· صلاح الصايغ: الشاذلي يتمتع ب«الحكمة» وعز ب«الحنكة» وكلاهما سعي للسيطرة علي النواب ولكن الفساد في عهد الشاذلي أكثر · عمرو هاشم ربيع: عز «غشيم» والشاذلي «عمدة» والحديث عن تزاوج السلطة بالمال يعني أحمد عز هبة معروف فاتن الزعويلي كمال الشاذلي وأحمد عز كلاهما من رجال النظام الأقوياء يلعبان دورا كبيرا في إدارة وتسيير دفة الحزب الحاكم، وفي قيادة لجام مجلس الشعب ونوابه من الأغلبية. الأول سلم الراية مضطرا للثاني الذي حل محله في كل المناصب بين الرجلين اختلافات كثيرة في الشخصية وأسلوب الإدارة وكل منهما ينتمي لمدرسة تختلف عن الأخري لكن كل واحد منهما جاء في وقته المناسب، ومع ذلك فهما يتشابهان في قوة الشخصية والكاريزما التي مكنت لهما قيادة الحزب والمجلس. في السطور القادمة نستطلع آراء سياسيين وباحثين ونواب برلمانيين عاصروا الرجلين في شخصيتهما.. بداية قال عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إن الشاذلي وعز استخدما كل قواهما للسيطرة علي الحزب الوطني ونوابه، ولكن الأسلوب اختلف في قيادة الهيئة البرلمانية بمجلس الشعب، فأحمد عز يتمتع ب «الأدب» في توجيه الأعضاء علي عكس الشاذلي الذي يستخدم أسلوب الأوامر الصريحة والتوجيه المباشر لهم بالإضافة لأسلوب الترهيب والثواب والعقاب حيث يذكر صراحة بسحب الثقة من نائب معين أو تقديم طلب احاطة ضده، وتجديد الترشيحات في الحزب ووصل الأمر للتهديد بإصدار شيكات بدون رصيد لبعض النواب، وإذا أراد توجيه النواب لرأي معين يتحدث بصوته وبالتصريح للنواب بذلك حيث يعتمد علي منطق كبير «العيلة» و«العمدة» عكس عز الذي يستخدم أسلوب «التلميح» للنواب، ويتبع أسلوب «تقني» لا التهديد فيتحدث عن مجمعات انتخابية واستطلاعات رأي وأمانة مركزية ووصف ربيع الاثنين قائلا: عز «غشيم» والشاذلي كان «عمدة» ويسير بمنطق «المصطبة»، ويستطرد موضحا أن الظروف خدمت عز أكثر من الشاذلي والتكنولوجيا كذلك مثل الموبايلات التي يمكن عن طريقها احضار النواب كلهم برسالة موبايل وتوجيههم برسالة أخري للموافقة علي قانون ما! أما عن الفساد في عهد الشاذلي وعز فأكد ربيع أن الفساد في عهد عز وصل للركب ولم يكن مثيله في عهد الشاذلي، ولا توجد مقارنة في ذلك بينهما فعندما نتحدث عن تزاوج السلطة بالمال نتحدث عن أحمد عز، كما أن عهد عز كان الانتخاب بالنظام الفردي مما أدي لزيادة نسبة رجال الأعمال النواب، أما عهد الشاذلي فشهد القائمة النسبية الذي كان منذ عام 1984 حتي 1990 بالإضافة لمقعد فردي لكل دائرة. كما أن مجلس الشعب في عهد الشاذلي كان «محترم» أما الآن فأصبح «الشبشب» ونواب القمار والنقوط والقروض والاستثمار والعلاج علي نفقة الدولة. ويري صلاح الصايغ النائب الوفدي إن كلا من الشاذلي وعز سعي للسيطرة علي النواب في عصره، ولكن الفساد كان في عهد الشاذلي أكثر والشاذلي يتمتع بالحكمة أما عز فيتمتع بالحنكة، واستطرد قائلا: «وأنا بصفتي نائب معارض معجب بحنكة عز فهو يستطيع توجيه نوابه بحرص شديد ولديه كفاءة ووعي لقيادة أمانة التنظيم أكثر بكثير من الشاذلي! أما عبدالرحيم الغول زعيم الأغلبية بالمجلس فيقول إن كل فترة في المجلس ولها ظروفها ومناخها، وأن الشاذلي قاد الأغلبية بكل اقتدار كما أنني كنت أعتقد أن مهمة أحمد عز سوف تكون صعبة ولكنه تعامل بأسلوب حضاري وسليم وقاد الأغلبية إلي بر الأمان واللقاءات المستمرة التي يعقدها عز عندما كنا نقدم استجوابا آتت ثمارها ولم تكن موجودة في فترة كمال الشاذلي، فكنا ندخل القاعة معتمدين علي «كمال» ولكن «عز» كان يأتي بالوزير إلي القاعة ويتنافش وكنا نستطيع أن نحاسب الوزير أكثر مما تحاسبه المعارضة. كما أن فترة عز مبنية علي العلم والمعرفة وبأسلوب حضاري، أما «الشاذلي» فاعتمد علي قدرته الخاصة وحراكه داخل القاعة. ويضيف الغول: مع «عز» كنا نعيش المشكلة مع الوزراء، كما أن ايجابياته كثيرة مثل العلاقات المتعددة مع الأعضاء والحركة داخل القاعة بموضوعية وعلمية. ويري النائب المستقل «سعد عبود» أن الفترتين مليئتين بالسلبيات ولا فرق بينهما، فالشاذلي من المدرسة القديمة وهي مدرسة العائلات والقبائل أما عز فانتهج منهج السطوة والنفوذ بعيدا عن العشائرية. والشاذلي كان لا يمتلك سطوة المال التي يمتلكها عز الآن فما يمكن أن يقال إن حجم الفساد في عهد الشاذلي وعز شديد جدا ولكن الاختلاف قبل عز أي قبل حكومة رجال الأعمال كان هناك تزاوج بين رجال السلطة والثروة والآن رجال الثروة هم الذين يمتلكون السلطة. وأضاف عبود أن النظام عندما أطاح بالشاذلي وجاء بعز كان ذلك بسبب دخول جمال مبارك معترك الحياة السياسية فهذا هو العامل الأساسي لدخول عز لعبة السياسة وامتلاكه لجميع زمام الأمور وكان من الطبيعي الاطاحة بمن يخالف سياستهم وفكرهم وهو ما ينطبق علي الشاذلي، في محاولة لانتقاء عناصر تحت ما يسمي بلجنة السياسات وهي ملعب عز الآن ولديه جميع الصلاحيات التي فاقت صلاحيات الشاذلي في عهده. وعن معاملتهم داخل المجلس أكد «عبود» أن الشاذلي كان يتعامل مع النواب بمنطق ابن البلد علي المستوي الإنساني بعيدا عن الاستغلال السياسي وعن منصبه، فقد اصطدمت معه عدة مرات ومع ذلك ظلت علاقتي به جيدة علي المستوي الإنساني مهما كانت الأزمة لأنه كان يتعامل بحرفية سياسية عالية، أما عز فتعاملت معه عن قرب وهو شخصية غير ودودة ومتغطرس ومتعال، ويتعامل مع النواب بصيغة «الآمر الناهي». أما النائب «رجب هلال حميدة» فقال عن الشاذلي إنه كان يتعامل مع أعضاء البرلمان والصحافة والإعلام بحرفية السياسي المخضرم الذي استطاع تحصين نفسه في مواجهة جميع المتغيرات السياسية في كل مرحلة، ومن ثم كان يستطيع تجميع أكبر قدر من جميع الاتجاهات داخل البرلمان بما فيها الأكثر تشددا في مواجهة السلطة واستطاع التعامل معها جميعا بسهولة ويسر، أما عز فيتعامل مع كل حالة بطبيعتها ومعطياتها ويتشدد فيما يحمله من أفكار وتوجهات محاولا الانتصار دائما بمبدأ مؤمن به مدافعا بقوة عن فكرته دون الاهتمام بالأخرين. ويضيف حميدة: الشاذلي كان يجيد المؤامرات والمناورات السياسية أما عز فلا يؤمن باستخدامها، ولم يوائم أحدا أو يناور فكرا وهو أي عز حقق الانضباط عند أعضاء الوطني بالهيئة البرلمانية أكثر من الشاذلي الذي كان الوضع في عصره لا يعبر عن وحدة الفكر أو توحد العمل المشترك فكانت هناك حالة من العزف النشاز الذي انتج ضعفا كبيرا في الحزب الوطني يحاول عز أن يخرج منها إلي حالة القوة والقدرة علي المواجهة فهو متشدد في إدارته للأمور ويلزم من يعمل معه بالانضباط الذي سبب له في المقابل بعض النزاعات والخلافات.. ويوضح حميدة أن عز أكثر وضوحا وشفافية من الشاذلي ويرجع ذلك إلي أن عز لم يتمرس في أعمال سياسية سابقة، أما الشاذلي فاستفاد كثيرا من تاريخه السياسي وعمله المتواصل والمتتابع مع ثلاث مدارس فكرية متغيرة استطاع أن يكون أكثر حيطة. ويقول الكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل أن الفرق بين الشاذلي وعز هو الفرق بين نوعين من الصرف الصحي!! فهناك صرف مغطي وآخر مكشوف، فالشاذلي أقرب للأول وعز أقرب للثاني، والشاذلي كان في النهاية جزءا من البيروقراطية السياسية المصرية التي فسدت بمرور الوقت، وتداخل عنصر المال مع عنصر السلطة، كما أن الصرف المغطي الذي أقصده أنه كان هناك نوع من السيطرة علي الأعضاء وانتقائهم أو توفير فرص الترشيح علي قوائم الحزب الوطني بنوع من المقايضات المالية المعطاه اتساقا مع جزء من شخصية الشاذلي كجزء من البيروقراطية.. فهي تميل إلي أن تخبئ ذقنها وتحاول أن تظهر أن القضية قضية ورق وإجراءات وأشياء من هذا القبيل، أما عز فهو انتقال من الصرف المغطي إلي المكشوف فقوة المال عارية وبهذا نكون انتقلنا من السلطة التي تصنع المال إلي المال الذي يصنع السلطة. وأوامر أحمد عز في المجلس اصبحت في أحكام «الالهية» وهذا إجراء لسيطرة المال المباشرة وهو واضح جدا في أمور كثيرة منها مثلا قانون الاحتكار الذي تقدمت به الحكومة ورأي أحمد عز أن يعدله فتم التعديل فسطوة أحمد عز علي غيره من البرلمانيين واضحة فهناك مثلا زعيم الأغلبية الآن وهو عبدالأحد جمال الدين فلا أحد يسمع عنه شيئا لأنه أقرب إلي بنية الشاذلي أو البيروقراطية الذاهبة.