لمصر والبشرية. أما القاص سعيد الكفراوى فقال "بهاء طاهر يصدق عليه تعريف رجل الأدب، أعرفه منذ 50 عامًا، بدأنا معًا فى المحلة الكبرى، مع نصر أبو زيد وجابر عصفور، ومحمد المنسى قنديل، وامتلكنا رؤية جديدة إلى العالم، بموهبة قروية". الكفراوى أضاف "بهاء طاهر أحد الناس الطيبين الذين قادوا الثقافة فى مصر، وقدم برنامجًا بعنوان "مع الأدباء"، وبعتناله قصصتنا الريفية واهتم بأعمالنا، وكان بمثابة المعبر الذى جئنا من خلاله من القرية إلى المدينة، هو يمثل وثبة قوية ضد الكتابة السائدة، وقام بهذا الدور مع جيل عظيم، منهم أمل دنقل وإبراهيم أصلان، ويحيى الطاهر عبد الله، ومحمد البساطى"، مشيرا إلى أن طاهر من خلال كتاباته الروائية تلمس روح مصر، وترصد تغيرات حياتنا منذ نهاية الستينيات وحتى الفترة التى كتب خلالها أعماله الأخيرة. وحكى الشاعر أسامة عفيفى موقفًا يتذكره لبهاء طاهر، قائلا " اتصلت بطاهر وقت إعادة إصدار مجلة المجلة، وطلبت منه كتابة مقال، ولم يتردد فى دعمى وأرسل لى المقال، وعندما طلبت منه حضور احتفالية صدور العدد الأول من المجلة، ورحب بذلك، قال لى: أول مرة أشوف مجلة ثقافية دمها مش تقيل". وأضاف عفيفى أن طاهر كان له موقف عظيم من اعتصام المثقفين قبيل زوال حكم الإخوان المسلمين، وأيضًا الفنان أحمد شيحة، وكان هذا الاعتصام بمثابة الشرارة الأولى لإسقاط نظام الجماعة، وأثبت طاهر بمواقفه دائمًا شجاعته، ورفضه القبول بما قبل به الكثيرون، ومواقفه أكبر دليل أن الأديب لا يكتب فقط بل يتحرك ليطالب بالحرية لبلده وأهله. الشاعر جرجس شكرى بدأ حديثه خلال احتفالية طاهر قائلا "أنحاز إلى ما قاله بهاء طاهر عن القصة القصيرة، كنت أقرأ قصص طاهر بعين الشاعر الذى يغار من لغته"، مضيفًا أن هناك نقطة أشار إليها سعيد كفراوى وهى البرنامج الثانى الذى قدمه طاهر، وأصبح بعد ذلك البرنامج الثقافى، ولكن لا بد من الإشارة أيضًا إلى أن طاهر عمل كمخرج مسرحى، ومثّل معه مجموعة من الفنانين مثل سناء جميل ويوسف وهبى وسمحية أيوب وأمينة رزق، وأتمنى التوقف أمام هذه الأعمال، وخصوصا أنه بعد قراءة كل أعمال بهاء طاهر لا يمكن إغفال الحس المسرحى فى كل هذه الأعمال.