· انخفاض المساحة المزروعة بالقطن كارثة والحجر الصحي مسئول عن مصيبة اللحوم «المدودة» ووجود السلع الفاسدة في الأسواق يعني أن الأجهزة الرقابية «مش شغالة» · خلال وزارتي كان مسئولو المالية يعتبرون الدعم المقدم لمربي الماشية «مصاريف علي الفاضي» ولهذا توقف الدعم لصالح الحيتان · دمج التموين في وزارة التضامن خطأ كبير والدعم النقدي قد يدفع رب الأسرة إلي إنفاق الفلوس علي هواه «ومايوكلش العيال» · حيتان الاستيراد أوقفوا مشروع البتلو الذي كان يوفر 200 ألف طن لحوم سنوياً وإقرار قانون سلامة الغذاء ضرورة حتمية في هذا التوقيت في ظل عشوائية السياسات الحكومية والتي أوصلتنا إلي حد استيراد أكثر من 60% من غذائها وخلقت سوقا محليا يسيطر عليه رهط من الحيتان المحتكرين يسعون بكل قوة إلي تفريغ المجتمع من مضمونه الاقتصادي بالقضاء علي الصناعة الوطنية وفتح الباب لاستيراد كل شئ في ظل غفلة تبدو متعمدة من حكومة تخلت عن أولي وأبسط وأهم دور لها وهو رقابة الأسواق تاركة المستورد والتاجر يطحنون في مستهلك لا حول له ولا قوة وراحت هي تسوق مبررات واهية لا مثيل لها في العالم تحت مزاعم آليات السوق كأحد محاور فلسفة الرأسمالية كما حرصت حكومتنا الرشيدة علي تطبيق أجندة صندوق النقد والبنك الدوليين بحذافيرها دون النظر إلي مدي ملائمتها البيئة المصرية من عدمه. وحول أوضاع السوق المصري واشتعال الأسعار التقينا الدكتور أحمد جويلي وزير التموين الأسبق وأمين عام مجلس الوحدة الإقتصادية العربية في حوار سألناه في بدايته: ما أسباب ارتفاع أسعار السلع الغذائية؟ - زيادة الأسعار بسبب قلة المعروض منها وللأسف معظم السلع الغذائية مستوردة من الخارج وبالطبع أسعارها تتزايد وهذا يترتب عليه زيادة في تكلفة الاستيراد والفارق يتحمله المستهلك بالطبع. بصفتك خبيرا زراعيا في الأساس هل تري أن السياسات الزراعية التي تطبقها الحكومة مناسبة أم تسيرفي الاتجاه الخاطئ؟ - أري أنها تسير في الطريق الصحيح في بعض الأشياء وتسير خطأ في أمور أخري فلا أحد ينكر أن انخفاض مساحة الأرض المزروعة من القطن خطأ فادح. من المسئول عن صفقات القمح الفاسدة واللحوم «المدودة» التي تدخل البلاد؟ - المسئولية هنا متعددة فالدولة لها أجهزة كثيرة جداً في هذا المجال ولو تكلمنا مثلا عن الإنتاج الحيواني من اللحوم والدواجن سنجد الحجر البيطري هو المسئول عن هذا القطاع وفي الحبوب والنباتات وخلافه يكون الحجر الزراعي هو المسئول عن مراقبة والكشف علي هذه السلع وهناك أجهزة كبيرة موجودة وكون هذه السلع تدخل وهي غير صالحة يعني وجود أحد هذه الأجهزة لا يقوم بواجبه بطريقة صحيحة ما يتطلب إحكام الرقابة بالاشراف علي عمل الأجهزة الموجودة في الموانئ والمنافذ وهذا هو الأساس للسيطرة علي البضائع المتداولة كما أن عدم محاسبة المستوردين بالشكل الملائم والتساهل معهم جعلهم يستخفون بصحة المواطن ويستوردون أسوأ أصناف الغذاء له. السوق يشهد ارتفاعا غير مسبوق في أسعار اللحوم فهل لك أن تحدثنا عن مشروع البتلو الذي نفذته أثناء توليك للوزارة وسر اختفائه بعد ذلك؟ - مشروع البتلو كان أحد أهم المشروعات في الفترة التي كان لي فيها شرف تولي وزارة التموين وكنت المحلل الاقتصادي له وكان يوفر لمصر كميات لحوم كبيرة تصل إلي حوالي 200 ألف طن سنوياً كما كان يشكل نوعا من التنمية لصالح المزارع البسيط ويجعلنا لا نستورد أي لحوم ونأكل لحوما آمنة. وتطور هذا المشروع وكان هناك خطة موضوعة للمضي فيه للوصول إلي معدلات انتاج كبيرة جداً ولكن للأسف كانت هناك حرب كبيرة جداً ضده. وأذكر أن وزارة المالية التي كانت تعطينا هذا الدعم لم تكن علي وفاق معنا وكان القائمون عليها يقولون إن هذا الدعم انفاق علي الفاضي وبالتالي تم وقف الدعم الذي كنا نقدمه للمربين وبدأ المشروع في الانهيار وأعتقد أن هناك بعض الحيتان من المستوردين كانوا وراء هذا الافساد لفتح المجال أمام الاستيراد. قانون سلامة الغذاء كيف تراه وهل نحن في احتياج له أم لا؟ - قانون سلامة الغذاء لابد أن يخرج إلي النور في هذا التوقيت المتأخر لأن هناك أشياء سلبية كثيرة ظهرت في السوق المصري وبالتالي يجب سن القانون ليكون رادعا لهذا الكم من المخالفات التي تملأ السوق والتصدي للعشوائية الموجودة فيه وأهمها الغش التجاري. ما تقييمك لأداء وزارة التضامن الاجتماعي؟ - وزارة التضامن الاجتماعي في شكلها وموضوعاتها تؤدي دورا حيويا سواء من ناحية المعاملات الإنسانية أو الضمان الاجتماعي اضافة إلي قطاع الأسر المنتجة فهي لها مجالات كثيرة جداً وفي الفترة الماضية ثقلت مهامها باضافة قطاع التموين لها وأري أن هذا خطأ كبير لأن التموين ليس وظيفة وزارة التضامن ولا المفروض أن يكون من مهامها. وزارة مسئولة عن التموين ومعاش الضمان الاجتماعي ومعاملات إنسانية هل تري أن هذا الوضع سليم؟ - التموين مختلف نهائي عن أنشطة وزارة التضامن لذلك أنا ضد ضم التموين إلي وزارة التضامن. يقال إنه تم دمج الشئون الاجتماعية والتموين للسيطرة علي أموال المعاشات والتي تخطت 400 مليار جنيه.. ما تعليقك؟ - نظرية الدمج جاءت من منطلق أن التموين يدعم بعض السلع والتضامن هدفه اجتماعي ولكني مازلت أري أن التموين قضية بعيدة تماماً عن التضامن. ما رأيك في البطاقة الالكترونية التي يحصل بها المواطن علي التموين؟ - البطاقة الالكترونية وسيلة حديثة لتسهيل العمل في توزيع السلع التموينية وأراها مميزة. أيهما تفضل الدعم العيني أو النقدي؟ - أنا ضد الدعم النقدي لأنه قد يساء استغلاله فالدعم العيني سلعة وكل أفراد الأسرة لهم نصيب فيها أما النقدي فهو فلوس تدخل جيب رب الأسرة من الممكن أن ينفقها علي هواه أو مذاته وما يوكلش ولاده. ولكن إذا ما حولت الحكومة الدعم فعلاً إلي نقدي ماذا سيكون الوضع؟ - سيسبب ذلك مشكلة كبيرة جداً لأن معدل التضخم سيزيد بشكل كبير وتحدث مشكلة أكبر للاقتصاد المصري من الآن. وأنت وزير للتموين كيف واجهت احتكار السلع؟ - كان لدينا أجهزة تقوم بدراسة السوق كل حالة علي حدة وتضع السعر العادل للسلعة بالنسبة للمنتج وللمستهلك ولو وقع جزء احتكاري في السعر لأي سلعة كان يتم التنبيه علي البائع بالالتزام بالسعر الذي وضعته الوزارة كما أصدرنا قانونا للضبطيات القضائية للمخالفين من التجار وكان له بالغ الأثر في ضبط الأسواق وردع المحتكرين وضعاف النفوس وهذا القانون تم الغاؤه رغم فاعليته وجدواه في السيطرة علي السوق ولا أعلم إلي الآن لماذا تم الغاؤه. كانت هناك أزمة شهيرة بينك وبين الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق بسبب حيتان السكر فهل هم من كانوا وراء خروجك من الوزارة؟ - لا تعليق والله أعلم فهذا الكلام كان منذ عشر سنوات. هناك وزارء مثلك كان أداؤهم في الوزارة مميزا وواصل للناس ومع ذلك لم تستمر في منصبك وكثير من المسئولين أداؤهم في عملهم ضعيف ولا يضيفون سوي المرض للمجتمع ومع ذلك نراهم مستمرين لسنوات طويلة. فما المعيار الذي علي أساسه يتم استمرار أو عزل المسئول في مصر؟ - لا يوجد أي معيار. من المسئول عن أن مصر الدولة الكبيرة في الألفية الثالثة مازالت تتحدث عن مشكلة رغيف عيش وأنابيب بوتاجاز بينما نجد مثلا إيران أو إسرائيل تركز في صناعة طائرة بدون طيار وإرسال سفن فضاء للقمر؟ - المسئول هو الذي تسبب في خلق مشكلة رغيف العيش والبوتاجاز وأعتقد أن هناك كفاءات مفرومة في هذا البلد. كيف تري مستقبل مصر الاقتصادي في ظل الأداء الحكومي الحالي؟ - مصر لديها امكانيات عظيمة تستحق أن تأخذ مكانة اقتصادية أكبر مما هي عليه الآن ولكنها تحتاج إلي جهد أكثر مما يبذل الآن سواء من النظام أو الحكومة أو الشعب فالسياسات الحكومية المتعاقبة هي التي أوصلتنا لأن نستورد 60% من غذائنا الآن.