بوتين يُصدِّق على معاهدة ضم شبه الجزيرة الأوكرانية.. والاتحاد الأوروبى يرد بتوقيع اتفاقية الشراكة مع كييف جولات جديدة من العقوبات الاقتصادية، واستخدام مُسيس لوكالات التصنيف الائتمانى مثل «فيتش» و«ستاندرد آند بورز» لخفض التصنيف الائتمانى لروسيا، لكن كل ذلك لا يبدو كافيا لأن يتراجع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، ولو لخطوة واحدة إلى الوراء عن ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا. وبجرة قلم يوم أمس الجمعة صدق بوتين فى احتفالية فى الكرملين بثها التليفزيون الروسى على الهواء، على قانون يستكمل عملية ضم القرم إلى روسيا فى تحد لزعماء الغرب، الذين يقولون إن شبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود ما زالت جزءا من أوكرانيا. كما وقع الرئيس الروسى تشريعا بإقامة منطقتين إداريتين روسيتين جديدتين، واحدة للقرم والثانية لسيفاستوبول. ويجنى قيصر روسيا الجديد حصاد سنوات من العمل الشاق من أجل إعادة الاعتبار لروسيا على الصعيد العالمى كقوة لا يستهان بها، وتفعيل دور الدبلوماسية الروسية بدرجة لم يسبق لها مثيل، منذ سقوط الاتحاد السوفييتى، فبات حضورها لا يمكن الاستغناء عنه فى ملفات من أبرزها برنامج إيران النووى إلى الحرب الأهلية فى سوريا واحتواء كوريا الشمالية. ورد الاتحاد الأوروبى بالتوقيع الجمعة على البنود الأساسية من اتفاق الشراكة السياسية مع أوكرانيا، وهو الاتفاق ذاته الذى كان الرئيس السابق، فيكتور يانوكوفيتش، رفض توقيعه فى نوفمبر الماضى، الأمر الذى أدى إلى الإطاحة به فى نهاية المطاف. ورغم تهويل وسائل الإعلام الغربية من الآثار المحتملة للعقوبات الغربية على الاقتصاد الروسى، فإن الموقف الروسى لم يتغير، بل إن الرئيس بوتين قال إنه ينوى فتح حساب فى بنك «روسيا» الذى أدرجته الولاياتالمتحدة فى قائمة العقوبات التى فرضتها على مسؤولين ومؤسسات فى روسيا. وأضاف بوتين فى جلسة مجلس الأمن الروسى أمس، بعد أن استمع إلى تقرير وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف حول فرض عقوبات جديدة على روسيا: «فى ما يتعلق بهذه المؤسسة المالية فهى كما فهمت، عبارة عن مصرف متوسط المستوى. ولم يكن لدىّ حساب هناك، لكننى سأفتح حسابا فيه الإثنين المقبل». وفى هذه الأثناء قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إن وزير الدفاع تشاك هيجل تلقى تأكيدات يوم الخميس من نظيره الروسى بأن آلاف الجنود الروس الذين يرابطون على الحدود الشرقيةلأوكرانيا ليس لديهم أى خطط لدخول الجمهورية السوفييتية السابقة. وأضاف المتحدث جون كيربى، إن هيجل أجرى محادثة هاتفية «مباشرة» مع وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو، بشأن الأزمة الأوكرانية استمرت نحو ساعة. وقال المتحدث إن هاجل بادر إلى إجراء المكالمة فى ما يرجع جزئيا إلى مخاوف بشأن التعزيز المستمر للقوات الروسية على الحدود الشرقية والجنوبية لأوكرانيا. وقال كيربى «الوزير هاجل عبر عن تقديره... لتأكيد الوزير شويجو بأن القوات التى حشدها بمحاذاة الحدود موجودة لإجراء تدريبات فقط، وليس لديها أى نية لعبور الحدود إلى أوكرانيا، وأنها لن تقوم بأى عمل عدائى». وسيطرت قوات روسية على منطقة القرم الأوكرانية قبل ثلاثة أسابيع، مما أثار أسوأ أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، وزاد المخاوف فى الغرب من أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ربما يرسل أيضا قواته إلى شرق أوكرانيا. وأبلغ سفير أوكرانيا لدى المقر الأوروبى للأمم المتحدة فى جنيف دبلوماسيين يوم الخميس، أن روسيا ربما تجهز لغزو عسكرى لمزيد من أراضى أوكرانيا لكن موسكو نفت ذلك. وعلى الرغم من تأكيداته فإن وزير الدفاع الروسى امتنع عن أن يبلغ هاجل بموعد انتهاء التدريبات العسكرية الروسية. وقال كيربى «قال الوزير إنه ليس لديه جدول زمنى مؤكد»، مضيفا أن هاجل كان «واضحا وحازما» فى إبلاغ شويجو أن سيطرة القوات الروسية على القرم يجعلها تتحمل المسؤولية عن الحوادث التى تقع هناك. وأضاف كيربى أن هاجل عبر عن قلق خاص بشأن استخدام القوة فى القرم، والهجوم على القاعدة البحرية الأوكرانية وقتل ضابط صف أوكرانى. كما أن جماعات المصالح فى أوروبا من المتوقع أن تقاوم بقوة أى تحرك لفرض عقوبات على روسيا بسبب التأثير السلبى المتوقع على التعافى الاقتصادى الهش فى أكثر من بلد أوروبى. وبالفعل فقد حذرت أكبر رابطة تجارية ألمانية من أنه إذا تسبب تصاعد المواجهة بين موسكو وأوروبا بسبب أوكرانيا فى فرض عقوبات اقتصادية، فإن أكثر من 6000 شركة ألمانية تقوم بأعمال مع روسيا ستتكبد خسائر كارثية.