كانت أكبر المفاجآت في سينما 2009، أن تامر حسني كان نجمها الأول، وحقق أعلي الإيرادات متفوقاً علي عادل إمام وأحمد حلمي وأحمد السقا ومحمد سعد وأحمد مكي، الذين يتباهون بأنهم نجوم السينما والإيرادات.. فها هو «المطرب» الصعلوك يكتسح! هذا النجاح الساحق جعله لايتردد في افتتاح الموسم الصيفي الذي بدأ مبكراً هذا العام بفيلمه الجديد «نور عيني» رغم تخوف جميع نجوم السينما، ووسط دهشة المنتجين والموزعين الذين أكدوا أن الموسم هذا العام «مضروب» لأسباب كثيرة، وحقق تامر حسني ما يقرب من خمسة ملايين جنيه، وأعاد الجمهور لصالات العرض، ثم تعثر عرض فيلم «الديلر» لأحمد السقا، فاستمر تامر حسني «المحظوظ» للاسبوع الثاني بلا منافس، ولكن المشكلة أن الإيرادات هبطت إلي ما يقرب من النصف، وما أن أطل فيلم «عسل أسود» لأحمد حلمي حتي أصبح تامر حسني في خبر كان.. ويرجع السبب إلي أن الجمهور لم يكن سعيداً هذه المرة لا بالفيلم، ولا بتامر حسني. ما سر هذا التحول؟!.. أن تامر حسني كالمعتاد في أفلامه السابقة يقدم نفسه كمؤلف ومغني وممثل، وترك لأحمد عبدالفتاح كتابة السيناريو والحوار، وقام باستبدال المخرج أحمد البدري، بالمخرج وائل إحسان علي أساس أن هذا الاخير أكثرحرفية وخفة ظل ونجاحا جماهيريا.. إذن فإن تركيبة النجاح أو المعادلة لم تتغير، أو يبدو الأمر كذلك علي الاقل، فلماذا تراجعت الايرادات؟! يجب أن نتفق أولا أن تامر حسني قدم نوعاً من السينما الاستهلاكية التي استهوت جمهور الشباب المراهقين الذين منحوه شعبية كمغني فهو مثلهم متمردا بداية من تسريحة الشعر وترك اللحية الفقيرة الشعر والتناسق وحتي الملابس الممزقة و«المرقعة» بالتمرد وسلوكياته تميل للاستهتار سواء تجاه الفتيات أو أوامر وتعليمات الكبار، ويستخدم مفردات لغتهم وبعض كلماتها المشفرة!.. هذا «النموذج» إذن هو سر نجاح تامر حسني، الذي جاء به الي الشاشة فكان له ملامح مختلفة وجديدة.. وما حدث أن المغني الشاب لم ينتبه أن هذا الشكل والأداء هو شفرة النجاح، فظهر بشخصية مغايرة في فيلم «نور عيني» فقد تخلي تماما عن شخصية المراهق المتمرد والمستهتر، واصبح عاقلا جداً، أو اكثر مما ينبغي. أراد تامر حسني بوصفه المؤلف والنجم الذي يصنع الفيلم من أجله أن يقدم شخصية الإنسان المثالي، فهو الاخ الأكبر الذي يرعي «شقيقه» الاصغر بعد وفاة والديه، وهو «الصديق» الصدوق لزميله التي تربي معه، وهو راعي «الخادمة» الصغيرة حسب وصية والديه، وهو الشاب الفنان الذي أحب برومانسية فتاة عمياء.. وعندما نسي نفسه مع الفتاة التي تطارده وتهواه رفض أن يكون «روش» معها مثل المراهقين، وقرر مرتين أن «يبصق» عليها.. منتهي القرف وقلة الاحترام للمشاهدين!! هنا أصبح تامرحسني بالنسبة للمراهقين مثل «الكبار» الذين يصدرون الأوامر والنصائح.. فهو مع صديقه «عمرو يوسف» يطلب منه التحدي وعدم الاستسلام بعد أن ذهبت الوظيفة التي يستحقها الي ابن مدير المستشفي، ويأمر شقيقه «إسلام جمال» أن يكف عن تعاطي الحشيش والمخدرات تارة بالنصيحة وأخري بالضرب أما عن رومانسية تامر حسني فحدث ولا حرج، فهو رقيق وحالم بما يلقيه من إفيهات ونكات لاتضحك إلا سواه، وطبعا «نور عيني» المقصود بها الفتاة العمياء التي أحبها فحتي عنوان الفيلم «إفيه» أو لعل العنوان مأخوذ عن أغنية «جواب» لعبدالحليم حافظ التي يبدأها: نور عيني روح قلبي حبيبي حياتي.. وطبعا المغني الشاب لايملك رومانسية عبدالحليم حافظ لاشكلا ولا سلوكاً فهو صاحب الأغنية التي تقول: «أحسن حاجة فيك.. هي دي» ثم ينظر إلي خلفية الممثلة التي أمامه!! عندما قرر تامر حسني «المؤلف» أن يغير من الشخصية التي اشتهر بها «المغني» وأن يغير صورته أمام الناس، خرج من عبأة «الصعلوك» إلي جلباب «المثالي» فلم يصدقه أحد وهو نفسه لم يصدق هذا فلجأ الي الافلام القديمة ليبدو محبا شديد الوفاء لفتاة عمياء والصديق الذي يترك حبيبته من أجل صديقه والراعي لشقيقه بعد وفاة والديه وفي هذا الثوب الجديد يقرر بالمرة أن يصالح عمرو دياب فيغني إحدي أغنياته.. وهكذا سقط تامر حسني لأنه ظل علي الشاشة طوال الوقت كاذباً ومدعي.. ومن أجل أن يقدم هذه «التوليفة» خرج الفيلم مهلهلاً بالحكايات والمواقف غير المترابطة أو المسلية.. وعلي الفور تهاوت الايرادات. إن الحديث عن أي فنيات أومشاهد ايجابية في فيلم «نور عيني» نوع من العبث، فهو ليس فيلما أصلا، ولا شك أن «منة شلبي» ممثلة أهم من أن تشارك في مثل هذه الأفلام.. أما بالنسبة للمخرج وائل إحسان فلم أكن أعرف أن «أكل العيش مر» لدرجة اخراج مثل هذا الفيلم.. خسارة. وبعد.. إن جمهور السينما الذي رفع أسهم تامر حسني حتي قفز إلي المركز الاول في ايرادات العام الماضي، هو نفسه الذي انصرف عن فيلمه الجديد بعد خمسة أيام فقط من العرض، ووجه له انذاراً أخيراً قبل السقوط، فالمشاهد قد تستهويه ألعاب «الروشنة» الجديدة وغير المستهلكة حتي لو لم تكن فناً، ولكنه يسقط فوراً الفنان الكاذب المدعي الذي يحاول أن يضحك عليه!